حذر مثقفون مصريون مما وصفوه بالتأثير الضار للعولمة على أساليب
ومدارس الفنون التشكيلية العربية بهدف "طمس الهوية الفنية في دول لها
عمق فني وتاريخي مثل مصر والهند والعراق."
وقال الناقد التشكيلي المصري كمال الجويلي ان أسهل طريقة للتغلب على
أي شعب تبدأ بالسيطرة على ثقافته مشيرا الى أن الامبراطورية الرومانية
استطاعت أن تمحو مدينة قرطاجنة عام 270 قبل الميلاد بعد أن تمكنت من "ضرب
ثقافتها تماما ولا أحد الان يعرف شيئا عن الشعب القرطاجني بعد زوال كل
ما يشير الى ثقافته."
وأشار في ندوة نظمتها مساء الثلاثاء الجمعية المصرية لنقاد الفن
التشكيلي الى أن "بعض الجهات تحاول طمس الهوية الفنية في الدول الكبرى
مثل مصر والهند والصين والعراق.
"الاستعمار التقليدي السابق لم يكن يسلب وينهب الاثار ولكنهم (الامريكيين)
الان ينفقون المليارات (من الدولارات) بهدف طمس هويات الشعوب كما حدث
حين دكوا بغداد بمن فيها."
وقال في ندوة (الفنون التشكيلية في مصر أمام العولمة) التي عقدت
بمكتبة القاهرة الكبرى "لعل هناك مؤامرة لطمس كل ما هو حضاري.. نحن
أمام هجمة بشعة."
وحذر الناقد التشكيلي المصري مختار العطار من امتداد العولمة الى
الثقافة "هذا هو الخطر فكل جماعة بشرية لها ثقافتها الخاصة التي يجب
الحفاظ عليها والثقافة بمعناها الانثربولوجي لا يمكن عولمتها في حين
يمكن قبول فكرة العولمة والترحيب بها في العلوم وتطبيقاتها ولكنها
أفسدت فن العمارة مثلا وهذا ما نراه في الابراج الاسمنتية (بالقاهرة)."
وقال "لا توجد هوية عالمية" مشددا على أن الفن التشكيلي سلاح في يد
الفنان كما فعل الفنان الاسباني بابلو بيكاسو (1881 - 1973) "عبقري
القرن العشرين في رائعته جيرنيكا التي لم يدع فيها أنه رجل سياسة ولكنه
استخدم الفن سلاحا والان تسعى العولمة لنزع هذا السلاح من أيدي فناني
العالم الثالث تمهيدا لترتيب العالم كما تهوى أمريكا."
وأضاف العطار "اذا أردت أن تحرم شعبا من أسلحة التنمية فما عليك الا
أن تهاجم ثقافته ولكن الفنان الحقيقي يتمرد على هذا (الاستلاب) لان له
قضية.
"حدث هذا مع (الفنان الايطالي فرانشيسكو) جويا (1746 - 1828) الذي
رسم لوحة اعدام الثوار وغيرها من الاعمال التي تصور فظائع الجيش
الفرنسي حين دخل اسبانيا" في اشارة الى الاحتلال الفرنسي لاسبانيا
(1808 - 1814).
في حين أشارت عبلة حنفي نائبة رئيس جامعة حلوان الى أن خطورة
العولمة في "القمع الثقافي المترتب على فرض النمط الواحد بهدف محو
هويتنا."
وشددت على أن ما وصفته بالغزو الثقافي لا يقتصر على هيمنة العولمة
وحدها وانما يمتد الى "الاتجاه السلفي الاكثر خطورة من العولمة بتركيزه
مثلا على جسد المرأة لا عقلها."
وعلق الجويلي قائلا "اننا بحاجة ماسة الى تنوير جديد أكثر من تلك
الفترة التي عاشها طه حسين ولطفي السيد في بداية القرن العشرين. "توجد
تحت الارض مؤامرة على أبنائنا حتى لا يروا في الحياة الا كل ما هو
قاتم."(رويترز) |