سوية الشخصية وإيمانها بالله سبحانه وتعالى،
ومبدأ الوطنية.. شكلت أهم خطوط الهاجس السياسي الإجرامي لسلطة النظام
البائد في العراق.
نسيج عجيب هذا الذي جمع أزلام النظام على الشر
والشرور في العراق الذين أجازوا لأنفسهم أن يكونوا أداة من أشد الأدوات
الخسيسة ضد ابناء مجتمعهم ففي المرحلة الأولى من تاريخ حكم انقلاب
1968م المشبوه كان السلطات الأمنية والمخابراتية ولسبب قد يبدو مجهولاً
قد وجهت جام نشاطاتها ضد الأشخاص الأسوياء إذ تصور أركان النظام
وأسيادهم أن القضاء أو تحجيم التطلعات المشروعة لدى شريحة الأفراد
الأسوياء معناه إزالة المخاطر عن طريق خطط الانقلاب في التخريب الشامل
الذي سيحدث للعراق (إنساناً ومجتمعاً ووطناً).
ومع إدعاء أن سلطة الانقلاب قد جاءت بما كانت
تسميه بـ(ثورة بيضاء) أي دون أن تريق دماء أحد في مفارقة سياسية لتعطي
تلك المناسبة مثالاً معاكساً لدموية إنقلاب 1963 الذي قادته نفس عصابة
الحكم ولكن مع اختلاف بسيط في (الديكور السياسي) ولم تمضى أيام من
الانقلاب الثاني 17 تموز حتى كان حدوث انقلاب داخلي في 30 تموز على من
كانوا قد أدوا الدور الرئيسي في إنجاح الانقلاب وأدعت قيادة الانقلاب
الجديد وبمراوغة شيطانية أنها وبسبب شعورها الحريص على تحقيق
الديمقراطية للبلد فقد قامت بحركة 30 تموز وكان لبعض القوى السياسية
قصور في النظر حيث صدقت ذلك الادعاء (بدرجة وبأخرى) حتى ذهب الحال بمن
كان يفترض أنه مازال في صف المعارضة للحكم الانقلابي على اعتبار أشخاصه
ممن يعرفه الشعب العراقي هويتهم السياسية المشبوهة لكنهم أيدوا أن يكون
للانقلابيين الجدد مثل ذاك (التوجه الديمقراطي) لمجرد أن أدعى النظام
الجديد ذلك ناسين أو متناسون أن المجرم لا يمكن أن يتخلى عن اقتراف
جرائمه السياسية مهما ادعى خصوصاً إذا كان خيانة الشعب والوطن تلف نهجه
إلا أن البعض سواء عن حسن أو سوء نية كانوا يحاججون الرأي العام
العراقي أن اتخاذ إجراءات الإنقلابيين مثل غلق السجون السياسية واعادة
المفصولين السياسين الى وظائفهم الذين سبق وفصلوا منها خلال فترة
انقلاب 1963 والاتجاه المعلن في تصريحات عناصر الإنقلاب الى حل المشكلة
الكردية وضرورة إسهام جميع القوى السياسية في مسؤوليات إدارة الحكم ضمن
ميثاق اتفاق جبهوي عام كلها أسباب موجبة للتأييد. وفي الوقت الذي انطلت
فيه تكتيكات الحكم الجديد الذي كان يقوده بحسب الصورة الظاهرة كل من (البكر
– وصدام) وأصبحت هناك صلات لبعض القوى السياسية المعنية بالتعاون مع
السلطة الجديدة كانت هواجس النظام قد أضحت متجهة للإساءة للدين
الإسلامي واعتباره خرافة وأن معتنقي الإسلام هم أعداء العراق وكانت
هناك إجراءات إجرامية وإرهابية قد تمت لـ(ملاحقة) كل من يعلن جهاراً
إيمانه بدين الله الإسلام ووصل الحال الى اتخاذ تصفيات جسدية بحق
العديد من المؤمنين ورغم أن أركاء النظام قد اتخذوا موقف الصمت على
اقترافاتهم لتلك الجرائم حتى لا يشكل اعترافهم بها استنكاراً لهم من
قبل المجتمع العراقي إلا أن الحقائق كانت دائماً تكشف (ولو متأخراً) عن
تلك الاقترافات التي يتقزز منها كل الناس فمثلاً أن (حازم جواد) أحد
وزراء انقلاب 1963م قد أشار صراحة في المحاورى التي أتمها معه جريدة
الحياة اللندنية في شهر شباط الماضي 2004 بأن النظام الصدامي قد اقترف
جريمة اغتيال كل من (السيد محمد باقر الصدر) وشقيقته العلوية (بنت
الهدى) وطبيعي فإن القائمة للذين قتلهم النظام الصدامي تطول وتطول ومن
البوادر المقبولة تاريخياً أن يتم الاعتراف بها سواء من قبل النظام
الصدامي أو امتداد أو أي شخص أو جهة تحصل على معلومات مؤكدة لما كان
يقوم به النظام المذكور من تجاوزات وجرائم ضد الشعب العراقي وبذات يمكن
التذكير أن النظام الصدامي في فترة تحالفه مع بعض القوى السياسية لما
سمي بـ(بيان آذار) الذي عقده مع القوى السياسية الكردية ثم ما سمي
بـ(ميثاق الجبهة الوطنية والقومية التقدمية) قد استغلهما النظام أشر
استغلال ضد جماهير المؤمنين والمؤمنات في العراق وقد استقوى ضمناً بتلك
القوى على اعتبارها قوى حليفة له في اعتقاد النظام على الأقل.
أما عن اعتناق (مبدأ الوطنية) فقد كانت أهم تهمة
وأكثر جاهزية لتوجه من يحلو للنظام أن يعاقبه على ما لا يقترفه أو يوم
به ضد النظام ونتيجة لهذه التهمة الجاهزة تمت تصفية أكثر من (4) ملايين
إنسان عراقي سواء في السجون الذين كانوا يتهمون بتهمة (الوطنية) أو في
جبهات الحروب المفتعلة وبتهمة مذيلة من تهمة الوطنية وهي تهمة عدم
الدفاع عن الوطنية وأرض الوطن ضد من كانوا يسميهم النظام بالأعداء حتى
بات الأمر واضحاً أن الإنسان العراقي هو المستهدف الأول من حكم انقلاب
1968م. |