لم يشهد العراقيون ما شهدوه منذ سقوط صدام
وإلى الآن... أشبعهم الطاغية الساقط حروباً وأغرق العراق في بحر من
دمائهم.. وعبث بكل مقدراتهم، وبدد ثرواتهم هنا وهناك مشترياً أقلاماً
وأبواقاً ومتملقين، بينما كان نصيبهم الجوع والفقر والحرمان.. ولكن
ما يشهدوه اليوم هو محاولات خطرة لإرباك أوضاعهم الحياتية بغية تمرير
أهداف وغايات لا تمت بصلة إلى أهداف العراقيين وغاياتهم.. وكان من
بين الأساليب التي لجأت إليها بعض الحركات العراقية التي تأسست بعد
سقوط صدام لملء فراغ سياسي عاشته جراء فقده، هو إغراق الواقع السياسي
العراقي بالأزمات حتى أنها لجأت إلى التعاون مع بقايا النظام ومندسين
عرب لإشعال أعمال العنف...
العنف الذي لم يفرق بين دم عراقي وآخر بل استهدف كل الجسد العراقي
وامتد ليشمل جميع الجغرافيا العراقية... في المعامل والمصانع وفي
المساجد ودور العبادة.. في الأسواق وفي الطرقات، وحتى البيوت
العراقية لم تسلم من هجمات هذا العنف الأعمى !!.
فماهو رأي العراقيين يا ترى بأعمال العنف التي اعتبرها البعض خيارا
شعبياً يمثل تطلعات العراقيين؟.. التقينا عددا من العراقيين فأجمعوا
على رفض العنف وأبدوا ميلاً للعيش بسلام، كما أكدوا أن الأعمال
المسلحة يجب أن تكون تحت نظر شخصيات دينية وسياسية تعتبر المرجعية
لأي تحرك شعبي..
*ودعا
السيد إبراهيم إلى وقف الأعمال التي تعرض أمن المواطنين للخطر : (
نحن ندعو إلى وقف أعمال العنف التي أربكت أوضاعنا الحياتية والأمنية..
هناك العشرات من الأشخاص وبعضهم من عائلة واحدة قد قتلوا في مواجهات
لا طائل من ورائها.. نحن نأمل أن الاحتلال سينتهي بعد شهرين وتشكل
حكومة عراقية وطنية، فلننتظر ونرى هل ستشكل هذه الحكومة أم لا؟ وهل
سينتهي الاحتلال أم لا؟
عندها لكل حادث حديث. أما الاستعجال الذي حصل فيبدو أنه في غير محله،
وإن كنت أحمل قوات التحالف وبعض الشخصيات السياسية مسؤولية كبيرة
فيما جرى، لأنهم همشوا تيارات سياسية ودينية وثقافية فاعلة كان ممكن
استيعابها ضمن تشكيلة مجلس الحكم أو سواها.. أخيرا أدعو أخوتي
العراقيين إلى الهدوء والحذر من استغلال انعدام الأمن.. قبل أيام دخل
اللصوص إلى بيت إمام مسجد وسلبوه ماله، مدعين أنهم يمثلون واجهة
معينة، فهل يحصل هذا لو تكاتفت جهود الجميع من اجل الأمن؟.
الفوضى حرمت ابنتي من
المدرسة
*
ولم يخل حديث السيد جلال عبد الأمير من مرارة وهو ينقل حوادث مؤلمة:
(الأحداث التي تحصل حالياً لا تطاق.. الناس يعيشون قلق دائم
وحيرة متواصلة.. هذه السرقات التي تحدث باسم هذه الجهة أو تلك ولأكون
صريحاً أكثر... هناك عصابات تسرق الناس وتدعي أنها من جيش الإمام
المهدي.. هذه الأمور حصلت وتحصل.. يأتون جماعة ملثمين ويدخلون البيوت
تحت تهديد السلاح بدعوى أنهم من جيش المهدي.. وهم في الحقيقة ليسوا
من هذا الجيش بل استغلوا الانفلات الأمني ليسرقوا الناس.. الليلة
الماضية حدثت سرقة من هذا النوع في حي الموظفين حيث دخل ملثمون
إلى بيت فيه نساء فقط، وادّعوا أنهم من جيش المهدي.. شهروا سلاحهم
بوجه النساء وأخذوا ما أخذوه من البيت ورحلوا..
أنا شخصيا منعت ابنتي من الذهاب إلى المدرسة لأنني أخشى عليها من
الاختطاف، فماذا أفعل لو اختطفوها وطلبوا مني دفع ثلاثين مليون دينار
كما فعلوا مع شخص معروف لا أريد ذكر اسمه؟.. اختطفوا ابنته وطالبوه
بدفع ثلاثين مليون دينار، واظطر لأن يدفع!
نحن نعيش في دوامة من القلق ولا ندري ماذا نفعل وإلى من نشتكي..
أمريكا جاءتنا وهي تدعي أنها ستحررنا، فهل هذا هو التحرير؟
العراقيون أقدر على حفظ الأمن
*ويرى
السيد سلام عبد الرضا أن : الأوضاع غير مريحة جداً والسبب هو عدم
سيطرة الحكومة الأمريكية على الأمور في العراق..أظن لو أنهم سلموا
السلطة للعراقيين ربما انتهت هذه الأمور أو خفت بشكل
كبير..فالعراقيون أقدر على تشخيص العناصر المخربة والشريرة في الشارع
وفي المجتمع.. وفوق هذا هم أحرص برأيي على أمن بلدهم.
وفضلاً عن ذلك لا بد من أن نتحلى بالمسؤولية .. يجب أن نحرص على
سلامة بعضنا البعض ونتكاتف كي نصون أنفسنا ووطننا وأخوتنا.. مسألة
الأمن لا تخص شخصاً دون آخر، فحين يتعرض شخص ما للخطر أظن أن كل
المجتمع سيلحق به الضرر جراء ذلك.
التحلي بالمسؤولية يجنبنا الكثير من المشاكل، فحين أرى أن سيارتي تقف
في مكان يزعج الآخرين، أو أن بسطة المواد التي أعيش منها تعطل السير،
أو أن عمل ما أقوم به يضر الآخرين، فعلي أن لا أقوم بكل هذه
الأفعال لأنها مضرة، من باب الإحساس بالآخرين.. هذا الشعور يمكن أن
ننميه من خلال وسائل الإعلام ومن خلال خطب رجال الدين).
رجال الشرطة يخشون التصفية
ولم
يخف السيد عقيل حبيب حسن وهو شرطي مرور مخاوفه: نخاف على أنفسنا لان
الوضع غير مستتب، وهناك عصابات منظمة باتت تسرق وتقتل الناس مدعية
أنها جيش المهدي..صدقني لا نستطيع أن نقوم بعملنا على الوجه الصحيح
طالما أن الناس يشعرون أنهم فوق القانون.. حتى سواق السيارات لم
يعودوا يلتفتون لإشارات رجل المرور أو الإشارات الضوئية لأنهم يدركون
أن رجل المرور لا حول له ولا قوة، فهو غير مسنود من قبل حكومة قوية،
مع أننا هنا لنقوم بخدمة الناس وتنظيم السير... الناس يا أخي تعيش
أوضاعاً صعبة.. فالمسيء بات لا يخشى من العقوبة، وحتى رجال الشرطة
صاروا يخشون توقيف هذا الشخص أو ذاك خوفاً من الملاحقة والمشاكل.
مواطن آخر رفض التقاط صورة له، ورفض ذكر اسمه اختصر كل ما تقدم بقوله:
هل سمعت شيئاً عن أبي طبر؟!
وأجبته : نعم سمعت عن هذا الأمر ولم أحط به بالضبط.
أضاف قائلاً: نفس الأسلوب يتكرر لتمرير نفس المخطط.. نشر الرعب في
أوساط الناس إخافتهم، إرعاب الشخصيات السياسية والثقافية والدينية
والإعلامية لترتيب الأوضاع وفقاً لما ينسجم مع أهداف أصحاب (الطبر)
هؤلاء؟!
ـ وأضاف ـ صحيح أن أصحاب الطبر قد استفادوا من حركات وشخصيات وعصابات،
ولكن هذا لا يؤثر على مسار ما يخططون له.. ولكنها محاولات فاشلة، لأن
العراقيين اليوم غير العراقيين قبل ثلاثين عاماً، فلا مكان للطائفية،
والناس تعي ما تريد وتصر على ما تهدف إليه!!
|