|
|
تفكيك الخطاب الفلسفي لمفهوم السلطة عند ميشيل فوكو |
|
أبرزت قراءة تحليلية للفيلسوف ميشيل فوكو، الذي عرف عنه باهتمامه
بدراسة وظيفة السلطة، وكيف تعمل السلطة، سواء المتعلقة بالمعازل أو
الطب أو الشرطة، واستند في تحليله لظاهرة السلطة على الميراث الأسود
للقرن العشرين إلا وهو الفاشية والستالينية، معتبراً أن النقص في تحليل
ظاهرة الفاشية يعتبر من الأحداث أو الوقائع السياسية بالغة الدلالة في
القرن الماضي، فالسلطة ليس لها الهيمنة المطلقة والثانية، وسعى فوكو
الذي طرح على نفسه باستمرار سؤال كيف تعمل السلطة، أي تحديد الآليات
التي تعمل وفقاً للسلطة وتنتهجها وهو يرى أن الحقيقة مرافقه دائماً
للسلطة، بل إن هناك مثلثا يقوم على السلطة والقانون والحقيقة، يعمل
بانتظام وكل رأس فيه سينتج بالضرورة وسيستخدم الرأسين المتبقين، ولذلك
عندما تم التأسيس الشرعي لمفهوم القانون فإنه أرتبط ارتباطاً تسمياً مع
تأسيس قانون القيادة الملكية، وبمجرد أن أنفلت الصرح القانون للسلطة
الملكية في القرون التالية، وتم تحويله ضد السلطة الملكية، فأصبح
السؤال عندها متعلقاً بحدود هذه السلطة، وأصبحت المسألة متعلقة
بالامتيازات والصلاحيات الخاصة بهذه السلطة وإذا كان الملك هو الأساس (أساس
السلطة) ومبدأ القانون، فإن الفرد وفقاً لذلك لا يتم وضعه في مقابل
السلطة، بل أنه أحد آثار السلطة أو نتيجة من نتائجها، وعلى الرغم من
كون ذلك فإنه يوصلها ويحافظ عليها وهذه هي المفارقة فالسلطة تنتقل
بواسطة الأفراد الذين شكلهم وخضعوا لها أما الحقيقة التي بدورها سلطة
أيضاً، فإنه لا يمكن البحث عنها إلا من حيث أنها سلاح ضمن علاقات القوة،
فالحقيقة تعطي القوة أو تخل بالتوازنات وتعمق اللا تماثلات وفي النهاية
تمثل الانتصار في هذا الجانب بدلاً من الجانب الآخر فالحقيقة هي إضافة
للقوة، ولا تظهر إلا من علاقات القوة، وذلك أن الانتماء الأساسي
للحقيقة هو علاقات القوة واللا تماثل واللاتمركز، والمعركة وفقاً لذلك
إنما هي مسجلة ومكتوبة في هذا النمط من الخطاب، أما القانون الرأس
الثالث في مثلث السلطة، فإنه يتطابق مع المثال الذي هو القانون الحي،
وذلك لأنه يسمح بمحاكمة الحاضر وبإخضاعه لقانون أقوى منه، فالمثال هو
بمعنى من المعاني، المجد الذي يصنع القانون والقانون هو الذي يعمل في
انبهار الاسم، أنه بالمطابقة أو التسوية بين القانون والأسم المشع
والمبهر العظيم، عندها يكون للمثال القوة التي تقوى بها السلطة، إن
السلطة التي أتاحت شرعياً إذا حضور مفهوم الصراع حولها وهو ما ولد
سريعاً ظهور العنصرية، إذ عندما استبدل موضوع صراع الأعراق بموضوع
نقاوة وطهارة العرق ولدت العنصرية وعندما تحول التاريخ المضاد شرعت
العنصرية البيولوجية في العمل وفي الوقت الذي تحول فيه خطاب صراع
الأعراق إلى خطاب ثوري فإن العنصرية كانت الفكرة والمشروع والنبؤة
الثورية، العائد بمعنى آخر وانطلاقاً من نفس الجذر الا وهو خطاب صراع
الأعراق، وهكذا يكثف فوكو مقولة المركزية ببراعة أن العنصرية تعني
حرفياً الخطاب الثوري المقلوب، يذكر إذا كان فوكو قد أطنب في كشف أنواع
السلطة وآلياتها في الحقول السياسية والاجتماعية والطبية والنفسية، فإن
ذلك قد عرضه لنقد شديد من قبل جان بودريار فيلسوف ما بعد الحداثة، الذي
رأى أن فوكو قد ساوى بين السلطة والمجتمع وأنه لم يعد هناك أي إمكانية
للتغيير وفقاً لذلك، إذ أن فوكو قد أعدم كل شيء عندما اعتقد أن كل شيء
سلطة، خصوصاً عندما استبعد مفهوم القمع، وقد أتهم خطاب فوكو نفسه بأنه
خطاب سلطة ومرآة للسلطة التي يكتبها أو يحللها. |
شبكة النبأ المعلوماتية -
الأحد 8/8/2004
- 22/
جمادى الثانية/1425 |
|