بدأ مساء أمس الجمعة 13 آب 2004م افتتاح الدورة الثامنة والعشرين
للأولمبياد في العاصمة اليونانية أثينا تقديراً لليونان البلد المدرج
تاريخياً ضمن البلدان الحضارية القديمة الذي انطلقت منه الألعاب
الأولمبية منذ سنة 1896م من نفس المكان العاصمة أثينا ويشارك في هذا
المهرجان الرياضي العالمي زهاء ثمانية آلاف من الشخصيات الرياضية
والوفود الرياضية وقد ابتدأ الافتتاح بإبراز الجانب الحضاري الأكثر
مساساً في حياة الإنسان والمجتمع ومن ذاك إبراز الجانب الرياضي ضمن
حكاية الحضارة في اليونان القديمة التي طالما تطلع المثقفون والمطالعون
والمتابعون إلى إنجازات الفكر والعلم والفلسفة لهذا البلد الصغير التي
سلبت لب القلوب فصفقت له أيادي البشرية كما لم تصفق لأي بلد حضاري آخر.
وجاء استعمال أحدث التقنيات في الملعب الذي أبرز حركات رموز من
الناس العاديين بما يوحي إلى وجود استثناء للإنسان اليوناني إذ أظهر
العرض الناجح أناساً يطيرون في الهواء على طريقة ما يحدث لرجال الفضاء
في مركباتهم الفضائية حيث يختل التوازن على أجسام رواد الفضاء فيلاحظوا
وبسبب انعدام الجاذبية الأرضية أن الإنسان داخل المركبات الفضائية يطير
أو يتحرك طائراً وليس سائراً على قدميه هذا وكان كل من شارك في عرض
للإيماء الحضاري للأفراد الذين كانوا يرتدون أقنعة تصل أحياناً لتغطية
كامل أجسامهم هذا بوقت كانت الحركات العادية من إبداء المسير على الأرض
أو القيام بحركات جسدية تتقدمها حركات اليدين ما يمكن وصفه بأنه تلميح
لماضي وما يمكن أن يأتي به الزمان وكانت شروح المزيج الذي كان ينقل
التفاصيل عما يعنيه كل مشهد بمثابة وضع دواء البلسم على الجروح، وفي
نهاية هذا التعريف بالتاريخ الحضاري ومراحله في اليونان عدم إغفال
تبيان شيء من تقاليد مباراة الأولمبياد إذ تقول الوثائق المعثور عليها
أن الرياضة وبأنواعها عديدة منها كانت قد بدأت قبل أكثر من ألفي سنة
خلت وفي العاصمة أثينا ذاتها.
والاسم القديم لليونان كما هو معروف (بلاد الإغريق القديمة) التي
يبدو أنها بدأت بالاحتفالات الدينية حيث كان الناس يعتقدون أن لتلك
الاحتفالات ما تسر به أرواح الناس الذين ماتوا وأصبحوا في ذمة الآخرة
وطبيعي فإن الإشارة هنا إلى الاحتفالات الدينية لا يعني منها سوى
الاحتفالات بأديان وهمية أي غير الأديان السماوية، ولعل الصدف القديمة
التي أصبحت ضمن التقاليد الرياضية الثابتة الآن أن تلك الاحتفالات كانت
تجري مرة كل أربع سنوات ويعتقد أن تاريخ تلك الاحتفالات قد بدأ بزهاء
حلول القرن الرابع عشر الميلادي.
أما عن اختيار المكان لتلك الألعاب ومن أين أتت تسمية (أولمبياد)
فإن الجواب ينحصر في كون المقرر للاحتفالات الآنفة كان مقرر إجراؤها في
واد يبلغ طوله (18) كيلومتر وفي واد يدعى (أولمبيا) وطول هذا الوادي
يبلغ (18) كيلومتراً وهو واد قريب من مدينة (بيرجوس) باليونان التي
امتازت كـ(مدينة) لمراسم ونشاطات الدين والسياسة والرياضة البدائية
أيضاً وألعابها القديمة المنوعة والذات (سباق الجري) كما أبرز اسم
الأولمبياد كأول سباقات رياضية دولية تقام بصورة سنوية منتظمة من
اليونان ذاتها، وإحياء فكرة الأولمبياد القديمة تعزى للسنة 1894
ميلادية حيث استوحى الشخصية الرياضية الفرنسية (البارون بيير دو
كوبرتان) على خلفية اعتقاده أن المشاركة الرياضة الدولية تساهم في صنع
السلام العالمي إضافة لمساهمتها في تكوين شخصية إنسانية خالية من العقد
وستستمر دورة الأولمبياد الحالية لمدة (16) يوماً ستنتهي مساء يوم 28
من شهر أغسطس آب الجاري وتختلف أولمبياد هذه السنة عن باقي دوراتها
السابقة بعودة الأولمبياد إلى وطنها الأم إلى أثينا.
لقد شهد العالم مساء أمس من على شاشات تلفزة الفضائيات العالمية حفل
افتتاح باهر يليق بتاريخ وحضارة اليونان وتقول (جيانا انجلو بولس)
رئيسة اللجنة المنظمة لهذه الدورة للأولمبياد بحسب تصريح صحفي (إننا
نريد الإثبات للعالم الأجمع قيمنا الإنسانية والأهداف الأخلاقية
للأولمبياد باعتبار اليونان وطنها الأول.
هذا ومعلوم عن تاريخ الأولمبياد أن أول ملصق ورقي للألعاب الأولمبية
الحديثة قد صدر سنة 1896م وأول ميدالية للألعاب الأولمبية كانت قد صدرت
في ذات السنة ومنذ تلك السنة أخذت الملصقات والشعارات الأولمبية تتوالى
وبعض الدول عززت مناسبة إقامة الأولمبياد في بلدانها بإصدار طوابع
بريدية تذكارية تخليداً للأولمبياد.
لقد استمتع جمهور المشاهدين لشاشات التلفزة بعروض الافتتاح حيث
شوهدت وفود البلدان المشاركة بالأولمبياد ضمن عرض مسير كان كل وفد فيه
يلوح بالأعلام ويرفع مشاركوه الأيادي لتحية الجمهور الذي غطى مدارج
الستاد – الملعب الذي يستوعب (100) ألف متفرج. |