في الوقت الذي كان مقرراً أن يكون اليوم الأخير من شهر تموز 2004م
قد تم الإعلان عن تشكيله أعضاء البرلمان العراقي كأمل وطني طال انتظاره
فوجئ الرأي العام العالمي عن خبر عاجل يقول أن هيئة الأمم المتحدة قد
طلبت من الحكومة العراقية المؤقتة وقف جلسات التمهيد لتأسيس البرلمان
التي يحضرها زهاء (1000) عضو ولأسباب غير مُبانة.
لقد أثار دخول هيئة الأمم المتحدة على خط إصدار تعليماته لضرورة
إرجاء جلسات المؤتمرين الحاضرين لإثارة أكثر من سؤال خصوصاً وأن هذا
الدخول المفاجئ من قبل الهيئة الدولية أتى أثر استلام الحكومة العراقية
المؤقتة للسيادة بصورة أولية من سلطة التحالف الأنكلو – أمريكية
المحتلة.
لقد شرعت الحكومة العراقية المؤقتة بممارسة سلطاتها الأصولية
بالاستناد إلى ما ثبته من حق لها قانون إدارة الدولة العراقية ومعلوم
أن الأمم المتحدة كانت طرفاً متابعاً لاستكمال المشاورات الرسمية بين
مجلس الحكم العراقي المؤقت وسلطة التحالف المحتلة ولعل في هذا ما أبعد
الدور الممطن أن تؤديه عملية التثبيت الصائب بوضع حجر أساس متين
لبرلمان عراقي ناجح وبالذات بعد أن لمس أن التشكيل النوعي المشارك في
الجلسات التمهيدية هم من أقصى اليمين إلى اليسار حيث اتفق جميع
المؤتمرين أن لا تحرم جهة من المشاركة في البرلمان العراقي أو ما
أطلقوا عليه أحياناً اسم (الجمعية الوطنية العراقية).
وفي مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية جرى على جهاز الهاتف أفادت
عضوة المجلس يوم الجمعة 30 تموز الهيئة التحضيرية للمجلس التأسيسي
للبرلمان العراقي الدكتورة سميسم بأن الهيئة التحضيرية للمؤتمر قد
استلمت رسمياً إشعاراً شفهياً من قبل هيئة الأمم المتحدة لوقف حالة
استمرار جلسات مما حدى بالدكتورة سميسم أن أفادت بأن اللجنة التحضيرية
للمؤتمر طلبت من الهيئة الدولية إلى إحالة طلبها إلى اللجنة التحضيرية
بموجب مذكرة رسمية توضح الأسباب كي يقتضي من الجانب العراقي الالتزام
بها.
ومعلوم أن الجمعية الوطنية العراقية ستتمخض جهودها بعد المزيد من
المشاورات عن اختيار رئيس الدولة ونائبيه ومجلس الوزراء بعد أن كانت
الاجتماعات الأولية الواقعة بهذا الصدد قد سمت (الدكتور فؤاد معصوم)
رئيساً للهيئة العليا لإعداد المؤتمر الوطني حيث أتم الدكتور معصوم
لعقد أولى جلسات الهيئة التحضيرية في 9 حزيران 2004م الماضي من أجل وضع
الأفكار والتصورات الأولية التي ستشرع بها الهيئة الآنفة عملها ومن ذاك
إجراء الاتصالات الشخصية مع المرشحين المحتملين والتنسيق مع الجهات
السياسية العراقية المختلفة وعلى أساس من هذا كله اجتمعت الهيئة
التحضيرية يوما 20 و 21 حزيران 2004م الماضي وأقرت بالأساسيات التي
سيعقد عليها المؤتمر في نهاية شهر تموز 2004م.
وإذ تأتي مناسبة الشروع لتأسيس البرلمان العراقي تنشيطاً للحياة
السياسية وتتويجاً لجهود ممثليها عبر الحرص للمشاركة بأكبر توسيع
لممثلي العراق ووجهائه (كما يفترض ذلك) فأي أي حوار سيبقى فاقد
للمصداقية ما لم يشارك فيه مندوبو كل أطياف الشعب العراقي الدينية
والوطنية والقومية والمذهبية والعشائرية الساعية بجد لبناء عراق
ديمقراطي يسير نحو تحقيق الإخاء العراقي.
إن تشكيل البرلمان العراقي هو حدث عظيم عقب انهيار النظام الصدامي
الاستعماري الذي كان متخفٍ بلافتات ادعاء الوطنية والقومية دون أي حياء
من شعب العراق ولهذا فإن ما تقرر أن يكون للمنظمات العاملة في المجالات
المدنية ومنها لجان حقوق الإنسان في ظل ظروف إعادة الوجه المشرف للبلاد
هي مسائل تحتاج فعلاً من قبل هيئة الأمم المتحدة أن تعجل بالإيعاز
للشروع بعقد جلسات المؤتمر الوطني العام لتحديد تشكيلة البرلمان
العراقي نظراً للحاجة الملحة التي تقتضيها المصلحة العليا للبلاد وبهذا
الصدد لا بأس أن توضح المنظمة الدولية ما يمكن أن توصي به ليكون ضمن
ثوابت الحوار الذي يسبق انبثاق البرلمان العراقي لكن أما أن تعزو
المنظمة المذكورة لوقف استمرار جلسات المؤتمر كما حدث فهذا ما سيضع
العراقيل الجديدة أمام فرصة منح الرأي للآخرين.
إن التعجيل بانبثاق البرلمان العراقي حاجة وطنية عراقية وخطوة جادة
نحو تحقيق الطمأنينة والأمان والاستقرار في العراق الجديد فلقد آن
الأوان كي يتم التيقن أن تأسيس البرلمان الديمقراطي في العراق سيضيّع
فرص التآمر على أعداء العراق في الداخل والخارج وما أكثرهم ومن مجرى
العمل البرلماني سيمكن للوضع العراقي أن يتبنى كل ما سيركز القانون
وينقي التوجهات ويرسخ الحياة الديمقراطية التي بدونها لا يمكن أن تعاد
للعراق عافيته. |