اذا تصور المقاتلون أن بامكانهم تأليب المسيحيين على المسلمين في
العراق بتفجير الكنائس فقد يخيب أملهم.
لكن المحللين يقولون ان احتمال نشوب صراع طائفي لن يتبدد ما لم تسمح
مجموعة من الاطراف التي تسيطر على السلطة الان لجماعات أخرى بالمشاركة
في العملية السياسية الوليدة في العراق.
وقال المحلل جاسم العطية "لن يدفع هذا المسيحيين للرد ثم الى حرب
أهلية لكنه قد يخدم مصالح المتطرفين في محاولة دفع المسيحيين للخروج من
العراق وسيكون ذلك كارثة على العراقيين."
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن التفجيرات بسيارات ملغومة التي
استهدفت كنائس يوم الاحد الماضي لكن الساسة والعراقيين العاديين من
كافة الطوائف سارعوا بادانة الهجمات وألقى الكثيرون المسؤولية فيها على
أجانب يسعون لتقسيم البلاد.
ومثل سلسلة من الهجمات الدامية على المزارات الشيعية في وقت سابق
هذا العام والتي اعتبرت كذلك محاولة لاثارة فتنة طائفية في البلاد
أثارت هجمات يوم الاحد دعوات للوحدة الوطنية وليس للانتقام من اشقاء
عراقيين.
وقال العطية الذي يدير معهدا يشجع الديمقراطية "لكن ذلك لا يعني أن
احتمال نشوب حرب أهلية بين السنة والشيعة قد تبدد. فمازال يمكن أن
يتطور الوضع والمسألة تتعلق بكيف ستتطور الامور (سياسيا) الان."
ويقول المحللون ان التهديد الرئيسي لعراق مستقر يتعلق بما اذا كان
العراق سيتمكن من تحقيق التحول الى الديمقراطية التي تضمن أن يشعر
الشيعة والسنة من العرب والاكراد والاقليات الاخرى مثل المسيحيين بأن
لهم رأي في الحكومة.
وقالوا كذلك أن كركوك يمكن أن تصبح بؤرة صراع بسبب النزاع المعتمل
بشأن ما اذا كانت المدينة يجب أن تكون جزءا من المنطقة الكردية
الشمالية كما يخشى البعض أن تثير ايران المجاورة المشاكل في اطار
صراعها مع الولايات المتحدة.
وقال سعدون الدليمي مدير مركز العراق للبحوث والدراسات الاستراتيجية
"نحتاج لنظام ديمقراطي...بدلا من الاعتماد على الفصائل الطائفية أو
الوطنية."
غير أن خطوات العراق الاولى لتوسعة نطاق العملية السياسية قد تعثرت.
فقد أرجيء مؤتمر سياسي كبير من المقرر أن يحضره ألف عراقي لمدة أسبوعين
تحت ضغوط من الامم المتحدة التي قالت أن الوفود لا تمثل الشعب بشكل كاف.
وسيختار المؤتمر الذي تقرر الان عقده في منتصف أغسطس أب الجاري
مجلسا وطنيا من مئة عضو لمراقبة الحكومة أثناء التحضير للانتخابات
المقررة في يناير كانون الثاني.
ويقول المحللون ان نجاح المؤتمر في انهاء أعمال العنف سيعتمد على
ادخال معارضين في التشكيل السياسي القائم. لكن المنتقدين يقولون ان
الاحزاب التي تهيمن الان على الحكومة المؤقتة تسعى للابقاء على
احتكارها للسلطة مما سيؤثر على اختيار الوفود في المؤتمر.
وقال العطية "اذا واصلت الحكومة العراقية الان -الاحزاب الخمسة أو
الستة المهيمنة- سياسة الانفراد فان ذلك سيدفع السنة بدرجة أكبر للتوحد
ضدهم ولن يكون أمامهم سبيل اخر (سوي) استخدام السلاح."
ويهيمن السنة الذين يمثلون 20 بالمئة من السكان على مناصب كبيرة
منها منصب الرئيس لكن الاصوات الاكثر قوة هي على نطاق واسع للشيعة
والاكراد الذين يمثلون 60 و20 بالمئة على التوالي من السكان.
ورفضت العديد من الجماعات السنية الرائدة المشاركة في الحكومة. وكان
السنة الذين هيمنوا على البلاد في عهد صدام حسين السني يمثلون قلب
المقاومة ضد القوات التي تقودها الولايات المتحدة في العراق.
وقال العطية انه يخشى كذلك من أن تسعى ايران الشيعية لاثارة
اضطرابات في العراق لخلق ساحة معركة جديدة لصراعها مع الولايات المتحدة.
وتواجه ايران التي وصفها وزير الدفاع العراقي الشهر الماضي بأنها "العدو
الاول" للعراق اتهامات أمريكية بأنها تسعى لامتلاك أسلحة نووية.
وقال العطية "اذا وجد الايرانيون ذلك في مصلحتهم ...فانهم سيستخدمون
البطاقة العراقية لمواجهة الامريكيين أو للمساومة مع الامريكيين."
ويشير أخرون الى قنبلة موقوتة في كركوك المدينة التي تضم 750 ألف
نسمة موزعين بين عرب واكراد وتركمان وحيث تعتمل التوترات العرقية وتظهر
على شكل اشتباكات.
وينظر أكراد العراق الى كركوك الغنية بحقول النفط باعتبارها مدينة
كردية ويريدون تغيير سياسة "التعريب" التي اتبعها صدام حسين عن طريق
اجبار الاكراد على ترك المدينة واحلال عرب من الشيعة بالاساس بدلا منهم.
وقال الدليمي ان المواجهة مع الاكراد مستبعدة طالما ظلت الاحزاب
الكردية موافقة على البقاء كجزء من العراق. لكن اذا سعت لمد نفوذها
لكسب الاستقلال قد ينشب صراع.
وأضاف "اذا أراد الشعب الكردي اقامة دولة مستقلة وارادوا كركوك
لتكون احدى الولايات الكردية ربما يكون ذلك سببا قويا (ليواجه)
العراقيون بعضهم بعضا."(رويترز) |