كان مالك عبد الوكيل يخشى في عهد صدام حسين أن يتحدث بحرية حتى مع
نفسه. الان بوسعه ان يعبر بصراحة عن ارائه للناس بل وأن يفعل ذلك على
مسمع من الجميع عبر الراديو.
قال الضابط المتقاعد "أشعر بأنني أستطيع أن انتقد أي مسؤول في
الحكومة. أستطيع قول ما أريد بحرية. الان أعبر عن نفسي وارائي بدون خوف."
وتابع "لم نكن نستطيع التعبير عن ارائنا من قبل. كنا مقيدين."
وعبد الوكيل يتصل بانتظام براديو دجلة وهو محطة اذاعية جديدة قدمت
تجربة غير مسبوقة للعراقيين حيث يمكنهم بث مظالمهم عبر الاثير على
الهواء.
قال عبد الوكيل "انتقدت مدير عام أحد البنوك بشأن تسهيلات ائتمانية
وانتقدت وكيل وزارة الداخلية بسبب الامن. تحدثت بصراحة وقلت كل شيء."
وتابع "راديو دجلة منصة اعلامية لنا. نحتاج الى مثل هذا الراديو.
نستطيع ان نتحدث بحرية الان."
وفي عهد صدام حُرم العراقيون من فرصة التعبير عن أنفسهم عبر وسائل
الاعلام حيث كانت الاذاعة والتليفزيون تحت سيطرة الدولة. والان رغم أنه
مازال لديهم الكثير مما يمكن ان يشكوا منه فانه بوسعهم على الاقل اسماع
شكواهم لمن يهمه الامر.
وقال احمد الركابي مؤسس ومدير راديو دجلة ان "واقع الشارع العراقي
هو ما شجعه."
وتابع "انهم بحاجة الى طريقة للتعبير عن أنفسهم... لقد حرموا من
التعبير بحرية عن ارائهم. ثمة حاجة الى مثل هذه المحطة الاذاعية."
وقال الركابي ان الامر بدأ كفكرة لخلق "جسر" بين السلطات والشعب.
وقال "تحتاج السلطات الى معرفة صورتها عند الناس. وهذا هو السبب في
اننا بدأنا المشروع ولمساعدة العملية الديمقراطية ولاعطاء العراقيين
فرصة لاسماع صوتهم."
ومضى يقول ان راديو دجلة هو أول محطة اذاعية عراقية تستضيف وزيرا
عراقيا في الاستوديو ليجيب على مكالمات المستمعين مضيفا ان ذلك أمر
تاريخي في العراق. لم يحدث من قبل أبدا أن كان هناك وزير في الاستوديو
يتصل به الناس ليوجهوا مايشاءون من انتقادات.
وتابع الركابي "نحن فخورون بذلك اليوم. رأيت الديمقراطية في ذلك
اليوم."
وقال ان الراديو مفتوح أمام جميع المستمعين لكن ثمة قواعد لابد من
احترامها. فمن غير المسموح التحريض على العنف أو الكراهية أو الطائفية
أو تشويه السمعة.
وتبث المحطة برامج تغطي جميع المجالات السياسية والاجتماعية
والدينية والقانونية والثقافية والترفيهية. وتعتمد معظم البرامج على
مستمعين يعبرون عن أنفسهم عبر الهاتف.
وحققت الاذاعة شعبية كبيرة بين الناس. وفي أي سيارة أجرة يمكن
الاستماع الى الاذاعة وغالبا ما يحرص السائقون على مناقشة اخر
الموضوعات مع الركاب.
وقال الركابي ان العراقيين سعداء بالدور الذي يلعبه راديو دجلة.
وأضاف "انه نتيجة لواقع أننا مستقلون واننا لكل العراقيين."
لكنه يقول ان للمحطة مشكلاتها.
وقال "راديو دجلة جديد ليس فقط للعاملين بل ايضا للمستمعين.
"المشكلة الرئيسية التي واجهناها هنا هي العقلية التي أفرزها النظام
القديم .. كيف يمكن التخلص من الخوف داخل مذيع عندما يتحدث الناس الى
مسؤول."
ومفاهيم مثل الموضوعية والحياد تبدو غريبة بالنسبة لافراد الطاقم
الذين كانوا يعملون في عهد صدام.
وقال الركابي "فجأة طلبنا منهم أن يكونوا موضوعيين ومحايديين. لم
يكن الامر هينا بالنسبة لهم لكن التغير يمكن ملاحظته وأستطيع أن أرى
تحسنا كبيرا مقارنة بالبداية."
وبدأت المحطة بداية متواضعة حيث حصلت على منحة من منظمة أهلية
سويدية والتقنيات الفنية المستخدمة لبثها ليست متطورة للغاية. ويعمل
فيها نحو 50 موظفا بينهم الحراس. وقال الركابي انها تغطي الان تكاليفها
عبر الاعلانات.
وقال سيف الخياط مدير الاخبار ومذيع البرامج السياسية ان دور
الراديو هو أن يكون وسيطا بين المستمعين والحكومة.
وقال "اننا نسعى للتوصل الى صيغة يمكن في اطارها الجمع بين
المستمعين والمسؤولين. اننا نهدف الى خلق وعي جديد ورؤية جديدة للمواطن
العراقي. "
وتابع "سنوات القمع وحكم القبضة الحديدية جعل العراقيين يحجمون
ويتشككون عندما يتعلق الامر بالتعبير عن وجهات نظرهم وارائهم ".
وأضاف ان الحكومة مازالت تتعلم كيف تتعامل بصورة ملائمة مع وسائل
الاعلام وكيف تتقبل الانتقاد.
وليس جميع ضيوف راديو دجلة سعداء بالتجربة.
وقد شعر انور جاسم مدرب كرة القدم ومستشار اتحاد كرة القدم العراقي
بأن الانتقادات التي وجهها المستمعون في برنامج بث في الاونة الاخيرة
مضت أبعد مما ينبغي. وقال "نعم انها خطوة طيبة اذا ما وجهت بطريقة
ملائمة. انني سعيد لرؤية مثل هذه المحطة لكن هذه الظاهرة حدثت فجأة
للعراقيين وهم مازالوا لا يفهمونها."
وأضاف ان الامر سيأخذ بعض الوقت من الناس كي يتعلموا المسؤوليات
التي تأتي مع حرية التعبير.
المصدر: (رويترز) |