في الوقت الذي تراجع فيه عموم الوضع العراقي إلى نقطة أقل من الصفر
كان بعض الحاقدين على الشعب العراقي إبان ذلك الظرف سواء أثناء حكم
العمالة الذي قاده الفريق السياسي البكري – الصدامي أو خلال الفترة
التي أعقبت سقوط صنم ذاك الفريق الذي ذهب بعاره ومخازيه لا يتورعون
وبلا حياء أن فلتان الأوضاع العراقية يعود إلى قرار حل الجيش العراقي
وإلغاء الدولة في العراق.
وإذا ظلت نغمة اضمحلال القوة العسكرية للجيش والشرطة بالعراق أثر
إلقاؤها تعزف وعمل العراقيون المستحيل عبر مجلس الحكم الانتقالي السابق
لعمل ما يمكن تعويضه لإعادة الأوضاع الأمنية إلى طبيعتها وما تم من
تأسيس جديد للجيش وقوات الشرطة في العراق وفي عهد الحكومة المؤقتة ما
تم من تكثير أفراد القوات المسلحة من العراقيين لمقتضيات نشر الأمان
والطمأنينة بين أفراد الشعب فطبيعي أن لاقى ذلك قبولاً وتأييداً لدى
الشعب العراقي المظلوم.
وحيث أن تشكيل فكر جديد يناسب الطموح الوطني العراقي كان يراود أمل
العراقيين وأصدقائهم وهذا ما تم فعلاً الشروع به فكان من الطبيعي أن
تزف بشارة ذلك لزرع الثقة بين الشعب وحكومته الانتقالية عبر تلك
الإجراءات المتخذة بهذا السبيل وإضافة لذلك فقد كان من الطبيعي أيضاً
أن تصدر تصريحات رسمية من قبل رجال العهد العراقي الجديد تستعمل لغة
التهديد لكل من تسوّل له نفسه في الاعتداء على الأرواح والممتلكات في
العراق وإلا فما الذي ينبغي على الحكومة المؤقتة أن تقوله لهؤلاء
الإرهابيين سواء المصدرين إلى العراق من الدول التابعة أو سواء من فلول
النظام الصدامي الاستعماري المهزوم.
ولعل مما يثير الغضب لدى العراقيين أن بعضاً ممن يدعي الانتماء
للعراق لحد الآن وممن لم يكن سجلهم الشخصي نظيفاً قد هالهم أن يصرح
الرئيس العراقي الجديد غازي الياور مخاطباً الإرهابيين في العراق
بعبارة: (لدينا سيف حاد جاهز لكل من يهدد أمن البلد) حيث اعتبر ذاك
البعض أن مثل هذا التهديد غير مناسب واقترحوا عليه أن لا يشهر سيفه
بوجه أحد من أزلام ومرتزقة الإرهاب والأغرب من ذلك اقترحوا عليه أن
يفتح باب الحوار معهم والأصعب من ذلك اعتبر البعض (تهديد الياور)
تهديداً لمواطنيه مع أنه كان تهديداً موجه لأعداء المواطنين وليس لهم
وهذه الديماغوجية الخالطة لأوراق الكلام اللامسؤول توقعت أن مثل هذه
التصريحات لا تخدم القضية العراقية بل وصفوها بأنها تهديدات لن يسمحوا
بتكرارها لأنها ستؤدي بالمشهد العراقي الجديد إلى ظهور صدام حسين.
إن مثيل هذه التصريحات تستبطن العدل وتغلفه بعبارات تبدو ملائمة
تماماً لأولئك المرتزقة الذين تستعين بهم بعض الفضائيات الإقليمية التي
تتجرأ على قدرة الله وعلى حق الشعب العراقي حين تسمي الإرهابيين
بـ(المقاومين) وعمليات قتلهم للمواطنين الأبرياء بصورة عشوائية
بـ(المقاومة)
إن التحرك لهذا النفر الإعلامي والسياسي الذين يتصدون الآن بطرق لا
مسؤولة لإجراءات الحكومة العراقية المؤقتة الموجهة لإنهاء حالة الإرباك
والإرهاب في العراق من حسن الحظ أنهم نفر يكرهم الشعب العراقي ويعرف
تاريخهم. ولعل توجيه ضربات قاصمة لظهور وصدور المجرمين السياسيين داخل
العراق هو مطلب شعبي عام والحكومة العراقية المؤقتة تواجه وضعاً أمنياً
صعباً ومن حقها أن تتخذ أي إجراء تراه سليماً ينهي حالة الإرهاب في
العراق فالحياة في عموم مناطق العراق وبالذات في العاصمة بغداد مازالت
غير آمنة وأن أصحاب الدعوات المشبوهة تستهدف إبقاء الأوضاع الإرهابية
على ما هي عليه الآن لغايات معروفة.
إن الهجوم على الحكومة العراقية المؤقتة الآن بشخص رئيسها (غازي
الياور) أو رئيس الوزراء (إياد علاوي) هو هجوم منتفي الأسباب وفي غير
محله وفيه شيء من الغزل لفلول النظام السابق وهو هجوم على أية حال يمكن
تسميته بـ(دفاع ضمني) للإرهابيين والمرتزقة من عربان المنطقة الذين
دخلوا العراق بتشجيع ودعم من قبل قوى إقليمية – استعمارية لا يربطها
بالإسلام شيء ولا بالقومية العربية شيء ولا بالوطنية النقية شيء.
إن أعداء العراق اليوم يحاولون تأليب رأي الشعب العراقي على حكومته
المؤقتة والإيقاع فيما بينهما لصالح ما لم تحمد عقباه لذا فإن على كل
شرفاء العراق الانتباه لأنفسهم والى تحركات الأشرار ضدهم فالعراق (الشعب
والوطن) وحده أمام متحديه مهما اختلفت ألوانهم السياسية وتنوعت أشكال
اصطفافهم. |