أخيرا سيق صدام إلى دائرة
الاتهام التي استحقها بجدارة جراء ما ارتكبه من جرائم بشعة بحق
العراقيين وجيرانهم، وبدا ذليلا وهو ينوء بحمل السلاسل التي طالما
علقها بأطراف الآلاف من أبناء العراق الشرفاء، وإذا كانت ردود أفعال
العراقيين قد أجمعت تقريبا على وجوب محاكمته وإنزال العقوبة به،
فهناك من شكك بهذه المحاكمة من بعض العرب ووسائل إعلامهم التي جانبت
الحقائق وناصبت العراقيين العداء.
في هذه اللقاءات استطلعنا آراء بعض المختصين والسياسيين في هذا
الموضوع..
* السيد جعفر محمد الناطق باسم مكتب الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي..
قبل الخوض في شرعية أو عدم شرعية المحكمة التي تنظر في جرائم صدام
حسين، فنحن نرى أن التهم الموجهة إليه ناقصة وغير مستوفية لكل
الجرائم التي ارتكبها..محاكمة صدام من حيث المبدأ مطلب أساسي
للعراقيين وغيرهم، لأن الله تعالى يقول في محكم كتابه" من قتل نفسا
بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا" إذن محاكمة صدام وأركان نظامه ليس
مشروعا فقط بل هو واجب وضرورة لحفظ القيم الإلهية والإنسانية
لمصلحة جميع الناس وخصوصا الشعب العراقي المتضرر الأكبر، وليكون ذلك
رادعا لكل الطغاة، ويجب أن تتم المحاكمة على ضوء القرآن الكريم.. أما
الفقرات التي لم تدرج في لائحة الاتهام فهي" أولا ــ جريمة استيلائه
على السلطة بطريقة غير شرعية وتشريعه لمئات القوانين الجائرة .
ثانياــ محاكمته على الجرائم التي ارتكبها قبل استيلائه على الحكم
عام 1979 وبعده..
ثالثاـ لم تتضمن لائحة الاتهام اتهامه بتهجير أكثر من نصف مليون
عراقي ومصادرة ممتلكاتهم واعتقال أبنائهم وقتلهم دون محاكمة..
رابعاــ إحراقه لمكتبات الحوزة العلمية التي صادرها . خامساــ هدم
دور العبادة ومصادرتها. سادساــ جريمة اغتيال المعارضين بأشكال
مختلفة كالسم..سابعا ــ تبديد ثروات العراقيين. ثامنا ــ جريمة إفقار
الجنوب. تاسعاــ قتل الأسرى والمدنيين وغير ذلك"
السيد مناضل جاسم محمد الموسوي نائب مسؤول مكتب حزب الله العراق في
كربلاء بكالوريوس علوم سياسية صحفي وباحث سياسي / الحاصل الآن
أن صدام الآن هو بصدد إسناد التهم فقط ولا يواجه حكما، فالمحكمة ربما
تأتى في وقت لاحق، وربما يواجه صدام الحكم النهائي في ظل حكومة
منتخبة، أما من يزايد على الحكومة الحالية ويقول عنها أنها غير
منتخبة فالغريب أن هذا البعض لم يشكل على نظام صدام ويقول أنه غير
منتخب، رغم أن صدام لم يكن مدعوما من أي قرار دولي بعكس الحكومة
الحالية التي تشكلت بقرار من مجلس الأمن ولم يستول أعضاؤها على
السلطة بدبابة ومسلحين وانقلاب عسكري كما هو الحال مع نظام صدام
المنحل .. أنا لدي ملاحظات أيضا على الطريقة التي تعامل بها الإعلام
العربي مع محاكمة صدام... هذا الإعلام صور بعض عباراته على
أنها حجج قوية دافع بها عن نفسه، كتهجمه على دولة الكويت حكومة وشعبا،
في حين أن عباراته تلك كانت محاولة لذر الرماد في العيون، فلم يثبت
على الإطلاق أن شخصا مسؤولا في الحكومة الكويتية قد تجرأ على الشعب
العراقي قبل الغزو، ولو حصل ذلك بالفعل فالسبب لا يرقى إلى مبرر
قانوني ومنطقي لشن حرب طاحنة على بلد جار وشقيق، ولو كانت الشتائم
كلها تؤدي إلى حروب، فما أكثر البذاءات والشتائم التي أطلقها صدام
على تركيا وسوريا وليبيا والسودان والسعودية وغيرها من الدول الأخرى..
هذا فضلا عن أن شرف العراقيات كان عرضة للانتهاك على يد صدام وولده
وزبانيته ولم يدعم أي توجه يحفظ قيم المجتمع ويصون شرف الأسرة
العراقية على الإطلاق، وبالتالي فهو أول من أهان الشرف العراقي، وهو
أولى بأن يعاقب على هذه الجريمة..
ولكن أجزم أن الذين يدافعون عنه هم المستفيدون منه فقط..
أما العقوبة التي أتوقع أن ينالها صدام فهو يستحق عقوبات مختلفة عن
جرائم متعددة، كلها توصله إلى حبل المشنقة..
* المحامي عبد الخالق علوان" فيما يتعلق بمشروعية
المحاكمة وشرعية المحكمة الخاصة بتوجيه التهم لصدام حسين، فيبدو أن
التشكيك بها يرجع لأسباب سياسية وليس لأسباب قانونية، سيما أن
الحكومة العراقية الحالية قد تشكلت بموجب قرار لمجلس الأمن ونالت
اعتراف الكثير من دول العالم. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن دور
المحكمة الآن هو توجيه التهم لصدام حسين وليس إصدار الحكم عليه
وبالتالي، فلايجوز الاعتراض على هذه المحكمة لأنها لم تصدر حكما
وإنما تحقق فقط..
أما فيما يتعلق بالتهم الموجهة لصدام حسين، فيبدو أنها من نوع الجرم
المشهود لأنها جرائم معلنة وليست خافية، فإعلان الحرب على إيران تم
أمام الكاميرا حين مزق صدام اتفاقية الجزائر، وبالتالي فكل ماترتب
على هذه الحرب هو من مسؤولية صدام، وجريمة حلبجة هي الأخرى مصورة
وفيها أدلة ووثائق، وأشرطة مسجلة بصوت علي حسن المجيد .. وذات الأمر
بالنسبة لغزو الكويت وإحراق آبارها، وقتل رجال الدين الشيعة، والفتك
بالمنتفضين عام 1991..
هذه الجرائم إذن يمكن أن توصل صدام إلى حبل المشنقة وفقا للقوانين
العراقية..
* المحامي جبار اشكارة" وفقا للقانون العراقي يعتبر صدام مسؤولا
مسؤولية تامة عن كل ماحدث للعراق من دمار وماجرى فيه من قتل، وإذا
كان صدام في السابق يتمترس بسلطته، فهو اليوم يمثل أمام القضاء كأي
مواطن عراقي عادي، ووجود الشخص في السلطة لا يمنحه حصانة من العقاب،
سيما حين يكون الجرم الذي اقترفه بحجم الجرائم التي اقترفها صدام
حسين طوال سنوات حكمه، وهي من الجرم المشهود الذي لا يحتاج إلى جهد
كبير في إثباته.. إذن فأغلب الظن أنه سينال عقوبة الإعدام..