عن الإمام علي (عليه السلام): (إذا
استولى الصلاح على الزمان وأهله ثم أساء رجل الظن برجلٍ لم تظهر منه
خزية فقد ظلم، وإذا استولى الفساد على الزمان وأهله فأحسن رجل الظن
برجل فقد غرّر).
إن أغلى ما يملكه الوالدان هو الأولاد، وفلذة الأكباد وراحة القلوب
ونور الأبصار، وتراهما يكدان ويجاهدان ليل نهار في سبيل تأمين الحياة
السعيدة والعيش المطمئن ولا ريب أن ذلك نابع عن حبهما الغير محدود
للأولاد، وهذا ما يحدو بعض أولياء الأمور في التساهل المفرط مع الأولاد
الذي يؤدي في نهاية الأمر إلى ضياع الأولاد.
وجميل ما قاله الكاتب: أرجوك لا تتعامل مع الأمور بحسن النية.. فإذا
أدرت ظهرك لأبنك المراهق وأغفلت مراقبته، فقد تأتي الرياح بما لا تشتهي
السفن، فينجرف المراهق الخجول المنطوي – على يد أصدقاء السوء – إلى
عالم الإدمان المشوه.. وعندئذ لا تلومن إلا نفسك! راقبه بطريقة غير
مباشرة.. ربما يتعاطى الآن بشكل أو بآخر.. أو يحاول تعاطي الجرعة
الأولى، أو لا يزال في طور التجريب.. ربما يكون بدأ التعاطي بين الحين
والآخر بجرعات متقطعة، قد يمكنك إنقاذه منها، قبل أن ينخرط في عالم
سحيق من الفساد.
إذن علينا حسم الأمور وبسرعة قبل فوات الأوان، فنحن في زمن لا نحسد
عليه حظاً من الفساد والانحطاط بشتى أنواعه، ولنقل بصراحة: إغراءات
الهوى لا تقاوم وميل النفس إلى اللعب واللهو لا يجابه، فأنصار الرذيلة
في ازدياد وبضاعتهم تلقى القبول بدون معارض وتسويقها لا تحتاج إلى
إقناع، بل هي مقتناة حتى من دون معرفة ما هي.
ومن أهم أسباب ضياع الأطفال هو التفكك الأسري وفقدان المحبة
والتفاهم بين أعضائها وعندها يختار الإدمان ضحاياه من بين الشباب الذين
يعانون الوحدة والملل لغياب التماسك والإشراف الأسري لسبب أو لآخر،
فيبدؤون بالانزلاق ورحلة الضياع، ومع تدهور الأوضاع يبدأ في السرقة
لتدبير تكلفة (الكيف) والمدمن لا يفقد عقله فقط بل يفقد ضميره ووعيه
وإدراكه فلا يفرق بين حلال أو حرام.
وعندئذ يتحول المدمن إلى خطر داهم ليس فقط على نفسه بل على كل
المحيطين به، وعلى مجتمعه.. فيتحول من حمل وديع محبوب إلى وحش كاسر
مخيف وقد يرتكب الجرائم والقتل.
وينبغي الحذر من الدعايات الكاذبة والإعلانات الخداعة – المزينة
وللأسف بأقلام الأدباء – التي تقرن الإبداع بتعاطي المخدرات والإدمان،
وذلك بوصم الكثير من المبدعين كتابا وفنانين وفنانات بتعاطيهم المخدرات،
وبما أن أحوال الفنانين والفنانات بمثابة الأسوة لشبابنا وشاباتنا،
نراهم ينضوون تحت رحمة المخدر وسيطرته، فيقتل فيهم الجسم والنفس والروح..
أية آفة هذه التي تجتاح مجتمعاتنا المحافظة، وما هو الحل؟
أولى مراحل مواجهة الإدمان هي فضح خبث هذا الوباء بكونه عدواً للدين
والخلق القويم والقيم النبيلة، مؤكدين أن الدين هو حصن أطفالنا وشبابنا
الحصين من كل الخبائث.. وإعادة دور العقل والتفكير الصحيح بالعواقب وأن
نعيد بناء جسور الحوار والتواصل معهم بشرط أن يعتمد ذلك على الصدق
والمصارحة وخاصة في فترة المراهقة، وذلك بإعادة النظر في أسلوب تربيتنا
لهم وعلاقاتنا بهم حتى نحقق لهم ما نريد ونأمل ونحلم. وعدم الخجل من
معالجته في المشافي قبل استفحال الأمر. |