عن الباري عز وجل في كتابه الكريم: (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره،
ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره..).
أشياء صغيرة جداً تنقلك من عالم الاكتئاب الكالح العتمة، إلى عالم
الابتسامة المضيئة من أعماق القلب..
أشياء صغيرة جداً تباغتك بتدفق نبع السرور في خوالجك وتملأك شعوراً
بأن الحياة تستحق أن نعيشها ونغني لها فرحاً بدلاً من النواح الكئيب أو
الصمت المغتم..
أشياء صغيرة قد تكون تكررت واعتدتها إلى درجة عدم الإحساس بها.. حتى
تأتي لحظة تتوقف فيها طاحونة الحياة فجأة فتجد نفسك في مواجهة لحظة
سعادة حقيقية.. لا تشتريها بأموال الدنيا..
أشياء صغيرة مثل هدية مفاجئة لم تتوقعها إذ نسيت مناسبة الاحتفال.
مثل فرحة تبزغ في وجه طفلك الصغير، حين تعود تجرجر أقدامك منهكاً من
عمل النهار، فيستقبلك بضمة حانية تؤكد لك كم هو سعيد بوجودك وقربك..
مثل جملة حكيمة تستوقفك في كتاب قرأته عدة مرات.. ثم فجأة ينبلج فيك
وعي جديد بمعنى لتفاعلات الحياة معك، لم تكن تدركه من قبل..
مثل زيارة مفاجئة أو مهاتفة من صاحب قديم كدت تنسى اسمه.. يأتي
لمجرد السؤال عنك والتشوق إليك.. لا يطلب فيها خدمة منك ولا وساطة
يحتاجها ذكرته بوجودك.. مثل قطعة حلي فقدتها وبحثت عنها طويلاً لا
لقيمتها المادية المتواضعة بل لقيمتها المعنوية في تذكيرك بمناسبة
غالية عليك.. تجدها فجأة وأنت قد توقفت عن البحث عنها فتعيد إليك فرحة
التشبث بذاكرة سعادة ماضية..
مثل كلمة شكر من عجوز كاد يعجز عن عبور الدرب لولا مساعدتك له في
اجتيازه، ربما رأيت في غضونه وجه والد حبيب أبعدته تصاريف الحياة عنك
فما عدت تمتلك أن تمد له يداً تساعده على عبور درب الحياة المتعب..
أشياء صغيرة تعيد عليك الإحساس بأنك إنسان يحمل ماضيه ويومه
ومستقبله في مساحة كرة صغيرة حساسة يسندها عنقه، وعضلة بحجم قبضة اليد
تنبض في صدره تذكرانه بأنه جزء مهم في هذا الوجود.. وأنه يستحق ابتسامة
الرضى التي ترتسم على وجهه حين يرسم ابتسامة رضى على وجه الآخرين.
ونضيف لو نظرنا بعين الرضا والقناعة لما بين أيدينا من نعم الله
سبحانه وتعالى وأنه الذي يعطى الكثير بالقليل ويثمر قليل الشكر ويهيأ
لنا من أمرنا رشداً ويفرج عنا بعد الكروب والهموم لعرفنا معنى الرحمة
الإلهية والحب الأبدي والسعادة المطلقة والنفس المطمئنة. |