يعيش الآن العراق مرحلة خراب كامل طال كل زاويا الحياة فيه وبالذات
الجانب السياسي المعنوي حيث تكاد الثقة أن تُفقد بأهلية أي قوى سياسية
حالية معروفة على صعيد كل التنظيمات السياسية العاملة الآن في العراق
ضمن الإئتلاف المعلن مع الحكومة العراقية المؤقتة.
والتحقيق من داخل العراق على الأوضاع المتحكمة فيه مصابة بشبه عجز
وكأن العراق يعيش حالة من الاحتضار الأخير ويعود هذا السبب الرئيسي ولا
يمكن تجاهله وينبغي التأكيد عليه مرات ومرات ألا وهو الجانب الأمني
الذي أخذ ينشط مؤخراً بالتحرك نحو كل مجالات العيش والحياة في العراق
لدرجة بات الناس يتساءلون هل من نهاية لهذه الأوضاع الإرهابية وإذا كان
هناك جواب إيجابي يؤكد على ذلك فمن هو المنقذ الذي يمتلك كامل الكفاءة
الوطنية والإمكانات المعتادة القادرة لوقف نزيف الدم في البلاد.
إن ما يحدث الآن في العراق من عمليات إرهابية متصاعدة خلال هذه
المرحلة التي تشهد أواخر أيام سلطة مجلس الحكم الانتقالي وقرب استلام
الحكومة العراقية المؤقتة لزمام أمور الدولة العراقية اعتباراً من أول
تموز القادم 2004م لوراءه أكثر من تفسير والذي يخطر على البال أن
الغاية من تصعيد تلك العمليات ليست مجهولة أن لا بد وأن سيطفح على
السطح بروز اسم أو أكثر للتجمعات أو المنظمات الإرهابية التي تقف وراء
كل العمليات الإجرامية الجارية الآن في العراق ومن باب التعريف بأن
هناك قوى سياسية خفية تعمل في العراق لأجل تحقيق مطالب وحتماً فإن تلك
المطالب سوف لن تكون شرعية لأن الأسلوب الذي تمت فيه استخدامه غير
أخلاقي البتة فإذا كان هؤلاء الإرهابيون يتبجحون عن جهل أو لا معرفة
بكونهم يريدون إرجاع السيادة للعراق وبحسب اعتقادهم الخاطئ بأن السيادة
كانت قائمة أثناء حكم البكر – صدام المقبور فهم على خطأ كبير وذلك بسبب
كون هذين الجاسوسيين البكر وصدام قد سلما العراق عملياً ووضعوا مصيره
ومستقبل شعبه في مهب الرياح الاستعمارية البغيضة التي أشرف نظام الحكم
الصدامي وفريقه السياسي الخائن على تنفيذ كل الخطط التي أكفلت تحطيم
العراق (شعباً ووطناً) لصالح قوى الاستعمار التي كانت تتحكم بصورة لا
مباشرة في الشأن العراقي واليوم فإن هذا التحكم قد أصبح تحكماً مباشراً
وهذا ما يضعف الحجة لدى كل هؤلاء الإرهابيين سواء من العراقيين
الصداميين أو العربان المرتزقة أن يبرروا عملهم الإجرامي وكأنهم
يحاربون لأجل استعادة السيادة للعراق والتي لم يكن لها أي وجود سوى
أسماء كان إعلام النظام السابق يرددها دون حياء ضمن أداء اللعبة
السياسية في عراق النظام البائد.
إن العراق يستنزف الآن من نفوس شعبه وأموال خزينته وأن هناك قوات
أجنبية متواجدة على أرضه وهي نوعان من القوات مقاتلة أو غير مقاتلة ومن
القوات اللامقاتلة القوة العسكرية اليابانية المحصورة مهامها بالمساهمة
في إعادة أعمار العراق، إلا أن الموضوع الذي مازال مدعاة للجدل في
العراق أن (توني بلير) رئيس وزراء بريطانيا – الطرف الرئيسي راهناً في
احتلال العراق – كان قد صرح مؤخراً عن تعهده ببقاء قوات التحالف في
العراق حتى إقامة نظام ديمقراطي في العراق وهذا يعني أن قوى التحالف
المحتلة بريطانيا وأمريكا بقدر ما يرفضان أي ضغط سياسي عليهما من قبل
ذوي إجراء عمليات القصف والتفجيرات والاغتيالات الجارية الآن في العراق
لكن لا يستبعد أن يكون لتحصيل حاصل ما جرى ويجري على ساحة العراق عبر
إعطاء وزن سياسي لتلك القوى الإرهابية تحت حجة (مقتضيات السياسة) وما
سيعقب ذلك من تنازلات لصالح أولئك المخربين الذين لا يستبعد أبداً أن
يكونوا قد أخذوا الضوء الاستعماري الأخضر للقيام بكل جرائمهم ضد أبناء
العراق وعناصر من قوى التحالف ذاتها.
والعراق الذي يعيش حاضراً مرحلة سياسية من أكثر المراحل الفاسدة
التي مرت به لحري أن تكون مكافحة الفساد السياسي إحدى أهم مهام الحكومة
المؤقتة التي ستستلم صلاحية حكم البلاد.
إن إنقاذ العراق لا يمكن أن يتم إلا ببذل جهود عسكرية كبرى تحاصر
بؤر الإرهاب وتنزل بهم عقوبة الموت أمام الرأي العام العراقي وبذاك فقط
سيمكن القول أن هناك مساهمة جادة من إمكانية وضع حد لكل من سوّلت وتسول
نفسه لمعاداة العراق ومحاربة شعبه.
إن ما يبدو أن سلطة التحالف البريطانية والأمريكية المحتلة للعراق
لم تكن في المستوى المطلوب بمحاربة الإرهابيين إذ لم تسخر ضدهم من
الناحية العملية ما يكفي لوضع حد لجرائم هؤلاء ويبدو أن في الأمر سراً
أو أكثر من سر والتاريخ وحده سيثبت لماذا كانت هناك عرقلة لمحاربة قوى
الإرهاب الجديد في العراق بعد سقوط نظام صدام الاستعماري الإمبريالي. |