نبتة سامة عملاقة خرجت من حقول القوقاز لتهاجم المدن والحصيلة: شفاه
اولاد محترقة بعدما تجرأوا على اللعب بسيقانها ووجوه جميلة شوهتها
البثور بعد ان احتكت باوراقها وعشاق تورم جلدهم اثر موعد في ظلالها.
و"هيراكليوم سوسنوسكي" كما يعرفها العلماء باتت تنتشر في اوروبا
بسرعة مقلقة. وتنتشر النبتة السامة بكثافة بالقرب من ايسترا على بعد
خمسين كيلومترا شمال غرب موسكو وهي فصيلة من عائلة "هيراكليوم
مانتيغازيانوم" او "هرقلية القوقاز" الا انها اكثر سمية منها.
وتنتشر النباتات ذات الازهار البيضاء بجانب الطرق كما تغزو القرى
وتظهر حتى في فناء المنازل.
وتشكو رئيسة قسم طب الجلد في مستوصف ايسترا "قبل 5 سنوات كنا نعالح
شخصين او ثلاثة من اصابات ناجمة عن النبتة خلال الصيف. اما هذا العام
فتصل حصيلة المصابين الى 5 او 6 اشخاص في الاسبوع الواحد".
وفي سن الرابعة عشرة كانت انيا تعرف جيدا ان "المظلات" العملاقة
التي تنبت على ضفاف نهر كولوكولينكا خطيرة. وبداعي الفضول لمست برجلها
المبتلة احدى سيقانها فنقلت بعد ساعة الى المستشفى وهي تعاني من حرق
بليغ.
ويجهل معظم مرضى الطبيب سفركينا ان اي احتكاك للجلد العاري وخصوصا
الرطب بنبتة "بورشتشيفيك" كما تعرف محليا بعد التعرض للشمس يتسبب بحروق
بليغة ومميتة احيانا.
وتأتي النبتة التي يصل ارتفاعها احيانا الى 4 امتار وتنمو بمعدل 9
سنتيمترات في اليوم الواحد وتعيش في حرارة تصل الى 40 درجة تحت الصفر
من القوقاز ولم تستورد بالتالي من "اميركا الجنوبية" ولا "زرعها عملاء
سريون اعداء" كما تشيعه الخرافات الشعبية.
وكان ستالين من امر في العام 1947 بزرعها بكثافة لاستخدامها كعلف
غني بالبروتينات ذي مردود عال. وبلغت حملة الترويج لزرعها اوجها في
السبعينات في لينينغراد (سانت بطرسبرغ) وسيبيريا وقريبا من القطب مرورا
بالبلطيق وبولندا. ونجحت هذه الاخيرة في رفض ادخال النبتة اليها.
ويذكر فيتالي غودكوف خبير مقاطعة فولوغدا (شمال) وهي اكثر الاماكن
معاناة من "اجتياح" النبتة انه "في العام 1972 بعيد حملات زرع الذرة
المكثفة فرضت علينا موسكو زراعة البورشتشيفيك سوسنويوسكي وهي غير مضرة
بالماشية لكنها تؤذي الانسان". واشار الخبير الى ان "زيادة الانتاج (الزراعي)
كانت حينها اولوية".
وفي نهاية السبعينات حاول باحث جورجي عبثا اختيار صنف غير سام في
معهد الاعلاف في موسكو.
واوضحت مساعدة سابقة في المعهد لوكالة فرانس برس انه "ما ان تخفض
نسبة المواد السامة في النبتة حتى يهبط معدل خصوبتها". ولا تزال هذه
السيدة تعاني من اثار للحروق على يديها.
ومنذ الثمانينات بدأت المناطق بالتخلص من هذه النباتات العملاقة
والخطيرة واستخدمت الجرارات لاقتلاعها من الحقول.
الا ان النبتة كانت قد انتشرت بصورة واسعة ولا يمكن القضاء عليها
خارج الحقول الا بواسطة مواد كيميائية باهظة الثمن.
وتبدو عناوين الصحف بمثابة بيانات هزيمة :"البورشتشيفيك تجتاح طرقات
سيكتيفكار (شمال) و "المقاومة معدومة للبورشتشيفيك في فيليكي لوكي (غرب)
و"هجوم على موروم (شرق موسكو)".
من جهتها عنونت صحيفة "تريبونا": "وحش البراري وصل الى موسكو". |