|
|
تركيا بين التردد
الأوروبي والدلع الأمريكي |
|
أبرزت مقالة تحليلية لمحاولات تركيا المستمرة الانضمام للاتحاد
الأوربي، وفي جواب عن سؤال هل سيتم قبولها كجزء من الاتحاد الأوربي؟ هل
تركيا أوروبية؟ يجب على إجابة ذكية عن هذا السؤال أن تبدأ من القرن
السادس عشر، عندما كانت الإمبراطورية العثمانية في أوج مجدها وأهميتها
تحت حكم السلطان سليم العظيم، في ذلك الوقت بدت الإمبراطورية العثمانية
معادية لأوروبا، إمبراطورية مسلمة تتوسع في كل مكان، وداخل أوروبا
المسيحية، لم تسيطر فقط على ما نفكر به اليوم بأنه العالم العربي،
لكنها كانت تخضع جنوب شرق أوروبا كله بلغ ذلك ذروته في القرن السابع
عشر، في ما يعرف بالتوركنجاهر عندما نجح أمبرطورها بسبورغ في مقاومة
الحصار العثماني الثاني لفينا، في وسط أوربا، بعد ذلك بدأت
الإمبراطورية العثمانية تتقهقر ببطء إلى أن اعتبرت في القرن التاسع عشر
(رجل أوربا المريض) انهارت الإمبراطورية العثمانية أثر الحرب العالمية
الأولى، أسس مصطفى كمال الذي سمي في ما بعد أتاتورك، أبا العصب التركي
حركة وطنية ليبرالية كرست نفسها لخلق جمهورية تركية قومية علمانية،
أعلنت الجمهورية التركية في العام 1923 برئاسة أتاتورك في العام 1924
ألغيت الخلافة السلطة الدينية التي جسدها السلطان العثماني، كان برنامج
أتاتورك يتركز على تغريب تركيا، تغيير النظام القانوني وتحرير المرأة
وإلغاء الرموز الدينية (ارتداء الطربوش) عندما أعلنت بريطانيا العظمى
في عام 1946 انسحابها السياسي من الشرق الأوسط، أخذت الولايات المتحدة
هذه المهمة، وضعت عقيدة ترومان بقوة خلف حكومتي اليونان وتركيا في
مواجهة واشنطن خطراً سوفيتياً، لتصبح تركيا في عام 1949 عضوة فيه، في
عام 1945 بدأ الحزب الذي أسسه أتاتورك يفقد قوته للمرة الأولى تحركت
القوات المسلحة التركية إلى الواجهة لضامن أساسي للقومية العلمانية
واشتراكية الدولة، وفي سبعينيات القرن الماضي، عندما بدأ التجمع
الاقتصادي الأوروبي في ذلك الحين بالتوسع في جنوب أوروبا، أشارت تركية
إلى أنها ترغب في المشاركة لكن تم تجاوزها، كانت مشاكل تركيا الداخلية
تتآكل، قوات مسلحة استولت على السلطات في مناسبات عدة، حركة تمرد ناشئة
لدى السكان الأكراد في جنوب شرقي تركيا، وبدايات انبعاث إسلامي،
بالنسبة للاتجاه السائد لدى الأتراك، قمعت القوات المسلحة التركية –
التمرد الكردي بتكلفة مرتفعة جداً، ولم يكن الجيش راغباً أيضاً في
إبرام أي تسوية مع الإسلاميين، فتم قمعهم أيضاً، غير أن ذلك شكل حقبة
من القلق المتزايد في أوروبا الغربية حيث كان ينظر إلى انتهاك حقوق
الإنسان وأشكال القمع الوحشي وسيطرة العسكر على السلطة بأنها غير
مقبولة على الإطلاق في بلد يطمع إلى الاندماج في المؤسسات الأوروبية
وكان هناك اعتبار آخر في خمسينيات القرن الماضي، احتاجت أوروبا الغربية
إلى تدفق العمالة من أجل تدعيم صناعتها المتوسعة، وقد توجهت على وجه
الخصوص إلى الأتراك (ألمانيا كان لديها برنامج ضخم لاستقدام العمالة
عرف باسم غاستاربييتن لكن في السبعينيات وبسبب ارتفاع معدل البطالة
بدأت كل من الحكومة والشعب، يعتقد أنه يجب على الأتراك أن يعودوا إلى
وطنهم، الجيل الثاني من الأتراك المولودين في ألمانيا وغيرها من
البلدان الأوروبية، اعتبروا أنفسهم أبناء هذا البلدان ورغبو ليس فقط في
البقاء فيها، وإنما ممارسة حقوقهم الكاملة كمواطنين ومع بقاء الأتراك
في أوروبا الغربية، ومجيء العديد من أفريقيا الشمالية للهجرة إليها
تزايدت نسبة المسلمين من السكان بصورة ملحوظة ومع بدء نمو النزعة
الإسلامية في صفوف هؤلاء المسلمين بدأ صراع ثقافي وسياسي حاد يلعب دوراً
هاماً في الحياة اليومية في أوروبا الغربية، بعد انهيار الاتحاد
السوفيتي توجهت أوروبا الغربية نحو دمج أوربا الوسطى والشرقية في
مؤسساتها، ثم نقل تركيا مراراً وتكراراً إلى موقع بعد هذه البلدان، وفي
هذا الوقت وصلت حركة إسلامية معتدلة إلى السلطة وأصبحت أكثر حماسة فيما
يتعلق بالاندماج بأوروبا من الجيش القديم المؤيد الاشتراكية الدولة،
رأى الإسلاميون في السلطة في أوروبا ضمانة لحقوقهم المدنية كذلك فعل
الأكراد، كما أن الولايات المتحدة فضلت اندماج تركيا بأوروبا إذ رأت في
ذلك كسباً لأي نزعة تركية للقطع مع الغرب وبالتالي مع واشنطن باحتمال
انضمام تركيا فعلياً إلى الاتحاد الأوروبي بدأ بعض قادة أوروبا الغربية
يعبرون عن مخاوفهم خاصة ديستان وهلموت كول اللذين قالا علناً أن تركيا
لا تصلح، ما كان يعنيانه بالطبع هو أن ضم تركيا إلى الاتحاد الأوروبي
سيزيد بشكل مهم نسبة المعلمين في أوروبا، حيث بدأ السياسيون عبر أوروبا
يستجيبون علناً للمخاوف المناهضة للمسلمين، ينظر البعض إلى دمج تركيا
في الاتحاد يميل إلى قدر أكبر من الاضطراب، لكن بعضاً أخر يراه الطريقة
الفضلى لتجاوز هذا الاضطراب. |
شبكة النبأ المعلوماتية -
الخميس 8/7/2004
- 19/
جمادى الأولى/1425 |
|