|
|
مفاعيل حقوق
الإنسان بين الماضي والحاضر |
إعداد وقراءة: بسام محمد
حسين |
أوضحت مقالة تحليلية لواقع حقوق الإنسان في العالم العربي باعتبارها
منصة أخلاقية يقف بحق والالتزام جسراً إلى المزيد من الحقوق وطرحت
السؤال لماذا حقوق الإنسان: هل تستطيع ولو للحظة أن تتصور أن يجعلك
أحداً عبداً له أو ملكاً له من بين أملاكه من الأشياء والدواب؟ لا شك
أن تنفر من مجرد طرح هذا السؤال عليك وقد تعتبره أهانه، فأنت تأخذ
حريتك وحقك في الحرية كأمر بديهي غير أن الأمر لم يكن ذلك في الماضي،
لا فقط في بلادك وإنما في الغالبية الساحقة من بلاد العالم، فقد كانت
العبودية أمراً شائعاً واعتبرها كثيرون هي في الماضي أمراً بديهياً،
وقد سمحت به أنظمة سياسية وعقائدية واجتماعية كثيرة، بل واستمر حتى بعد
أن تم إلغاؤه بمجرد إصدار قانون في مناطق كثيرة من العالم، والأسوأ من
ذلك أشكالاً مستحدثة، من العبودية لازالت قائمة إلى اليوم، في مناطق
متفرقة من العالم بما في ذلك بعض مناطق من عالمنا العربي، لقد بررت
العبودية بادعاءات مختلفة مثل بعض الناس متفوقون بطبيعتهم، أي بحكم
لونهم وأصلهم العنصري أو العرقي أو الديني أو ثقافتهم، أو غير ذلك من
الاعتبارات الموروثة، على بعض الآخر الذين يخالفونهم في هذه الاعتبارات
وقد شكلت تلك العقيدة بتلاوينها المختلفة أحد العناصر الأساسية لتفنين
العبودية، غير أن العنصر الحاسم في وجود هذه الحالة هو الممارسة غير
المقيدة للقوة، سواء من جانب شخص ضد شخص بسبب فوارق القوة الجسمانية،
أو جماعة ضد جماعة وشعب ضد شعب (بسبب خوارق القوة في مجال الأسلحة أو
في المجال الاقتصادي أو المالي أو غيرها، فقد كان شائعاً أن يحول أسرى
الحروب إلى عبيد، ثم يورثون هذه الصفة من جيل لآخر، وحين جرت الحروب
لأسباب عديدة فقد تم بعضها بهدف محدد، وهو الحصول على عبيد، وعندما
تكون فوارق القوة كبيرة جداً بين أبناء شعب أو أقليم معين، وأخر يتحول
شن الحرب بقصد اتخاذ أسرى وتحويلهم لعبيد إلى نوع من صيد البشر، بالضغط
بالطريقة التي لا زال يتم بها صيد الحيوانات، أما العنصر الثالث والمهم
فهو إمكانية التجارة في البشر أي ببيعهم وشرائهم سواء في أسواق علنية
ومقننة، أو في أسواق سرية ومحرمة، وطنياً أوعبر الحدود على مستوى عالمي،
أن التبرير العقيدي إذن هو العامل المهم في مؤسسة العبودية الممارسة
غير المقيدة، وإمكانية بيع وشراء البشر يكفي تماماً لإيجاد هذه المؤسسة
التي يبحث لها منظروها عن مبررات وأسانيد ليس لها أي قيمة في التاريخ
الواقعي، فقد وقع في الأسر وتحول إلى عبيد في الماضي أبناء كل الأجناس
والسلالات والأديان والثقافات واللغات، وقد انتهى الأمر في القرون
الماضية فقط إلى وجود فوارق كبيرة في القوة المسلحة بين أبناء شمال
العالم، وأبناء جنوبه، وذلك بصفة تقريبية للغاية، ولذلك صار أصحاب
اللونين الأسود والأسمر هم أكثر من تم الزج بهم إلى مؤسسة العبودية،
ولكن في القرون الوسطى والعصور القريبة، كان العكس شائعاً بنفس الدرجة،
فكان أصحاب اللون الأبيض يزج بهم كعبيد، ويتم أسرهم واصطيادهم بنفس
الطريقة التي داهمت أصحاب اللون الأسود، بعد ذلك، ويصدق ذلك على بقية
الاعتبارات فقد حول أبناء دين معين لبعض المنتسبين لغيره من الأديان،
أو الثقافات إلى عبيد، وكذلك فعلوا مع بعض شركائهم من نفس الدين وذات
الثقافة – التبرير العقيدي إذن ليس أمراً ذا بال وليس له دور يذكر في
إقامة العبودية، وليس له أدنى مصداقية وإنما القاعدة العقلية لمؤسسة
العبودية تمكن في التوظيف المطلق للقوة، والآن آن الأوان لطرح السؤال
الجوهري والذي يعده مفتاحاً لفهم مجمل نظام حقوق الإنسان وهو بين توظيف
القوة لإيقاع بعض البشر في شكل من الحرمان والانكار مثل العبودية وبين
توظيفها للإيقاع بهم في شكل آخر من العبودية.
Bissam-z@yahoo.com |
شبكة النبأ المعلوماتية -
الأربعاء 15/9/2004
- 28/
رجب المرجب/1425 |
|