قبيل انتهاء فترة مجلس الحكم الانتقالي في العراق بدأ زهاء (200)
عراقي بينهم رؤساء عشائر وعلماء دين تلقي دروس مكثفة في موضوع
الديمقراطية وشروطها وأهم أسسها وتم ذلك تحت إشراف سلطة التحالف –
الاحتلال الأنكلو أمريكية واختيرت جامعة إسلامية في مدينة الحلة..
بمحافظة بابل مكاناً لذلك.
وكان الأستاذ المحاضر الأمريكي الجنسية (جيمس مايفيلد) من مركز
البحوث والتدريب التابع لسلطة التحالف الاحتلال المنوه عنها قد قدّم
سلسلة محاضرات عن الديمقراطية باعتبارها ظاهرة حضارية ممكن صنعها
للعراقيين وقد تابع دروس تلك المحاضرات عراقيون من مدن كربلاء والنجف
والديوانية والحلة الشيعية إضافة إلى (3) مشاركين من محافظة الأنبار
السنية وتأتي هذه المبادرة كما أعلن عن ذلك رسمياً بوقتها من باب
الاستعداد لتشكيل هيئة تشريعية وطنية مؤقتة يعلن عنها في نهاية شهر
حزيران 2004م الجاري وثم انتخاب جمعية يفترض أن تتولى صياغة دستور سنة
2005م المقرر الإعلان عنه.
وبحث آخر تطورات الوضع في العراق يحتاج إلى إقران أي توجه يسير بهذا
الاتجاه السليم للوصول إلى الظفر بحياة ديمقراطية وإلى مزيد من الإقناع
في مبادئها.. فالديمقراطية ليست كلمة كل من يشاء أن يتبجح بها.
لقد مرت منذ أسابيع الذكرى السنوية الأولى لهزيمة نظام الشياطين
الصداميين أمام قوات التحالف الأنكلو الأمريكية التي احتلت العراق لكن
الثمن الأكبر قد دفعه الشعب العراقي نتيجة لموت المئات منه جراء
التفجيرات التي طالت كل شرائح المجتمع العراقي.
إن الديمقراطية إذا ما أشرقت في العراق فهذا يعني أنها ستشرق في كل
بلدان الشرق الأوسط طال أمد ذلك أم قصر، والعراقيون حتى الآن أظهروا
رغبة حقيقية واضحة في إقامة علاقات عمل وتعاون ومشاركة فعاّلة لممارسة
أفضل للديمقراطية.
وطبيعي فالمداخلات والمناقشات يطولان كثيراً عن الديمقراطية وماهية
الديمقراطية لكن تكرار اللقاءات بين جميع الأطراف العراقية التي تشكل
بمجموعها (الطيف العراقي السياسي) ستوصل حتماً إلى أن للديمقراطية
وتقاليدها في بعض البلدان ممكن أن تناقش لمدى إمكانية نجاحها في العراق
الذي عرف شعبه ووطنه إن الديمقراطية عملية مستمرة ممكن أن تكون
الانطلاقة العامة للمجتمع والدولة بالعراق من مواقعها وخصوصاً وأن
الغالبية العظمى في المجتمع العراقي تؤيد أي نهج حقيقي للديمقراطية
التي حرمت منها الجمهرات العراقية طيلة فترة (35) سنة من حكم صدام
وفريقه السياسي الإرهابي حيث حجبوا الديمقراطية وممارساتها حتى الأولية
منها ويمكن القول أن الإنسان العراقي في تلك الحقبة السوداء المخزية من
تاريخ السياسة في العراق قد حرم حتى من مطالعة أي كذب سياسي يحتمل أن
حصل عليه أي مواطن عراقي.
والعراق اليوم بعد تشكيل الحكومة المؤقتة يتطلع إلى نيل الديمقراطية
الجادة وتشير المعلومات السريعة التي أضحت تطرح علناً حول تحقيق
الديمقراطية للعراق وبحسب ما صرح به (كولن باول) وزير الخارجية
الأمريكي قبل فترة عقب زيارة خاطفة قام بها إلى بغداد أن الديمقراطية
في العراق سيأتي تطبيقها من باب عمليات الإصلاح ضمن إطار ما يسمى ببحث
قضية العراق ضمن (الشرق الأوسط الكبير) وطبيعي فإن العراقيين أحرص من
أي شخصية أجنبية يمكن أن تنوه إلى ضرورة تطبيق الديمقراطية بالعراق
وبالذات بعد أن حصل أهل العراق على مكسب عملية التغيير السياسي الذي
جرى في العراق منذ ما ناهز السنة.
وحتى لا يكون هناك شيء من الفوضى عند تطبيق الديمقراطية في العراق
التي بدأت بوادرها تلوح في الأفق منذ إعلان تشكيلة الحكومة المؤقتة
التي من أولى مهامها إنهاء مظاهر القمع في العراق والإتيان بالبديل
الديمقراطي الذي كيفما سيكون متواضعاً لكنه سيكون أفضل من حكم القمع
الصدامي الذي استهدف كل الشعب العراقي ومنع ممارسته لأي ديمقراطية.
ليس عيباً أن يتم التباحث حول ماهية الديمقراطية التي ستطبق في
العراق الجديد ولعل استقبال الحكومة المؤقتة لجميع الآراء الممكن أن
تدلوا بدلوها عن تصورات الحرية والديمقراطية فيها من الفوائد ما يزيد
على الأضرار وأكيد فإن من صمت أغلبية المجتمع العراقي وانتظار ما ستسفر
عنه الجهود بصدد التحقيق المنتظر لـ(الديمقراطية) في العراق.
وحتى يتم تحاشي أي فساد محتمل أن يظهر بصورة صارخة في العراق
الانتقالي الحالي فإن ما يمكن التأكيد عليه أن المجتمع العراقي حريص
على ممارسة الديمقراطية والمشاركة بوضع أسسها الثابتة لمستقبل العراق
بمباركة مبادئ العدالة والحق التي يقدسها العراقيون كأي شعب آخر. |