ما يزال الوضع العراقي الحالي في حالة خوف من المستقبل القريب
والبعيد نظراً لما يحاك ضد شعب ووطن وسيادة العراق من مؤامرات تستهدف
الإنسان العراقي قبل خيرات بلاده ولكن هذه المرة وأثر سقوط نظام
العملاء والجواسيس الصدامي البائد تبدو الحالة وكأن هناك حلقة من
المؤامرة الخارجية والداخلية على العراق هي المتوقع أن تبان خيوطها
عاجلاً أم آجلاً.
فالعراق ومنذ تغيير النظام الصدامي بأمر استعماري – إمبريالي يعاني
من فوضى سياسية وتشتت اجتماعي وتقلب اقتصادي وقد حقق كل ذلك تراجعات
رهيبة في كل مرافق الحياة أثر ما أتضح أن المحتلين الذين حلوا وألغوا
الدولة العراقية لم يضعوا أي خطة سريعة تكفل إدارة الأوضاع العراقية
المستجدة القادرة على رعاية شؤون أكثر من (25) مليون نسمة يتوزعون على
أرض البلاد الشاسعة كما كان لانبثاق (الهجمات الانتحارية) كأسلوب
مواجهة داخل العراق أمراً مفاجئاً للرأي العام العراقي خصوصاً وأن
الأمر لم يقتصر على ذلك بل تعداه إلى إجراء تفجيرات السيارات المفخخة
بالقنابل ذات الوزن الثقيل كما استعملت أسلحة فتاكة أخرى بدت وكأن
تدريبات طويلة قد جرت لإتقان استعمالها في حال زوال النظام إذ ليس من
المعقول أن الدقة في التصويب لدى القوى المسماة ظلماً بـ(المقاومة) هي
وليدة فكرة حدثت بعد سقوط النظام مما يدل عقلاً أن رؤوس تلك المقاومة
اللامقاومة وبحسب ترتيب السيناريوهات المعدة لمرحلة ما بعد صدام قد
أخذت احتياطاتها بالكامل لتوصل العراق إلى وضعه الحالي الذي يبدو عديم
الأفق السياسي المنفرج مما شكل ويشكل ضغطاً دائماً لإقلاق الداخل
العراقي وبصورة مبرمجة سلفاً.
وبحث سبل مواجهة الأخطار المحدقة بالعراق ابتداء من أحداث مدينة
الفلوجة إلى مدينة النجف وما تخلل من أحداث دامية نتيجة الصدامات داخل
مدن أخرى في شمال العراق كـ(الموصل) وبجنوبه مثل (البصرة) قد رفع من
جاهزية التصعيد إذ لم يمر يوم دون أن يسمع العالم ما يقع في العراق ما
زاد الهواجس والقلق على مصير العراق وطناً وشعباً واستقلالاً وسيادةً.
وقصة كل حدث في كل مدينة داخل العراق لها من التفاصيل التي تثير
السؤال المتوقع من هو الممول لأسلحة ما يسمى بالمقاومة ومن أين وكيف
يتدبرون أمر معيشتهم وهل أن حل الدولة العراقية السابقة بحسب ما قررته
قوى الاحتلال الأنكلو – أمريكية أثر (تمثيلية انهزام النظام الصدامي
السابق) قد أتاح الفرصة لكل من هب ودب كي يحصل على سلاحه الذي يحمله
الآن بتلك السهولة واليسر وبمعنى أكثر سخرية بعقول بعض الغشمة من
المدعين هل كان هناك معرض دائم لأنواع الأسلحة قد تم افتتاحه بعد سقوط
النظام وبدأ ذاك المعرض يوزع الأسلحة بحسب الراغب لاقتناء أي نوع منها
كالقنابل والصواريخ وبقي عنوان ذاك المعرض التسليحي مفتوحاً (24) ساعة
يومياً ويزود حتى زبائنه الجدد من غير أزلام صدام المجرمين ممن عبروا
الحدود من بعض دول الجوار المعادية أصلاً لطموحات الشعب العراقي في مثل
الديمقراطية واستعادة السيادة التي فقدها واقعاً بعد انقلاب سنة 1968
البكري – الصدامي المشبوه والمشؤوم.
ويبدو أن النجاح في زيادة تعميم القلاقل السياسية داخل العراق الذي
هو نجاح للمؤامرة الجارية لتعكير كل ما في البلاد يندرج ضمن خطة مسبقة
كانت وما تزال تقع ضمن استراتيجية تحطيم البلد وغلق أبواب الأمل
السياسي الإيجابي ضد المجتمع العراقي إذ ليس من المعقول أن المخربين
وعصاباتهم في أنحاء العراق قد أظهروا نشاطهم الإرهابي الفجائي وكأن
الأمر طبيعي أو أن تكون خلفيته تنطلق عن تجمع لمحاربة محتلين كما قد
يظن البعض دون انتباه كامل منهم لمجريات التحرك المعادي للعراق بعد أن
تبين أن الإطاحة بنظام الفريق السياسي الصدامي لم يعقبه تشكيل نظام
جديد ومباشر ولو تشكيل مؤقت كان بالإمكان أن يتفادى البلد من خلاله كل
ما حدث للعراق وللعراقيين من ويلات متعاقبة دفع ثمنها المواطنين
الأبرياء.
ودرس المسيرة التي بدأت منطلقة من مدينة البصرة يوم الخميس الموافق
للعاشر من شهر رجب وهو من الأشهر الحُرم إذ برر ذلك المسؤولون على
المسيرة بأنها تأتي لمناسبة عدم جواز الاقتتال بهذا الشهر إلا أن ما
حدث من تعريفي موكب المسيرة التي كانت بحماية خاصة من قبل قوات بدر
التابعة للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية وبتغطية مراقبة من قبل
الطائرات المروحية للقوات المحتلة الأنكلو – أمريكية وحدوث هجوم
بالقذائف التي مازالت هناك مجهولية لمعرفة نوعها التي تعرض لها الموكب
الذي يترأسه السيد السيستاني الذي قدم من لندن حيث تعالج فيها خصوصاً
وأن ثمار هذه المسيرة تبدو مؤجلة القطف حتى أن تحديد الرقم بأن ما يزيد
على مليوني شخص المشاركون في المسيرة قد قدرته جهة إعلامية بريطانية
وأمريكية تراقب عبر الأجواء من الطائرات المروحية عدد المشتركين في
المسيرة التي سمتها بـ(المسيرة الملاينية) بحسب تقديرات تلك الجهة
الأجنبية.
إن العراق في حالة ترقب وانتظار لما ستؤول إليه الأمور بمدينة النجف
ودون أن تتعرض لمزيد من الخطر. |