تتطلع معظم الأوساط السياسية العراقية بهذه
المرحلة التاريخية نحو الهيئة الدولية (هيئة الأمم المتحدة) كي تلعب
دوراً استشارياً من جانب ومشرفاً على أوضاع العراق القادمة التي
ستتلاحق بسرعة كما هو مقرر لها اعتباراً من أوائل شهر تموز القادم
2004م وذلك من أجل وضع حدود دولية مشروعة تقر للشعب العراقي كامل حقه
في اختيار الحكم الذي يرتيئه ومزامنة ذلك لاستعادته لكامل السيادة على
أرضه التي كان قد فقدها (دون إعلان ذلك) وبصورة عملية منذ 17 تموز
1968م وهو اليوم الذي نجحت فيه موآمرة استلام البكر – صدام للسلطة في
العراق.
الدور القادم الممكن أن تلعبه المنظمة الدولية
في العراق لفترة ما بعد استعادة السيادة للبلاد اعتباراً من أوائل شهر
تموز القادم 2004 أي بعد زهاء فترة شهرين هو اليوم حديث الساعة بين
أوساط عراقية يهمها أن يجتاز العراقيون محنتهم الصعبة سواء على الصعيد
الداخلي أو الخارجي بكل سلام وأمان خصوصاً وأن أمام الحكومة العراقية
المؤقتة المزمع إعلان تشكيلتها مع إعلان استرجاع السيادة للبلاد مهام
جسيمة نظراً للتركة الثقيلة التي سترثها وستكون على قائمة أولويات
عملها.
فعلى الصعيد الداخلي على الحكومة العراقية
القادمة أن تعمم الديمقراطية الحقة بين فئات وأحزاب العراق المختلفة
المشارب وأن تضع أسس ناجعة لتحديد طبيعة العلاقة بين الجهات السياسية
العراقية المستند إلى فتح صروح الحوار الإيجابي بين الجميع وحل كل
المشاكل الممكن أو المحتمل أن تظهر بأسلوب التفاهم الحريص، مع ضرورة
وضع أحكام عملية تحول دون اختراق الدولة العراقية الجديدة من قبل
العناصر الصدامية التخريبية أو الإرهابية التي لا تعرف غير الصيد
بالماء العكر واقتراف الجرائم السياسية حسبما تنقل ذلك التجربة معهم
داخل العراق الذي عرضوا أرضه وخيراته وأبناؤه بدرجة ملموسة إلى أفدح
المخاطر وتحت حجج واهية رفضها في حينها كل عقل عراقي راجح، وبديهي جداً
أن تكون الديمقراطية إحدى أهم الأسس التي يتوجب أن يستند إليها الحكم
الجديد بما في ذلك إنشاء المؤسسات الديمقراطية كـ(البرلمان) وغيره.
إن ما يشجع حقاً أن المرحلة القادمة سوف تكون في
صالح العراق هو أن (قانون الدولة العراقية) قد صدر قبل فترة وجيزة وفيه
من الأبواب ما يمكن اعتباره الطريق النير لإزالة أي إرباك فالبلاد ستمر
بمرحلة انتقالية فعلية طيلة فترة قد تصل لزهاء نهاية السنة الحالية
2004م وتستند بذلك على مبادئ الدستور المؤقت المسمى بـ(قانون إدارة
الدولة العراقية) ووفقاً للمبادئ التي تضمنها في ديباجته التي صدرت قبل
زهاء شهر ونصف.
وما يشجع سياسيو العراق على الاعتماد أن تكون
الأمم المتحدة طرفاً رسمياً للتنسيق على إضفاء شرعية أكثر للحكم
العراقي المقابل أنه سيكون نابع من الشعب العراقي وإليه وفقاً للقوانين
والأعراف الدولية المقرة في أهلية أي دولة عضو في المنظمة الدولية
وجدير ذكره بهذا المجال وبحسب وكالة رويترز للأنباء أن الجمعية العامة
للأمم المتحدة وافقت منذ فترة قصيرة خلت على أول معاهدة عالمية لمكافحة
الفساد بأنواعه من تجريم الرشوة واختلاس الأموال وأيضاً غسيل الأموال
وهذه كلها ممكن أن تكون بمثابة إلزام للحكومة العراقية كي تقي كيانها
الجديد من أي عملية فساد وتلزم وجود مراقبة شديدة على أعضاء الحكومة
العراقية المقبلة كي لا يقترفوا أي عملية نهب أو استغلال نفوذ كما كان
ذلك مشاعاً في عهد حكومة صدام وسرسريته من السياسيين.
ولعل من المهام الممكن أن تساعد على تسهيل
تحقيقها لصالح العراق المقبل استرداد الأموال المنهوبة وبالذات تلك
التي سرقها بصورة علنية (المحتال صدام) من أموال بيع النفط واستحواذه
على نسبة (5%) التي كانت قبل قرار تأميم النفط سنة 1973م تذهب إلى
الشخصية العراقية المسيحية (كولبنكيان) الذي كان قد أطلق عليه (مستر
5%) حيث كان يحصل على تلك النسبة من بيع النفط العراقي إلى الخارج
بموجب اتفاق أبرم معه من قبل حكومة الاحتلال البريطاني منذ أوائل
ثلاثينات القرن الماضي وتحت موافقة الحكم الملكي الأول الذي كان على
رأسه الملك فيصل الأول علماً أن رقم المبالغ المذكورة التي أودعت لأول
مرة باسم ميشيل عفلق في بنوك سويسرا بتغير خيالية وتصل إلى ما لا يقدر
من المليارات الدولارات (جنيف) قد حولها صدام لاسمه وأبقاها مودعة في
نفس بنوك العاصمة السويسرية وغير ذلك من الأموال المودعة باسم صدام
وأعضاء فريقه السياسي من حرامية الدولة البائدة.
كما أن ما سترثه الحكومة العراقية المقبلة من
إرث مالي ثقيل هو كيفية حلها للديون الخارجية المسجلة على العراق أثناء
عهد صدام والتي تصل إلى مليارات الدولارات لصالح دول أخرى. إن الأمم
المتحدة مرشحة لتنظيم مشاركة فاعلة مع الحكومة العراقية من أجل تجاوز
أي عراقيل تعيق عملية استعادة بناء العراق وفي مشاركة المنظمة الدولية
فسوف يكون العراق قد أشرف على مستقبله بصورة افضل من تدخل أي دولة أو
حلف أجنبي أو جهة دولية أخرى. |