لا يخلو أي عمل ناجح من إدارة محنكة تقف وراء تسيير إنجازاته وهذه
هي أهم حقيقة في العمل الإداري وتقاليده الأولية.
تدخل الإدارة في كل أمور الحياة فالفرد يحتاج إلى وعي كامل لمعرفة
واقعه الشخصي وتكبر مثل هذه الحاجة عند النظام العائلي حتى إذا ما تخطت
تلك الحاجة إطار العائلة إلى ساحة المجتمع فيتداخل الشعور عند المرء
على كونه أمام مسألة تتعلق بإثبات عدالته أمام نفسه وأمام عائلته وأمام
مجتمعه حتى يكون استحقاقه في التمتع بالحياة وفقاً لأسلم الأسس المرادة
أن يكون حريصاً عليها.
وبذا فإن هذا يبين أن للقيم الإدارية فعل يربط بين تحقيق الرغبات
لإثبات الجدارة الشخصية بالعمل أولاً وتحقيق الربح والنمو لصالح
المؤسسة التي يعمل بها المرء.. وربما كان للشعور بضرورة ملافاة أي
خسارة محتملة جراء سوء تقديرات الإدارة وما يتم تطبيقه على الأرض هو من
ضمن مبادئ الشعور بالمسؤولية والإخلاص للعمل المعين.
ولذا فإن أي عمل إداري بحاجة قصوى لإجراء مداولات.. دورية حول ما
كان وما ينبغي أن يكون ويأتي موضوع إغناء أي طرح عبر حوارات لمجلس
إدارة منتخب أو معين مهمته في الاجتماعات المخصصة تدارس أفضل السبل
الممكن اعتمادها وصحة القرارات الإدارية غالباً ما تترجمها التطلعات
الطموحة لدى المجتمعين إلا أنه ومن باب الاحتراز فما قد يأتي به
المستقبل من إخفاقات فلا بد أن تتجه الإدارات الناجحة لتحديث الأداء
الوظيفي عبر اختيار الملائمين من الموظفين وبالذات المعينين في قيادة
العمل أو على رأس أقسام منه وهذا ما يستوجب من ناحية أخرى أن يكون
الموظفون المعتمدون لدى الإدارات المعينة في حالة تواكب مستجدات العمل
ومنها ضرورة تطوير خبراتهم.
وعلى اعتبار أن معادلة العمل الإداري الناجح لا يمكن أن تنجز بتمام
وكمال فيمكن عز الأداء الإداري الناجح إلى امتلاك ما يمكن بتسميته
بخبرة الكيفية الممكن أن تتبنى عملية التغيير والمواكبة من أجل إدخال
كل جديد لتسيير وتسريع خطوات العمل.
ولهذا فإن أحد أعمدة العمل الإداري الناجح هو امتلاك صفة الترشيد
سواء في النتاج الثقافي أو الانتاج المادي حتى تبقى الإدارة محافظة على
إجراءاتها ومتابعاتها العصرية التي تستطيع أن تتحرك بفعالية أكبر وفقاً
لرحم مواردها المالية الذي هو مخصص أصلاً للتعرف فيه خلال فترة محددة
سنة أو عدة أشهر وبحسب الخطة الموضوعة لأي مشروع عمل.
إن ماهية الإدارة الناجحة يكمن في جانبها النظري والعملي أيضاً فثمة
علاقة مسببة تربط بينهما فبدون معرفة الغايات المدروسة أو المعتقد
بصحتها نظرياً لا يمكن ترجمة ذلك إلى واقع عمل حقيقي إذ يمكن تسخير
المهارات الإدارية الفردية على شكل مساهمات تركز على الجوانب المتعلقة
بضمان التوفيق الذي عادة ما يستند إلى عقول مخططة تعرف إيقاعات العصر
والتجارب التجارية المماثلة فيه وأين نجعت تلك التجارب وأين أخفقت
ولماذا!
ومن المواضيع المثيرة للجدل ما يموه إدارياً على عمليات الفساد
الإداري كحالات الاختلاس والسرقة والتزوير وبهذا المجال يتذكر الرأي
العام العالمي أن أشخاصاً سياسيين قد وصلوا إلى مناصب سياسية رفيعة في
بلدانهم ولكنهم كانوا دون الشعور بأي مسؤولية وتنشر وسائل الإعلام
الدولية في أحيان ليست قليلة أخبار عن عمليات فساد إداري تقع بهذا
البلد أو ذاك. ومما يؤسف له أن الذين يقومون بأعمال فساد هم غالباً ما
يكونوا من الإداريين السلبيين ومما يوضح الصورة أكثر أن فقدان القيم
الإدارية يضيع فرصاً كبيرة على أي مشروع حتى يحول ذلك الفقدان نسبة
عالية من القدرة للتقدم إلى خيبة أمل ولعل هذا ما كان سبباً لإنقاذ
الموقف عبر إصدار قوانين تجيز معاقبة الإداريين المسيئين وفقاً لقوانين
العديد من الدول بعقوبات تصل لحدود السجن المؤبد.
وإذا ما تم التخيل أن لا مشكلة هناك دون حل وأن آفاق العمل متسعة
لمساهمة الجميع فإن امتلاك صفات مثل محاربة البيروقراطية أهمية قصوى
لتنشيط دور الانفتاح الموضوعي المتكامل بين أكثر من جهة محلية ودولية
بآن واحد.
إن التحرر من المظلات المفروضة على الساحات المكشوفة للعمل تحبذ
إعادة صياغة الرقابة كي تكون جديرة ونزيهة معاً فأي عمل دون رقابة
موضوعياً تشجع على الفساد الإداري، إن آراء عديدة ومفاهيم إدارية تدعو
من أجل توازن أفضل هي أمور ممكن أن تساعد على الإمساك بمفاصل النجاح
والفشل وتعتمد على النجاح تاركة الفشل لأمر الصدفة ولعل في اعتماد نظام
(اللامركزية) الإدارية بدلاً من نظام (المركزية) فيه من المكاسب ما لا
يفضل تركينه. |