تحولت التقليعات الغريبة فى الملابس وتسريحات الشعر أو ما بات
يعرف بالشكل الجديد او (النيو.لوك) الى ما يشبه الهوس بين الشباب المصرى
تشبها بنجوم الغناء والتمثيل والتي ساعد على انتشارها الأغانى المصورة
أو (الفيديو.كليب) .
ولم تقف تلك الصيحات عند حدود اقتناء الملابس الفاقعة الألوان أو
تسريحات الشعر الغريبة بل امتدت الى اجراء جراحات تجميلية لتغيير
الملامح الأمر الذى جعل مراكز اجرائها تشهد رواجا غير مسبوق .
وبالطبع فان هذه التقليعات أصبحت هدفا للدراسات الاجتماعية اذ أن
بعض علماء الاجتماع يعتبرون أن الاهتمام المبالغ فيه بالشكل لابد أن
يكون على حساب المضمون وأن هؤلاء الشبان الذين يهتمون أكثر من اللازم
بها لابد أنهم يعانون خواء فكريا وثقافيا .
الا ان أستاذة الاجتماع السياسى الدكتورة هدى زكريا تختلف مع هذا
الرأى الذى تراه ينطوى على كثير من التعميم وقالت انه "لا يمكن تعميم
هذا الحكم على كل الشبان اذ أن هناك بعضهم الذين يسايرون التقاليع والموضات
دون أن يؤثر ذلك على تفوقهم العلمى " .
ورأت زكريا أن هذه التقليعات يمكن تفسيرها على أساس أنها شكل من
أشكال التمرد على المجتمع وهى ظاهرة اجتماعية ونفسية معروفة فى كل
المجتمعات .
وقالت أن ذلك الشاب الذى صبغ شعره بألوان فاقعة وارتدى ملابس ربما
لا تميزه عن الجنس الاخر قد يرى فى مظهرة شكلا من أشكال الاحتجاج على
خلفية المشكلات الاجتماعية والاقتصادية مثل مشكلة البطالة وغيرها .
وفيما تؤكد الاحصاءات الحكومية أن مشكلة البطالة لا تزيد عن 10 في
المئة تقول مصادر غير رسمية أنها تصل الى نحو 15 في المئة .
واوضحت زكريا ان مثل هذه المشكلات الاقتصادية والاجتماعية هى التى
أفرزت موسيقى الخنافس أو (البيتلز) حيث لم تكن الموسيقى والأغانى التى
كانت جديدة تماما على الاذن الأوربية فى الستينات هى الوحيدة التى
تمثل الاحتجاج ولكن كان هناك أيضا الشكل والمظهر والشعر الطويل وغرابة
الأطوار .
ورأت أنه لا يمكن توجيه اللوم الى هؤلاء الشبان على هذه التقليعات
اذا اعتبرناها شكلا من أشكال الانحراف باعتبار أن ما يفعله هؤلاء
الشبان هو نتاج الثقافة والتربية والتعليم والتوجيه الذى حصلوه من
المجتمع وأنه من الظلم بمكان أن نحاسبهم ولا نحاسب أنفسنا .
والبعض يعتبر(النيو.لوك) تقليعة مستوردة أخذت تتمدد على ساحة
الوسط الفنى حتى انتشرت بشكل كبير بين الشبان والشابات الذين يحبون
التشبه بنجوم الغناء الذين يحاولون تسويق أعمالهم عن طريقها او الظهور
بمظهر جديد تماما لم يتوقعه جمهور المشاهدين .
وقد أقبل عدد كبير من المطربين والمطربات على هذه الظاهرة فى
الاونة الأخيرة والتى ساعد على انتشارها الفضائيات العربية بما تبثه
من أغان مصورة لا يلتفت الشبان الى قدر الابداع فيها بقدر ما يلتفتون
الى الجديد فى مظهر المطرب أو المطربة .
وهناك بعض المطربين الذين عودوا المشاهدين على الظهور بشكل جديد
فى كل الأعمال المصورة وهؤلاء الفنانون يعترفون لوسائل الاعلام أن
مسألة (النيو.لوك) تشغلهم بقدر ما يشغلهم الفن الذى يقدمونه .
ورأى استاذ الطب النفسى الدكتور هاشم بحرى أن (النيو.لوك) قد
يلجأ اليه بعض الشبان تعويضا عن الاحباطات اليومية التى تواجههم بمعنى
الانشغال بالشكل والمظهر الخارجى عن مضمون الواقع المعاش .
وقال بحري أن هذا الواقع هو عبارة عن خلطة من الاحباطات على
المستوى الشخصى وعدم قدرة الشاب على تحقيق الذات والاحباطات العامة
ومشاكل السياسة والاقتصاد والأخبار اليومية السيئة فى مناطق الأزمات
والصور الدموية التى يطالعها يوميا عبر الفضائيات .
وحذر من التعامل مع الشبان بوصفهم جزرا منعزلة عن الأحداث اليومية
التى تمس الوطن أو حتى التى تحدث فى مناطق الأزمات فى العالم لأن ذلك
غير صحيح فهم متفاعلون معها ويعبرون عن انفعالهم بها بطريقتهم .
ورأى أن هؤلاء الشبان لا يعانون من أية أمراض نفسية أو اجتماعية
خطيرة ولا يمكن اتهامهم بالانفصال عن الواقع ولكن لهم طريقتهم فى
التعامل مع مشاكلهم أو المشاكل المحيطة بهم .
من جانبه قال استاذ الاجتماع الدكتور محسن العرقان أن هذه
التقليعة لها تأثيرها الضار على الاستقرار الأسرى والمجتمعى حيث أن
هناك من الزوجات من راح ينافس مطربات ال(فيديو.كليب) فى تغيير الشكل
والملامح .
وأكد العرقان أن هؤلاء المطربات ممن اشتهرن باجراء عمليات التجميل
لتغيير الشكل والملامح تسببن في زيادة عدد عمليات التجميل في العالم
العربي بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة .
واوضح ان مصر كان لها النصيب الأكبر من هذه الزيادة اذ أجريت أكثر
من 120 ألف جراحة خلال العامين الماضيين حسب احصاء أوردته احدى
المجلات الطبية .
وقال أن الاهتمام الزائد بالمظهر لابد أنه يعكس خواء فكريا
وثقافيا وغياب لمؤسسات التربية سواء الأسرة أو المدرسة أو الجامعة
اضافة الى وسائل الاعلام التي تلعب دورا مزدوجا فهى تقدم لهم مثل هذه
الثقافات التافهة ثم تقوم بتوجيه اللوم والتقريع لهم .
المصدر: كونا
|