البرنامج الذي بثته قناة العربية الفضائية يوم
امس الاول الاثنين، كشف عن توجه طائفي مقيت واضح لايقبل الشك، فمقدم
برنامج (من العراق) الذي كان يحاور المتحدث باسم السفير بريمر، وهو دان
سينور، وجه اليه سؤالين اثنين من بين بقية الاسئلة، وكان هذان السؤالان
مكتوبين على ورقة وضعها مقدم البرنامج المسيحي امامه، والسؤالان كانا
واضحين القصد والهدف ولايحتاج الى عناء في معرفة اسبابه ودواعيه، اذ
جاء في السؤال الاول مامضمونه :
سيد، دان : انكم متهمون على انكم تسعون الى
ابراز قيادات في العراق ومرجعيات وتصورونها وكانها هي الاساس في رسم
حاضر ومستقبل العراق مثل تركيزكم على مرجعية السيد السيستاني ومحاولة
الايحاء بانها هي الفاعلة والمؤثرة في العراق ..؟!!!!
السؤال الثاني :
سيد ( دان ) قيادات العمل الوطني والقوى
العلمانية تؤاخذكم على فسح المجال لمرجعية السيد السيستاني للتاثير في
موضوع العراق، فما هي طبيعة العلاقة التي تربط مرجعية السيستاني بكم
وماهي قنوات الاتصال بينكما...؟؟؟!!!
هذان السؤالان اللذان صيغا بلؤم واضح وسوء نية
مسبقة، لم ياتيا من فراغ ولم يكونا مجرد اثارة من اثارات الحوار،
لانهما كانا مكتوبين مسبقا، وكان مندوب قناة العربية يقرأهما من ورقة
وضعها امامه كما اسلفت .
ان ادارة الحوار بهذا الشكل مع ممثل قوات
الاحتلال والتعمد في طرح هذين السؤالين اللذين لايمتلكان التبرير
الصحفي الكافي، كونهما مستندين الى فبركة واضحة ولايمتلكان قواعد
ومنطلقات حقيقية واقعية تبرر طرحهما، حتى نضطر الى افتراض حسن النية
لدى مندوب القناة، بل العكس هو الصحيح تماما اذ كانا يدلان على الدور
السياسي الخطير الذي بدأت قناة العربية في ممارسته بشكل اكثر وضوحا
واكثر جلاء، للتاثير في تطورات الشأن العراقي، وممارسة دور عدائي ضد
الاغلبية من ابناء الشعب العراقي، وبدا واضحا للمشاهدين ان قناة
العربية ارادت الايحاء والتاثير في مسار الحوارفي الاتجاهات التالية :
اولا_ الايحاء من وراء السؤال الاول الذي وجهه
مندوب القناة لممثل السفير برايمر، دان سينور، وكأن قوات الاحتلال هي
التي تعمل على ابراز مرجعية السيد السيستاني وبقية المرجعيات الدينية
وتعمل على فرضها وتضخيمها في الساحة العراقية، مفترضة انها، اي هذه
المرجعية، وغيرها لاتمتلك قوة كبرى داخل العراق، سادلة ستارا على حقائق
ناصعة اثبتت فيها هذه المرجعيات انها استطاعت ان تسبب للمحتلين ارقا
مستمرا، وهذا الارق والخوف والقلق هو الذي اضطر قوات الاحتلال الى
ايفاد اصدقائهم من اعضاء مجلس الحكم، لايصال رسائل التطمين للسيد
المرجع السيستاني وبقية المرجعيات الدينية . وهذه اللعبة الاعلامية
البائسة من قناة العربية من خلال توجيه هذا السؤال، تكشف عن ممارسة
لدور خطير في الافتئات على الحقائق القائمة في العراق وعلى دور
المرجعية الدينية التي كانت دائما تتصدى لقوى الطغيان سواء بصيغ
الاحتلال ام بصيغ الحكم بالنيابة كما هو قائم ( الان ) في العراق بـ (
بركة) وفاء اعضاء مجلس الحكم الانتقالي لاصدقائهم الاميركان
والبريطانيين،الذين وقفوا معهم في وقت الشدة مقابل ماوفرته لهم قوات
التحالف من ( حظوة سياسية ومكنت لهم من الق اعلامي واعطتهم
عناوين في وسائل الاعلام وتقارير وكالات الانباء،
على غرار، كونهم قادة العراق، وزعماء العراق، وغير ذلـــك ..
ماكانـــــوا ليحلم بهـــــا اكثرهم ؟؟!!
ثانيا – ارادت قناة العربية الايحاء للمشاهدين
وكأن المرجعية الدينية في العراق مرتبطة بالاحتلال، وان هناك قنوات
اتصال وارتباط وتواصل، وجاءت طريقة صياغة السؤال بـ ( لؤم ) واضح، وكأن
هذا الارتباط والاتصال امر بديهي،وقائم..!! ولكن من باب توضيح الواضحات
جاء الاستفسار من مندوب قناة العربية للتاكد من وجود قنوات الاتصال بين
مرجعية السيستاني وقوات الاحتلال وطبيعة هذه القنوات والاتصالات ؟!!!
طبعا هذان السؤالان شكلا مساحة ممتازة وفرصة
مهيئة سلفا للمتحدث باسم ممثل قوات الاحتلال السفير برايمر،دان سينور،
ليصول ويجول ويشير الى مايعزز الاشارات التي اراد مندوب القناة، بل
الاصح ارادت قناة العربية ذاتها وليس مندوبها، ان تدفع به الى اذهان
المشاهدين . والشي بالشئ يذكر، فان مندوب بريمر لم ينس ان يشيد
بالدكتور موفق الربيعي في مجال اخر من حديثه ونقل عنه، انه قال في
اجتماع اثناء اقرار مشروع الدستور المؤقت انه قال، اي موفق الربيعي
مخاطبا الاميركيين الجالسين في الاجتماع بريمر ومعاونيه وممثل الحكومة
البريطانية بالطبع ( اننا نتعلم منكم كيف نمارس الحوار والعمل وهذا شئ
رائع)...!!!
بالطبع مثل هذه اللعبة الاعلامية لقناة العربية
سواء مارسته لوحدها، او ربما بالتنسيق المسبق مع قوات التحالف وممثل
السفير بريمر، دان سينور، لاتنطلي على ابناء العراق من الذين يعرفون
جيدا نزاهة وصلابة مواقف مرجعياتهم الدينية،ولكن بالتالي لابد ان نشير
بانها كانت محاولة ذكية من هذه القناة، او منهما معا اي قناة العربية
وممثل قوات الاحتلال لتحضير الاسئلة بهذا الشكل للتشويش ولتعزيز
الدعايات المغرضة، بان الاغلبية من ابناء العراق وهم الشيعة وعلماؤهم
على وئام وتواصل وتوافق مع قوة الاحتلال ..!!! بل واكثر من ذلك، تاكيد
الاكذوبة الكبرى، واعتبارها حقيقة، وهي ان قوة الاحتلال اعطت زمام
القوة والسلطة بيد الشيعة ...!!
وهذه اللعبة الاعلامية، تذكرنا بدور مماثل
مارسته وتمارسه اكثر من قناة فضائية ومنها الجزيرة حيث تصيغ اخبارها
المتعلقة في العراق بشكل يسئ الى مرجعيات دينية مجاهدة كما حدث مع
مرجعية السيد صادق الشيرازي والشيخ بشير النجفي والسيد المدرسي وغيرهم،
بخلاف حرصهم على تغييب الوجه الوطني لابناء العراق من اتباع مذهب اهل
البيت، وتركيز مقابلاتهم حول تطورات الشان العراقي واخذ التعليقات
بشانها من رموز دينية وسياسية من غيرهم، وكأن هذا (الغير) الذي طالما
كان في اغلبه مصطفا الى جانب النظام الديكتالتوري التكريتي البائد، هو
الذي يمثل الوجه الوطني الحقيقي للعراق !!!
وبمقدار خطورة هذا الدور لقناة العربية في
برنامجها الاسبوعي عن العراق يوم الاثنين الماضي، كان لهذه القناة دور
خطير اخر من هذا الوزن وهذا العيار..!!عندما استضافت عضو مجلس الحكم
الانتقالي عدنان الباججي في حلقة اسبق، حيث مارس الاثنان مندوب القناة
والضيف الباججي، لعبة اعداد السؤال وتعيين اهداف لعبة الحوار، حيث سأله
عن حقيقة مشاعر الشيعة كونهم كانوا محكومين من قبل السنة طوال الفترة
كما يقولون ..؟؟!!!
فرد الباججي في تصريح خلا من الموضوعية ،واتسم
بتحدي حقائق التاريخ السياسي الحديث للعراق وتجاوزها، فقال :
هذا غير صحيح اذ لم تكن السلطة بيد السنة ولم
يكن الشبعة محكومين !!، بل كل ما في الامر ان السنة كانت لهم كوادر
وكفاءات ولم يكن لدى _ اخواننا الشيعة _ مثلها، وعندما توفرت لهم
الكفاءات كان لهم دورهم في السلطة..!!
كان هذا، هو جزء من جواب الباججي على هذا السؤال،
والذي يريد المزيد فليراجع ارشيف قناة العربية .
طبعا لابد من ان نذكر بان مقدم البرنامج لم تفته
الاشارة في مقدمة الحوار الى مايعني بان الباججي يعتبر من المع واهم
القيادات في العراق ولديه تجربة سياسية لايمتلكها الاخرون وانه عرف
بالمرونة والشفافية ..!! متناسيا مقدم البرنامج ان الباججي اقترح قبل
عام تقريبا كما قرات على مواقع الانترنت، ورقة عمل مقدمة لمؤتمر بغداد
الذي عقد بتاريخ 27 ابريل الماضي،اعطاء للشيعة نصيبا في الواجهة
السياسية 20 بالمائة وذلك باسم الحزب الذي اسسه حاليا في العراق، ويبدو
ان مااقترحه قد تحقق ( بفضل ) تخاذل من حسبوا على الاغلبية في العراق،
حيث لاتمتلك هذه الاغلبية حتى الثلث من السلطة، وهذا المقدار مشكوك فيه
لان هناك
من حسبوا على هذه الاكثرية وهم لايمتوون لها
بصلة سوى ( الاسم ) الذي حملوه تصنيفا لهم وليس اعتقادا وايمانا، ولست
في وارد ذكر الاسماء الان .
اذن ففي اسبوعين متتالين، بدت قناة العربية بشكل
بائس . على صعيد النزاهة في اداء الرسالة الاعلامية، وغدت تمارس دورا
مكشوفا لخدمة اغراض طائفية وسياسية خطيرة في تناولها للشان العراقي،
وفشلت في انتهاج (كياسة) مهنية، بغض النظر عن مبادئ وشرف المهنة
الاعلامية، التي تتطلب الحياد وعدم الاحتيال على الحقائق، فتخلت هذه
القناة عن منهج ادخال الفكرة على جرعات لاذهان المشاهدين .، كما هي
خصائص الاعلام المنشأ لتحقيق اهداف معينة سلفا، سواء سياسيا او
اجتماعيا او فكريا ثقافيا، واذا بها تستتعجل اداء هذا الدورالمطلوب من
المؤسسين والمشرفين عليها، وربما عذرها في ذلك ان الوقت يمضي في العراق
سراعا ولابد من العجلة في تنفيذ دورها الاعلامي المطلوب منها في العراق
لخدمة اغراضها السياسية والطائفية، من خلال عملها الاعلامي المستند الى
راسمال سعودي ضخم ..!!!
امام هذه الماكنة الاعلامية الخطيرة التي اعتبرت
العراق، جزءا اساسيا من اهدافها، نجد ان المهمة صعبة للغاية في مواجهة
هذه اللعبة الاعلامية والسياسية، سواء من خلال هذه القناة او مثيلاتها
المرتبطة بقوى، ترى وتعتقد بان لها في العراق دورا تسعى الى تحقيقه .
ولعل خطورة هذا الدور كان بالامكان ان يكون
محدودا، اذا ماكان التمثيل للاغلبية واقعيا وحقيقيا ومن يمثلون هذه
الاغلبية لايفكرون بمصالحهم الحزبية والفردية، ولكن هذه الظاهرة تزداد
خطورة في الواقع العراقي، والسبب هو، وجود شراكة سياسية ومصالح حزبية
بين اعضاء مجلس الحكم وخاصة اولئك الذين كان ينتظر منهم بعض شرائح
الشعب العراقي، ان يكونوا صادقين في حماية حاضر ومستقبل العراق، وان
يقدموا مصلحة الشعب العراقي واحقاق حقوق الاغلبية التي كانت منتهبة
ومصادرة لعدة عقود، ولكن للاســف نرى ان هذا البعض يقبل دعــــوات
رسميـــة من بعض
الدول، ويوافق على التحالف مع ممثلي هذه الدول
في مجلس الحكم، مقابل مغانم ووعود سياسية واقتصادية،وهذا التحالف الذي
لمسنا اثاره في قرارات مجلس الحكم المتعلق بالدستور المؤقت، هو الذي
سيزيد المخاطر امام حاضر ومستقبل الاغلبية في العراق ، وهذا التحالف
وبيع حقوق الشيعة بثمن بخس دراهم معدودة، هو الذي سيسهل الطريق امام
تاثيرات النهج الاعلامي السياسي الذي تمارسه وترمي اليه قناة العربية
والجزيرة وغيرها، ومادتها الاساسية هي اغتيال حقائق الحدث العراقي
وتشويه المواقف المشرفة للمرجعيات الدينية وخاصة مرجعية السيد
السيستاني، والعمل على ترسيخ الاكذوبة الكبرى بان حصة الاسد في السلطة
بالعراق هي بيد الشيعة !!! رغم انهم ليسوا باكثرية، كما تجرأ محسن عبد
الحميد في الاعلان عن ذلك بتصريح شهير له .!!!
لذا لابد من انتباهة جامعة للمخلصين من ابناء
العراق لتفويت مثل هذه الفرصة التي انتضم نسيجها الاول في اقرار مشروع
الدستور المؤقت الذي، الذي وضع اساس الظلم والبغي، واقر قسمة ضيزى،
لامصلحة فيها للعراق والعراقيين بل المصلحة كل المصلحة لمن وقعها، وقبض
الثمن عليها، او من وعد بثمن آجل له مقابل تصديقها والرضا بها، باسم
الاغلبية وباسم الشيعة تحديدا..!!!
ولاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم
Khafaji_m@yahoo.com |