قبل عام ونصف العام كان اري اسكاندا ربما يخاطر بحياته حين يبيع
تسجيلات موسيقية واقراصا رقمية مدمجة غربية في متجره الصغير علي الشارع
الرئيسي في بلدة بيارة في المنطقة الكردية في العراق .. فقد كانت هذه
المنطقة الجبلية النائية القريبة من الحدود الايرانية معقلا لجماعة
انصار الاسلام المتشددة التي ترتبط بتنظيم القاعدة وابو مصعب الزرقاوي
المتشدد الاردني المولد الذي يعتقد انه العقل المدبر لسلسلة من الهجمات
الانتحارية في العراق. وفي ظل النظام الاسلامي المتشدد الذي فرض علي
بيارة منعت المرأة من ممارسة اي نشاط اجتماعي واجبرت الفتيات علي
ارتداء الحجاب وحظور حفلات الزواج. وحتي التدخين كان ممنوعا. ويقول
اسكاندا (28 عاما) والابتسامة تعلو وجهه مشيرا الي ملصقات تحمل صور
فنانات يظهرن مفاتنهن تزين متجره (لم يكن هناك من يعيش حياته حين كان
هؤلاء الناس هنا. تغير كل شيء الان). وتابع (ابيع الويسكي والجعة لكن
في السر لان السكان هنا مازالوا محافظين الي حد ما.. ولكننا اصبحنا
احرارا).
وتفرقت السبل باعضاء جماعة انصار الاسلام في بداية الحرب في العام
الماضي بعد ان هاجمت قوات التحالف والقوات الكردية مواقعها بصواريخ
كروز وقوات برية. وفر السكان حين بدات الهجمات واصيبت ممتلكات كثيرين
باضرار ورغم ذلك يري البعض انه ثمن هين. وتقول ديلواز اسد رئيسة مركز
ثقافي نسائي جديد في بيارة (دمر منزلي نتيجة الانفجارات. لم نحصل علي
تعويضات ولكن للامانة كنا نأمل ان يحدث ذلك في وقت سابق). والان تعلم
اسد (37 عاما) فتيات اجبرهن متشددون علي ترك مدارسهن منعا لللاختلاط في
الفصول الدراسية. وتمول وكالة معونة المانية المركز الذي ينظم ايضا
جلسات تجميل ودورات للحياكة ومناسبات اجتماعية مسائية. وقالت اسد (منعونا
من الخروج لذا نستمتع الان بما افتقدناه من قبل. نستغل اي فرصة لاقامة
حفل).
وترجع اصول جماعة انصار الاسلام للجماعات المتشددة المنبثقة عن
الحركة الاسلامية في كردستان وهو حزب سياسي تشكل في اواخر الثمانينيات
عقب اضطهاد الرئيس السابق صدام حسين للاكراد. ويقول الملا عبد الغني
أحد مؤسسي الحركة والذي استقال في وقت سابق من هذا العام حين رفضت
الحركة ادانة تفجيرات انتحارية اسفرت عن مقتل أكثر من مئة في اربيل
عاصمة المنطقة الكردية (توجد اراء متباينة. البعض رفض الاستماع
للاغلبية وسار في اتجاه معاكس). ويقول مسؤولو امن اكراد ان الجماعات
المتشرذمة المختلفة تمركزت فيما بعد في مناطق جبلية يصعب الوصول اليها
قرب الحدود مع ايران بما يسمح لها بالتسلل عبر الحدود هربا من السلطات
الكردية.
ويعتقد ان عدد افراد هذه الجماعات لا يزيد عن بضعة مئات غير انها
تضم مقاتلين اجانب بعضهم اكتسب خبرة عسكرية في افغانستان. وتدريجيا
اندمجت الجماعات المختلفة تحت راية انصار الاسلام.
وقال مسؤول كردي بارز رفض نشر اسمه (ظهرت جماعات مثل جند الاسلام
والتوحيد وكانت لديها افكار قوية وحصل زعماؤها علي دورات تدريب في
افغانستان). واضاف انها كانت علي صلة بتنظيم القاعدة الذي يتزعمه
المتشدد سعودي المولد اسامة بن لادن منذ البداية. وتابع (يتيح موقعهم
وصول كل من يريد الانضمام اليهم.. (جاء) افغان ويمنيون.. وصل مجاهدون
من خارج كردستان في تشرين الاول (اكتوبر) 2001 وتأسست انصار الاسلام).
|