|
|
جوهر الحرية توسيع
خيارات البشر نحو مستقبل أفضل |
|
أبرز تقرير التنمية البشرية لهذا العام وعنوانه الكبير الحرية
الثقافية في عالمنا المتنوع، إلى أن جوهر هذه الحرية هو توسيع الخيارات
الفردية وليس حفظ القيم والممارسات بوصفها غاية بحد ذاتها مع ولاء أعمى
للتقاليد، فالثقافة في رأي التقرير ليست مجموعة جامدة من القيم
والممارسات بل تتجدد في استمرار إذ يسأل الناس عن قيمهم وممارساتهم
ويكفونها ويعيدون تعريفها تمشياً مع تغيير الحقائق وتبادل الأفكار ولا
يجد التقرير ثمة دليلاً على وجود علاقة واضحة حسنة أو سيئة بين التنوع
الثقافي والتنمية، ويشير إلى أن تعثر التنمية ليس مرتبطاً بالتنوع نفسه
وإنما بعملية اتخاذ القرار السياسي التي تسير على هدى المصالح العرقية
لا الوطنية، ويتوقف التقرير عند بلد مثل ماليزيا متعدد الأعراق وحقق
إنجازات ونجاحات مثيرة للإعجاب، إذ أصبح عاشر دولة في العالم من حيث
النمو الاقتصادي بين العامين 1970 – 1990 والخرافة الخامسة التي يتحدث
عنها التقرير أن بعض الثقافات قد يحقق تقدماً أعظم من غيره في مجال
التنمية وأن لدى بعض الثقافات فيها ديمقراطية متأصلة في حين تفتقدها
ثقافات أخرى، لكن التقرير يعتبر أن ليس هناك دليل مستند إلى تحليل
إحصائي أو دراسات تاريخية يثبت وجود علاقة عرضية بين الثقافة وبين
الديمقراطية بل يعتقد أن المشكلة تكمن في افتراض أن الثقافة جامدة إلى
حد بعيد ولا تتغير مما يسمح بتقسيم العالم تقسيماً واضحاً إلى حضارات
أو ثقافات ويتجاهل هذا الافتراضات حقيقة أن الثقافات تتغير أيضاً وقلما
تكون متجانسة ويتضمن التقرير سياسات لضمان المشاركة السياسية منها
تعددية الثقافات في ممارسة الديمقراطية لضمان حقوق مجموعات ثقافية
وأقليات متعددة ومنع حدوث انتهاكات عبر تسلط الغالبية هيمنة النخبة
السياسية الحاكمة، ويشير إلى أن ثمة ممارسات دينية يمكن التلازم معها
من دون صعوبة، لكنها كثيراً ما تفرض خيارات صعبة وصفقات مقايضة ويعطي
مثالاً فرنسا التي تخوض صراعاً داخلياً حول ما إذا كان غطاء الرأس في
المدارس ينتهك مبادئ علمانية الدولة والقيم الديمقراطية المتعلقة
بالمساواة بين الجنسين، وحول السياسة اللغوية يعتبر التقرير أن الدولة
تستطيع أن تكون عمياء إزاء الدين، لكنها لا تستطيع أن تكون صماء إزاء
اللغة، فالمواطنون بحاجة إلى التواصل كي يشعروا بالانتماء وإذا كان
اختيار لغة رسمية ويرمز إلى الهوية القومية، فثمة بلدان كثيرة تجد طرقاً
للتوفيق بين الوحدة والتعددية من خلال تبني لغتين أو ثلاث والاعتراف
بلغة قومية موحدة، ويلفت التقرير إلى أن ثمة حاجة إلى سياسات متعددة
الثقافة تعترف بالاختلاف بين المجموعات لمعالجة الإجحافات ذات الجذور
التاريخية والمترسخة اجتماعياً، وينبه إلى أن الحركات الساعية إلى
الهيمنة الثقافية تحدد الحرية الثقافية لكن محاربتها بإجراءات غير
قانونية وغير ديمقراطية لن تجعل المشكلة تختفي فالتوافق الديمقراطي هو
أكثر فاعلية، وإذ يتوقف التقرير عند احتمال تهديد العولمة للهويات
الوطنية والمحلية من خلال انتقال الأفكار ورؤوس الأموال والسلع والناس،
فإنه يدعو إلى أسلوب بديل للتطرف وهو احترام التعددية وتشجيعها، ويعتقد
التقرير أن للتعددية في السلع الثقافية قيمتها الذاتية لأنها تزيد
خيارات المستهلك وتغني التجربة الثقافية للناس ويبقى السؤال عن وضع
المهاجرين هل ينبغي أن ينصهروا أم هل يجب الاعتراف بثقافاتهم؟ يشير
التقرير أن ما من بلد أحرز تقدماً بإغلاق حدوده لأن الهجرة الدولية
تجلب مهارات وعمالاً وأفكاراً فضلاً عن أنها تغني حياة الناس، وكما لا
يمكن الدفاع عن التقاليد والممارسات الدينية التي تنتهك حقوق الإنسان
لا يمكن للصهر القسري أن يكون حلاً دائماً، وإذ يتوقف التقرير عند
أسلوبين يسيطران على سياسات معظم الدول في التعامل مع الهجرة،
التفاضلية والانصهار يلفت إلى ثمة مقاربات جديدة للتعددية الثقافية
يجري استحداثها لتعترف بالهويات المتعددة بما في ذلك تشجيع التسامح
وتعزيز التفاهم الثقافي. |
شبكة النبأ المعلوماتية -
الثلاثاء 20/7/2004
- 1/
جمادى الثانية/1425 |
|