أبرزت دراسة متخصصة التحديات التي تواجه نشطاء حقوق الإنسان كما على
الفعاليات المعنية بقضايا حقوق الإنسان في المنطقة العربية ودول الجنوب
عموماً باعتبارها ثقافة حديثة العهد من حيث كونها تشكل مرتكزاً لدولة
الحق والقانون ومقوماً لا محيد عنه للبناء عندما يصبح الخصائص المعرفي
من داخل الحركة نفسها، فكيف يمكن مواجهة التحديات إذا كان النشطاء غير
متمكنين من الأدوات المعرفية ومن الآليات الوطنية والدولية لحماية حقوق
الإنسان؟ كيف يستطيعون خلق راي عام أو تيار ثقافي داخل مجتمعاتهم إذا
لم يستطيعوا إشاعة فكر وثقافة حقوق الإنسان بمختلف الأشكال وسط
المواطنين؟ وكيف نجعل هذا الفكر يترسخ وينبت في التربية المحلية، التي
تجعله جزءاً لا يتجزأ من مقوماتها؟ كيف نتخلص من ارث سياسي وفكري
واجتماعي يعيق قدرتنا على الاجتهاد والابتكار والفعل الإيجابي في
محيطنا؟ وفي تعريف لمصطلح حقوق الإنسان الذي نتعامل معه هو مصطلح تم
تحديد ملامحه في المجتمع الدولي داخل أروقة الأمم المتحدة كرد فعل على
النتائج المدمرة للحرب العالمية الثانية، وهذا المصطلح لم يشكل مفهوماً
جديداً في تاريخ البشرية ولكنه هم قديم أخذ أشكال وصياغات عديدة في
السابق، وكان نتاج نشاط بشري يحاول الإجابة على سؤال الظلم والمعاناة،
ورفض أنماط النشاط البشري الذي انتجت هذه المعاناة.
فالعبودية والتسلط والحروب المدمرة واستغلال الأطفال والعمال
والمذابح الجماعية والتمييز بين البشر على أساس العرق والتعذيب والفقر
كلها أحداث قديمة، وأيضاً النضال لإيقاف هذا الظلم هو نشاط بشري قديم
ولعل حقوق الإنسان كتعبير لم يتم استخدامه إلا في وقت قريب، حيث كان
تعبير الحقوق أكثر تداولاً دون ربطه بالإنسان، وهذا أحد أهم المداخل
الأساسية لفهم حقوق الإنسان من خلال تمييزها عن مصطلح الحقوق،
فالمواطنة في دولة، أو الانتماء إلى شريحة اجتماعية، أو إلى دين، أو
اتحاد نقابي، أو حزب سياسي، أو عرق أو نوع جنس، أو لغة، تنتج بعض
الحقوق، ولكن حقوق الإنسان هي إنتاج الانتماء إلى الجنس البشري ومرتبطة
بطبيعة الجنس البشري فهي الحقوق المتأصلة في الإنسان لكونه إنسان
وأبرزت الدراسة أن حقوق المواطنة لا بد أن تكن أوسع حدوداً من حقوق
الإنسان، بحكم أن حقوق الإنسان تمثل الحد الأدنى للحقوق التي يجب أن
تمنح لكل البشر لكونهم بشراً، ومن هذا المنطلق يقاس تقدم الدول فالدول
التي تراعي احترام حقوق الإنسان وتلحقها بحقوق إضافية هي الدول الأكثر
تقدماً وتحضراً وشعوبها أكثر سعادة وفي تعريف وشرح للشرعة الدولية
لحقوق الإنسان أوضحت الدراسة أن الشرعة الدولية لحقوق الإنسان هي
مجموعة المواثيق التي تعتبر المرجعية الأساسية لحقوق الإنسان المعترف
بها دولياً، أتخذ العالم عام 1948 من خلال الجمعية العامة للأمم
المتحدة قراراً تاريخياً بتبني الإعلان العالمي لحقوق الإنسان باعتباره
المرجعية الدولية لتحديد الحقوق المعترف بها والتي يجب أن تحترم وتعزز
لجميع بني البشر دون تمييز، هذا الحد الأدنى من الحقوق الإنسانية الذي
يوفر الظروف المناسبة لتحقيق التنمية والعدالة والمساواة والسلم والأمن
الدولي، ومن ضمن الحقوق والحريات المنصوص عليها في الإعلان العالمي
لحقوق الإنسان، الحق في الحياة والحرية والسلامة الشخصية، المساواة
أمام القانون الحق في حرية التنقل وفي اختيار محل الإقامة، التحرر من
التعذيب (وتعرف اتفاقية مناهضة التعذيب، بأن التعذيب هو أي عمل ينتج عن
ألم أو عذاب شديد، جسدياً كان أو عقلياً، يلحق عمداً بشخص ما بقصد
الحصول من هذا الشخص، أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف ومن
ضمنها كذلك المعاملة او العقوبة القاسية أو اللإنسانية الحق في التماس
ملجأ في بلدان أخرى خلاصاً من الاضطهاد والحق في حرية الفكر والوجدان
والدين، الحق في التصويت والمشاركة في الحكومة، الحق في التعليم، الحق
في العمل، وإنشاء النقابات والإنضمام إليها، الحق في مستوى معيشي كاف،
الحق في الحماية الصحية، الحق في المشاركة الكاملة في الحياة الثقافية،
وأضافت الدراسة بعد عدة سنوات أنجز الصكوك المتبقية من الشرعة الدولية
لحقوق الإنسان أسفرت عنها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية
والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية
والثقافية وتبنت الأمم المتحدة هذه الصكوك في عام 1966 وميز هذين
العهدين أنهما يمثلان معاهدتين دوليتين ملزمتين قانوناً، بعكس الإعلان
العالمي لحقوق الإنسان، حيث تتعهد الدول المصدقة عليها بمراعاة الحقوق
المعترف بها في هذين العهدين.
وتصبح هذه الدول ملتزمة أمام المجتمع الدولي بتعزيز هذه الحقوق
واحترامها ومنحت الأمم المتحدة من خلال أجهزة مخصصة لهذا الأمر (هيئات
متابعة تنفيذ المعاهدات) مثل لجنة حقوق الطفل المعنية بمتابعة تنفيذ
أحكام الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل المنصوص عليها في الاتفاقية،
وهناك أيضاً البرتوكول الاختياري الأول الخاص بالعهد الدولي الخاص
بالحقوق المدنية والسياسية وينص على أحقية الأفراد من مواطني البلدان
المصدقة عليه بتقديم التماسات إلى الأمم المتحدة حيث تتاح لضحايا
انتهاكات حقوق الإنسان وسيلة للتظلم لا تخضع لولاية السلطات التي قامت
باضطهادها. |