يتصاعد الهاجس السياسي العراقي الآن بكون إصلاح
وضع البلاد بعد مرور سنة على هزيمة النظام السابق والتعقيدات التي
اعقبته من محاولات تجاسر ما يسمى بـ(المقاومة) على أرواح ناس العراق
وممتلكاتهم عبر عمليات التفجير المتكررة لصالح أعداء العراق العلنيين
والخفيين.. (المعرفون الهوية واللامعروف) كل ذلك قد خلق نوع من التصور
من أن وباء القلق المشروع عند العراقيين على مستقبل البلاد ينبغي أن
يؤخذ بكل الاعتبارات الموضوعية على الأقل من قبل العراقيين السياسيين
المخلصين.
ففيما يتعلق بما تفيده الأنباء عما يحدث داخل
العراق حول الأحداث الأخيرة المتعلقة بالمصادمات العنيفة بين قوات
الاحتلال – التحالف الأنكلو – أمريكية من جهة ومؤيدي السيد مقتدى الصدر
واتهامه في قضية اغتيال السيد عبد المجيد الخوئي أحد أنجال المرجع
الديني السابق السيد أبو القاسم الخوئي (رض) وثم التطورات اللاحقة التي
اعقبت أربع مقاولين أمريكان وتعليق جثثهم على جسر مدينة الفلوجة قد
وجدت المبرر الكافي لدى قوات الاحتلال لفرض سيطرتها أكثر على الوضع
الداخلي العراقي ولكن بطريقتها الخاصة وهذا ما أدى الى انفجار الشارع
العراقي بالعديد من المدن من قبل (مؤيدي الصدر) الذين مازالوا في حالة
تصادم مع قوات الاحتلال بأكثر من مدينة وقصبة سواء في النجف أو الكوفة
أو كربلاء أو البصرة أو الناصرية أو العمارة...الخ.
ويبدو أن الدرس السياسي البليغ الذي تمخض عن حكم
صدام اليهودي الأصل وعصابته التي عرضت مقدرات شعب ووطن العراق الى
المخاطر الجيسمة والضياع السياسي الشامل لم تعد مسألة مستوعبة لدى أكثر
من طرف داخل العراق فقد تحولت فرحة العراقيين التي كانت النية تتجه
للاحتفال بمرور سنة على سقوط نظام العصابة الصدامية الإرهابية يرى
الرأي العام العراقي منشغلاً في كيفية تلافي الموقف السياسي المستجد في
الساحة العراقية الذي تفوح منه رائحة اللاتفاهم السياسي.
وما يخشى بهذا المجال أن يفوت الأوان جراء عدم
عمل شيء إذا ما حدث أي تماد لا تتم فيه السيطرة على الموقف خصوصاً وأن
المطلوب من الجهات السياسية العراقية سواء التي كانت ممثلة في مجلس
الحكم الانتقالي أو خارجه أن توحد كلمتها وموقفها وتضع قيادة القوات
الأجنبية الأنكلو أمريكية المتواجدة في العراق أمام مسؤولياتها في
تحقيق الديمقراطية للعراق واستعادته لسيادته المقرر أن يمنحا للعراقيين
في أواخر حزيران القادم أي في غضون زهاء ثلاثة أشهر وأن لا تتخذ من أي
أحداث داخلية مبرراص لتنصل من وعودها الآنفة.
ومن المهم جداً أن ينتبه شعب العراق بهذه
المرحلة الى عدم الإنجرار الى صف أي تيار طائفي لأن في ذلك سوف يكون
تمهيداً لزياردة أشعال النار بالفتيل والسياسيون داخل العراق الذي
يحتفظون بعلاقات تنسيق مع قوى التحالف – الاحتلال أن يلعبوا دوراً
لتهدئة الخواطر بعيداً عن أي انحياز سوى التمسك بالحق وتسوية أي خلاف
بين المتحاربين قدر الإمكان بطرق الحوار وعدم تصديق أي طرف من أطراف
الخلاف قبل الوقوف على حقائق الأمور وكما هي وليس كما يراد أن تكون من
هذا الطرف أو ذاك قبل الإحاطة بما هو واقع فعلاً مع ضرورة إحاطة الرأي
العام العراقي عما يتم التوصل إليه أولاً بأول لأن في ذلك كسر لنهج
الفتنة الداخلية.
إن سياسي العراق اليوم هم الآن تحت مجهر الشعب
العراقي وعليهم دور مهم يفضل أن يؤدوه لصالح ترتيب الأوضاع العراقية
عبر حوارات صريحة مع ممثلوا قوى الاحتلال وأن يكون لهم صوتاً في
المشاركة بالقرارات المتخذة داخل العراق وأن لا يتركوا قوى الاحتلال
تستفرد بالرأي والقرار بل ليعلنوا أنهم المعنيون بقضية العراق أكثر من
ممثلي القوات العسكرية الأنكلو أمريكية العاملة في العراق.
إن إحداثاً تتوالى ضمن تفجيرات هائلة بعدة أماكن
داخل العراق كما حدث ذلك في يوم عاشوراء بمدينة كربلاء المقدسة
والكاظمية المقدسة وغيرهما لكفيل أن تؤخذ العبرة والدرس من تلك الأحداث
الدامية وعمل شيء سريع لعدم تكرار ذلك على أقل تقدير ضرورة اتخاذ
الإجراءات الاحترازية مما قد يتكرر في حلول مناسبة الاحتفاء باربعينية
الإمام الحسين عليه السلام التي ستصادف بعد أيام قليلة في 20 صفر
1425هـ.
هذا وكان الأخضر الابراهيمي موفد هيئة الأمم
المتحدة قد أجرى اتصالات ولقاءات عديدة ببغدد بغية التمهيد لنقل
السيادة والسلطة الى العراقيين في أواخر حزيران القادم 2004م أي بعد
زهاء ثلاثة أشهر وهذا ما يستدعي لضرورة تنسيق أكثر فاعلية مع المنظمة
الدولية من أجل اختزال المرحلة الانتقالية بالعراق الى أقل مدة ممكنة.
أن الواقع العراقي فيما يتعلق بالسياسات الجارية
فيه وحوله تستدعي اليقظة وضرورة الانتباه لما قد يملى على العراقيين من
إجراءات وربما معاهدات تمس السيادة الحقيقية وأن تكون محاكاة الواقع
السياسي في العراق من منطلق تشخيص الداء السياسي لدى سياسيو العراق
ورفض أي مهادنة قد تكبل العراق بمنهجيات أو اتفاقات عسكرية أو اقتصادية
خارجية تكون بعيدة عن المصالح الحيوية للعراق وتوحيد كلمة العراقيين
مهمة جداً قبل كل شيء. |