تبذل هذه الأيام بعض الدوائر المشبوهة وعبر
أجهزة الإعلام الفضائية وبالتنسيق مع ذوي التوجهات العنفية والمتطرفة
سواء داخل العراق أو خارجه بهدف احتواء عملية التغيير التي جرت بالعراق
ولكن دون وضع أي خطة مدروسة معلنة لمعرفة ما يجري الآن في العراق ضد
تلك العملية التي ينبغي منحها الفرصة الكافية كي تثبت أما مصداقية
خطابها السياسي الوارد على لسان قادة دولتا التحالف الاحتلال أو
تراجعهما عن ذلك وعندها سيمكن القول بثقة أن السياسيين بالعراق قد
تعاملوا مع أحداث بلادهم بشيء من الحكمة السياسية المطلوبة لهذه
المرحلة.
صحيح أن زهاء سنة قد مرت على إبعاد النظام
البائد عن السلطة في العراق وهي مدة طويلة تلاشت فيها بعض الآمال
السياسية وتعرضت المصداقية بقوى التحالف – الاحتلال الأنكلو الأمريكية
لمزيد من الاهتزاز الآن أن الظفر من استكمال الغايات التي جرت وأتت بها
عملية التغيير ماتزال تعقد عليها فرصة تحقيق شيء من الديمقراطية للعراق
والتمتع بالسيادة فيه الذي منه سيخطوا العراق أولى خطواته نحو
الاستقرار لبناء مستقبل افضل على الرغم من أن محاولات محمومة يقوم بها
أزلام النظام السابق للإبقاء على حالة الإرباك داخل العراق ويظهر ذلك
ملياً في العمليات العسكرية المضادة للقوى الأجنبية تحت ذريعة أنها قوى
محتلة إذ لا يختلف أي وطني على أن تلك القوى الأجنبية هي قوى غير محتلة
لكن لهذا الاحتلال ضريبة ستدفع ثمنها القوى الأجنبية ذاتها إذا ما أخلت
بوعوده لها من كون الاتجاه العام لمبرر تواجدها بالعراق هو استكمال
العمليات الكافلة لتحقيق الديمقراطية والسيادة للعراقيين ضمن خطة سياسة
بناء العالم الجديد الذي تبنته القوى الرئيسية من بين الدول الغربية.
ومما يمكن فهمه مما جرى وسيجري في العراق من أن
حالة الترقب التي تجتاح المجتمع العراقي لما سيتحقق فعلاً من قطع
الوعود الغربية للعراقيين بشهر حزيران القادم 2004 الذي لم تبقى من
مدتها سوى شهر ونصف تقريباً لكن حالة الترقب الآنفة يجابها اليوم أزلام
النظام السابق بكثير من الخوف على مستقبلهم إذ تبدو التقديرات من
اللعبة السياسية الجارية بالعراق منذ ما ناهز الـ(35) سنة قد أشرفت على
إنهاء آخر فصل منها بعد أن عرف أن النظام الصدامي البائد بقياديه
المشبوهين الذين أيده تجمع ملايين من جهال السياسة والانتهازين وتأييد
المطبلين والمزمرين الذي اجتمعوا على عهد نصرة الشر في العراق وأجازوا
لأنفسهم بإسقاط ضمائرهم بأيديهم فأصبحوا من الأدوات الطيعة للنظام
المذكور فتزامن تجمعهم آنذاك مع كل ما كان يحاك ضد الشعب العراقي
والوطن العراقي أيضاً.
وهؤلاء الأزلام من مرتزقة النظام الصدامي الظالم
يخشون اليوم أن تقترب منهم ساعة حساب الشعب العراقي الذي أهانوه وقتلوه
وشردوه وصادروا على أثرها كل امتيازات البلاد من أجل نشر جريمة الدولة
بأرجاء العراق خصوصاً إذا ما اتيحت فرصة منح الجماهير العراقية فرصة
المحاسبة القانونية ضد كل أعدائهم من هؤلاء الذين لا يعدو أكثر من خونة
الشعب العراقي.
إن الحكومة العراقية القادمة إذا ما أخذت على
عاتقها جدياً زمام محاسبة أزلام النظام على جرائمهم الفعلية التي
ارتكبوها ضد بني جلدتهم ودون أي فروض للوصاية ممكن أن تملى على
المؤسسات القضائية لتلك الحكومة المزعومة وإتمام مشاركة المجتمع
العراقي دون أي تردد أو خوف لاعتماد جهات قضائية نزيهة تشكل من أشخاص
وطنيين عرفوا ماضيهم السياسي بالنصاعة والشرف وممن يهمهم معنى ونتيجة
قوافل شهداء الشعب العراقي الذين ذهبوا ضحية ممارسات النظام السابق
الإجرامية، وضرورة أن يكون الاقتصاص من هؤلاء المخالفين (بالمثل) فالذي
نفذ جريمة قتل أي من العراقيين أو تسبب بذلك أن يواجه القتل وفقاً
للقانون والذي تسبب في قطع رزق مواطن عراقي لمدة عشرين سنة (على سبيل
المثال) أن يعاقب بعقوبة السجن إضافة لمنعه من التوظيف لدى قطاع الدولة
مدة عشرين سنة إذا كان المتضرر موظفاً في الدولة أما إذا كان المتضرر
موظفاً في القطاع الخاص فإن الضار يحكم عليه بعدم جواز الاستفادة من
التوظيف لدى القطاع الخاص وذلك بعد انقضاء فترة محكوميته ولنفس السبب
وطبيعي فمثل هذه العقوبات الممكن تسميتها بعقوبات (المثل) أن تدس من
قبل جهات عراقية دينية ووطنية وقانونية وذات تخصصات وخبرات عالية.
إن الحكومة العراقية المؤقتة التي ستشكل في
حزيران 2004م هي مشروع سياسي بحد ذاته وينبغي توفير كل الأرضيات
الكفيلة بإنجاحه وأن الشعب العراقي باعتباره المعني الأول في عملية
التغيير التي ستجري وفقاً للقانون لذا ينبغي أن تولى حقوقه وصيانتها
الأولوية مع الأخذ بكل اعتبار أن أزلام النظام السابق هم ركيزة قوية
للجريمة السياسية وأنهم غير قابلين للإصلاح وأنهم كانوا الطرف المنفذ
لخطوات الموآمرة ضد الشعب العراقي وأن ما يضمروه من شر للعراق سيبقى
أكبر مما سيبديه بعضهم من تمثيلية إعلان انسجامه مع الوضع السياسي
الجديد الذي سيأتي قادماً فالأفعى تبقى أفعى حتى لو بدى ملمس جلدها
ناعماً. |