عنه جل جلاله وعلىّ مكانه ومن آياته:
(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ
مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا...).
التكامل سعي للوصول إلى الله تعالى في الخط الذي
رسمه لنا، والزواج من أقدس الروابط الإنسانية، وأهنأ العلاقات البشرية
في الحب والميل لكل من الذكر والأنثى إلى الآخر، فيصير الرجل كمالاً
للمرأة والمرأة كمالاً للرجل ولا أظن عاقلاً يتوانى عن كماله، والباري
جل شأنه إتماماً لنعمته على الزوجين جعل المودة والرحمة بينهما ليسكنا
إلى بعض، بعد جهد وكدّ حثيث في الدنيا، فجعل الله راحة كل من الزوجين
في رجوعهما إلى بعضهما فبذلك تحقق لهما السعادة المرجوة، لكن الزواج هو
أساس الأسرة وبداية المسؤولية والأسرة أصلها اللغوي من (أسرَ) ويعني
القيد أو التقيد، ومن ثم فإن الأسرة في الإسلام هي تكليف أكثر منه
تشريفاً، لذلك لم تنطلق الدعوة الإسلامية إلا بعد تكوين الأسرة لما
يكون للأسرة من دور إيجابي في التنمية والإصلاح والتقدم.
ولا شك أن عماد الأسرة هي الأفراد، وأول أفرادها
الزوجان ونظراً لاختلافهما الطبيعي إضافة إلى اختلاف المزاج والذوق قد
يحدث بينهما مشادة كلامية أو فتور في العلاقة أو شكوى من الطرفين مما
يزيد الحياة مللاً فوق ملل، ولن يتم حل هذه الشكوى إلا بتجديد الحياة
الزوجية ودفع الملل، فالملل شيء يأتي غالباً من داخل الإنسان لانتصار
الظروف السيئة وكثرة المشاغل والأعباء والضغوط ولكي ينجو الزواج من
مصيدة الملل، يجب الاهتمام به ورعايته، فالزواج مثل الكائن الحي يظل
متمتعاً بالحياة ما دام هناك الجديد، ولن يتم قهر الملل إذا لم يكن لدى
الإنسان غاية في هذه الحياة، لأن الزواج بحد ذاته ليس غاية، بل هو
وسيلة لحفظ النوع الإنساني وحفظ المجتمع من الإنحراف، وتربية النشئ على
الخلق القويم الراسخ.
وعلى كل منهما واجبات تجاه الآخر عليه أن يؤديها
بأفضل وجه بل يبدع فيها ويغير من نكهتها إلى الجديد الأطيب.
فعلى الزوجة أن تشارك المجتمع في مسراته وأحزانه
فتشارك جيرانها على قاعدة (أن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من
الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم)
فمشاركة الزوجة في أعمال الخير والبر وحضور دروس
العلم وحلقات القرآن الكريم وقراءة الأدعية والزيارات وحضور المجالس
الحسينية خير معين لها على دفع الملل.
كما على الزوجة مساعدة الزوج في تجديد أسلوب
الحياة اليومي، وفي طريقة العيش، كما على الزوج أن يقوم برحلات للراحة
والاستجمام مع عائلته، فمن لا يحسن فن الراحة لا يحسن فن العمل، ويمكن
كذلك ترتيب الزيارات العائلية وصلة الأرحام، وعلى الزوج أن لا ينسى
زوجته من كلمات الحب والثناء، وأن يشعرها بأهميتها في حياتها ومدى
مساندتها له في مواجهة الحياة وظروفها المتقلبة، وأن يحاول قدر الإمكان
العمل على سعادة أسرته وزوجته، وأن لا يجعل الأنانية تسيطر عليه، فيذهب
للتسلية مع أصدقائه بشكل مبالغ فيه، مع إهمال تام للزوجة والأولاد،
وايضاً على كل الطرفين تعلم فن الاتكيت التعاملي مع الآخر بشكل لائق
وظريف بحيث يزيد الحياة رونقاً وجمالاً والعيش في كنف بعضهما البعض
سعيداً والتمتع بالنعم الإلهية هنيئاً مريئاً. |