قال عبد العزيز بناني عضو هيئة الإنصاف والمصالحة، وهي هيئة مغربية
مستقلة للتحقيق في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، إنه رغم التحولات
الإيجابية التي شهدها المغرب خلال السنوات الأخيرة لم تتبلور بعد إرادة
حقيقية لوقف جرائم التعذيب عن طريق النص عليها صراحة كجريمة في القانون
الجنائي والحرص على معاقبة المخالفين.
وأضاف بناني الذي كان يتحدث في الدار البيضاء على هامش ندوة بمناسبة
اليوم العالمي لمناهضة التعذيب، أن هناك إرادة ضمنية من جانب الجميع
لاستمرار التعذيب كمنهجية للعمل داخل الأجهزة الأمنية المغربية وهو ما
يتنافى وكل القوانين والمعاهدات الدولية والإنسانية التي وقع عليها
المغرب التي تؤكد أنه لايمكن لأي جريمة مهما كانت درجتها أن تبرر تعرض
صاحبها للتعذيب.
وقال الدكتور عبد الكريم المانوزي باسم مركز استقبال وتوجيه ضحايا
التعذيب في المغرب إن الناجين من جحيم التعذيب يعيشون وضعية أسوأ من
الذين قضوا تحته، ويضيف قائلا: لأنهم يظلون عرضة لأمراض مزمنة وأزمات
نفسية حادة تؤثر بشكل سلبي على حياتهم المستقبلية. وأوضح "من هنا جاءت
مبادرتنا كأطباء بإنشاء مركز للعناية بضحايا التعذيب من معتقلي
تازمامارت وقلعة مكونة وباقي المعتقلات السرية الأخرى كمشروع جمعوي ذو
طبيعة إنسانية هدفه الأساسي استقبال ضحايا التعذيب دون أي اعتبار للجنس
أو العرق أو الخلفية السياسية ودفعهم إلى التعبير عن معاناتهم وغضبهم
في محاولة للتخفيف عنهم".
وكشف المانوزي أن المركز استقبل حتى الآن ما يزيد عن 700 حالة
والعمل مستمر في محاولة لاستقبال جميع الضحايا.
وأدلى بعض ضحايا التعذيب بشهاداتهم خلال الندوة حول ما حدث لهم وكان
أشدها تأثيرا شهادة صلاح الدين حشاد أحد ضحايا معتقل تازمامارت (معتقل
جنوب المغرب هدمته الحكومة أخيرا) الذي خرج من المعتقل أكثر إصرارا على
التعريف بما وقع في ذلك المعتقل الرهيب عبر شهادة موثقة في كتاب جديد
عن جحيم تجربته الشخصية التي استمرت 18 سنة داخل زنزانات تازمامارت
المظلمة. ونظم كل من المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف وعائلات
وضحايا أحداث 20 حزيران (يونيو) 1981 وقفة رمزية أمام مقبرة الشهداء
بالدار البيضاء للمطالبة بإطلاق سراح المختطفين الأحياء وتسليم رفات
الأموات وتسوية الوضعية الاجتماعية للضحايا تلك الأحداث المأساوية.
وفي موضوع ذي صلة أكد تقرير حديث لمنظمة العفو الدولية "امنستي" صدر
الخميس الماضي أن التعذيب بمختلف وسائله وأصنافه لازال يتم بشكل منهجي
داخل أحد مراكز الاعتقال السرية بمدينة تمارة (ضواحي العاصمة الرباط).
واتهم التقرير السلطات المغربية باحتجاز المعتقلين لفترات طويلة تصل في
غالب الأحيان إلى عدة أشهر دون أي اتصال بالعالم الخارجي. |