ذكرت دراسة حديثة أن نحو ثلاثة من كل أربعة منازل يمتلكون واحدا أو أكثر من أجهزة الكمبيوتر الشخصية في سنغافورة البارعة في التكنولوجيا. وترتفع الارقام الواردة من هيئة تنمية إتصالات المعلومات بنسبة  68 في المئة عن عام 2002. وقالت الهيئة ان هناك وعيا كبيرا بين العائلات عن أهمية استخدام تكنولوجيا المعلومات وبرامج التعليم الوطني.. كما ساعدت الصفقات المالية الجذابة على تزايد دخول الانترنت إلى المنازل. وأسفرت خطط نظام الاشتراك الشهري لخدمة الانترنت الممكن تحملها إلى اشتراك  40 في المئة من المنازل التي جرى استطلاع آرائها في النظام العام الماضي 2003 مقارنة بنسبة  24 في المئة عام 2002.

 

إنَّ سكينةَ القلبِ تُوجبُ الاتزانَ في التفكيرِ، وهو بدورهِ يوجبُ التحرُّكَ الصحيحَ نحوَ الأهدافِ الرفيعةِ.

ايران في جولة ثانية: انكشاف اوراق اللعبة.. انتخاب السيئ لتفادي الاسوء
إغلاق صحف إيرانية جديدة بسبب إشكالات الانتخابات الأخيرة
استجواب صدام واعوانه تمهيدا للمحاكمة الكبرى
إنجاز 70 - 80% من صياغة الدستور العراقي الجديد
75 بالمائة من الفلسطينيين يؤيدون تخلي حماس عن العنف
ندوة الوثائق التاريخية للقدس محاولة عقلانية لإيقاف تهويدها
التغذية السليمة تضمن للانسان ذاكرة نشطة حتى سن التسعينات
 
 
 
 

 

الخطاب الفكري وآليات إنتاج المعرفة
 

تقديم: بعقل مفتوح لفضاءات الحرية أمسك الكاتب أحمد حسن الأزمة المعرفية التي تجتاح تخوم (التواصل.. داعياً إلى المزيد من الحوار الملتزم بقضايا الإنسان ولأجل الإنسان).

في محاولتنا الدؤوب لفض آليات إنتاج الخطاب المعرفي لدى مثقفينا اليوم، والبحث عن أسباب انحسار دورهم وتراجع قدرتهم على التأثير في المجتمع و(الجماهير) تصادفنا العديد من المفارقات.

والحال أننا نعرف الثقافة هنا بوصفها وعياً معرفياً ناضجاً بالواقع وآليات إنتاجه وبذلك نحصر دراستنا في المؤثرات التي تحيط بآليات إنتاج الخطاب المعرفي وبنيته ونتائج ذلك على الواقع، ونستطيع القول بأن آليات إنتاج الخطاب هي آليات متخلفة تنتج عن بنية وعي هي بالمجمل (مع عدم التعميم) بنية مفوتة مفارقة للواقع سواء كان ذلك باتجاه الماضي أو المستقبل وبلغة عبد الله العروي (استعراباً أو استغراباً).

وآية ذلك أن مثقفنا الطامح إلى لعب دور الأب الروحي للفكر بمختلف تجلياته لازال يستخدم آليات قديمة عفا عليها الزمن لإنتاج خطابه الفكري ولا زالت تسيطر عليه الأفكار المسبقة المقدسة التي تصلح لكل زمان ومكان، مما يستدعي بالضرورة أن الحقيقة لديه هي هناك خلفة في الماضي وليست أمامه، لذلك تبدو أجوبته على أسئلة الواقع لا معقولة ولا واقعية وهناك بالمقابل صنف آخر من المثقفين يأتي بأجوبته من واقع مغاير تحكمه شروط مختلفة عن شروطنا ليحاول تطبيقها على مجتمعنا فتكون الطامة الكبرى، ثم يبدو عليه الاستنكار والدهشة من هذا المجتمع المتخلف الذي لا يفهمه ويقدر أفكاره الإنقاذية، ناسياً أو متناسياً أن كبار مثقفي المجتمعات الأخرى لم يحتلوا مواقعهم الفكرية المميزة إلا بناءً على دراستهم لواقعهم أولاً واجتراح الحلول من خلال شروطهم وتجاربهم الخاصة. دون أن يعني كلامنا السابق أننا نقلل من أهمية الاسترشاد بما أنتجوه وخلفوه من آثار فكرية هائلة باعتبارهم أضحوا ملكاً للحضارة الإنسانية قاطبة.

اعتقد أن مشكلتنا ذات طبيعتين إحداهما موضوعية تتعلق بالظروف المضطربة وغير المستقرة التي تمر بها بلاد العرب والأخرى ذاتية داخلية تتعلق بطبيعة المثقف بوصفه إنساناً أولاً وأخيراً يتملكه نزوع إلى (الجاه والسلطة) اللذين لا يجدهما سوى في كنف السلطة سواء أكانت داخلية أم خارجية فهما بالنتيجة سيان من حيث خضوع المثقف لبرامجهما وتوجهاتهما المخالفة بالتأكيد لبرامج وتوجهات المثقف – وأقصد هنا المفكر كما أفهمه – المفكر المنشغل بالواقع والحقيقة والمفارق للسلطة من حيث هي فعالية يومية تصيب وتخطئ لا من حيث هي توجه عام أي المثقف الذي لا يخلط بين السلطة والدولة كما تفعل الأغلبية، فينحاز إلى الثانية على حساب الأولى. ولنا أن نلاحظ بهذا الصدد أن أغلب نتاجنا الفكري تفوح منه رائحة طلب الجاه و السلطة مع رائحة الأوامر المستظهرية الشريفة المقدسة.

وتكون النتيجة أننا نعيد كل فترة طرح الأسئلة نفسها التي طرحها أسلافنا، ونصل دائماً – إذا وصلنا – متأخرين لنجد الآخرين قد سبقونا إلى محطة أخرى.

ويحضرني هنا قول د. نصر حامد أبو زيد أن العقل الإسلامي الذي حاول التوفيق مع أوروبا في فترة عصر النهضة كان ينظر إلى أوروبا عصر الأنوار (القرن الثامن عشر) بينما كانت هي أوروبا الاستعمارية (القرن التاسع عشر).

كما يجب ألا ننسى أننا عندما انشغلنا بأسئلة الحداثة كانت أوروبا خالقة الحداثة قد تجاوزتها إلى عصر ما بعد الحداثة وننشغل اليوم بأسئلة العولمة – كما أفهمها – بوصفها انفتاحاً حراً للإنسان على أخيه الإنسان لا كما تبدو اليوم إلغاء وتبعية أي عولمة المعرفة لا عولمة العرب، بينما العالم قطع أشواطاً طويلة في تطبيقها والاندماج بها بوصفها سيرورة تاريخ لا يتوقف عكس ما يدعيه فوكوياما (مبشر النهايات).

هل لأن التوفيقية وعدم الحسم مازالا يحتلان فكرنا منذ عصور؟ وهو ما أدى بحسب مفكرين كثر إلى إخفاق مشروع عصر النهضة بشقيه الفكري والسياسي، أو لازدياد وطأة الضغط الخارجي الذي يدفع المجتمع إلى إعادة ترتيب أولوياته فينطوي على نفسه لتمر العاصمة بأقل الخسائر الممكنة، ويصبح الحفاظ على الذات والهوية أولوية مطلقة على كل ما عداها، وتزدهر علوم النقل والتصنيف لا علوم العقل والإبداع، ونحن نعلم أن سؤال الهوية يبرز في مراحل الأزمة وحال الضعف وليس في حال العافية.

وإذا كان عصر النهضة يمتلك مشروعاً، فإننا اليوم نعيش عصر نهاية المشاريع التي نشأت في المنطقة بعد الاستقلال عن الاستعمار الأوروبي لتحل محلها المشاريع التي ترسم للمنطقة من الخارج ويقتصر دورنا بها على شخصية الكومبارس الصامت، والمهزلة أن بعض هؤلاء الكومبارس يطمح للعب دور (قابيل) في المأساة التاريخية المستمرة منذ الأزل والى الأزل.

ويترجم ذلك على المستوى المعرفي لدينا بنكوص في خطابنا وآلية تفكيرنا حتى عن فترة عصر النهضة فقد ازدادت المحرمات بدل أن تنقص، وتراجعنا حتى على مستوى الحوار المعرفي عن ذلك المستوى الراقي من الحوار الذي دار بين مفكري عصر النهضة باختلاف مشاربهم إلى مستوى موجع مؤلم.

أصبح التكفير هو السمة الملازمة لنا سواء أكان تكفيراً دينياً أم دنيوياً والمخالف بالرأي متديناً أو قومياً أو ليبرالياً، وأحد الأسباب المهمة في رأيي هو ذلك التطابق الذي يقيمه المثقف بينه وبين فكرته أو رأيه بأمر ما فيعتبر أن كل من يخالفه الرأي إنما يعاديه شخصياً بل ويريد إلغاءه عندما ينقده لذلك تراه يرد بعنف معتبراً أن الآخر هو الذي يستحق الموت والإلغاء، وهذا كما أراه يعتبر قصوراً واضحاً في مفهوم المثقف للأفكار التي يؤمن بها أو يبدعها لأن الأفكار عندما تفارق صاحبها إلى حيز الواقع كتابة أو قولاً فإنها تغدو نصاً تاريخياً قابلاً للنقد والتفكير وتفارق كونها تهويمة في وعي أو لا وعي صاحبها الذي له الحق في هذه الحالة وفقط في هذه الحالة أن يعتبرها أفكاراً مقدسة، لأنها لا زالت في دائرة خطابه الصامت ولم تخرج بعد إلى دائرة الخطاب العالم، ونحن لا يعنينا أن أعتبر المرء خطابه الصامت مقدساً أو مدنساً، لكن عليه أني عي أن أفكاره تفقد قداستها عندما تصبح في متناول الآخرين وتدخل في مجال القول (إن رأينا صواب يحتمل الخطأ ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب).

دون أن نسقط من اعتبارنا تلك الأصوليات المختلفة الأهواء والمشارب، والتي تحتل المشهد الفكري اليوم لتطبعه بطابعها، فبدل المشاريع الفكرية التي كانت تحتمل مشهد عصر النهضة مستندة إلى (علاقية نقدية تاريخية) مثل عقلانية طه حسين، تبدو المشاريع الفكرية اليوم مستندة إلى (عقلانية نسقية توصيفية تزامنية مغلقة) مثل عقلانية الجابري بحسب توصيف عبد الرزاق عيد.

فمشروع كمشروع الجابري يأتي تحت يافطة مغرية (نقد العقل العربي) بما يوحي بوجود عقل عربي واحد، مع تحفظاتنا على وصف العقل بصفات عرقية، لينتهي الجابري إلى أن هذا العقل عقلان، عقل مشرقي وعقل مغربي، ولا يكتفي بالتقسيم الجغرافي بل يعمد إلى تقسيم العقل طائفياً، لنغدوا أمام أصولية عقلانية) يتجاوز خطرها خطر الأصوليات الأخرى، لأنها هنا ترتدي لبوس العقل وتضرب بسيفه وتستخدم كدلالة على صحة ما تقوله عقل آخر يقود اليوم حركة الحضارة الحديثة، إنها إذاً أحكام قاطعة لا تقبل المراجعة، كرسها صاحبها بعدم الرد على كل نقاده رغم أن نقد بعضهم (جورج طرابيشي) كان نقداً مرعباً بالمعنى الابستمولوجي لأنه يقوض الأسس نفسها التي يقوم عليها مشروع الجابري مفنداً مصادره الغربية منها خاصة مصدراً مصدراً، لكن كما يبدو دون فائدة تذكر فقد تربع الجابري على عرش المرجعيات بوصفه مرجعية كبرى في العقل العربي تمنح منها الكتب ورسائل الدكتوراة لتخرج لنا أجيالاً من أتباعه لا أدري إلى أين ستقودنا.

في ظل هذه الأزمة المستفحلة والتي تزداد تعقيداً يوم بعد يوم ألا نرى أننا في حاجة ماسة اليوم قبل الغد إلى إعادة النظر تفسيراً وتحليلاً وتشريحاً لكل المسلمات والبنى والهياكل التي تؤثر فينا وتشكل بنية وعينا لنفرز الغث من الثمين ونحدد بدقة ما هو مفيد وما هو غير مفيد؟ والى متى سنبقى نؤجل الأسئلة الملحة التي لا تنفك تطرح نفسها بقوة وتطرق أبوابنا الموصدة حتى الآن في وجهها.

ولنتحدث بجرأة إذا كانت آليات المعرفة والتحليل لدينا ناقصة وقاصرة عن تحليل كل هذا الركام الهائل من البنى التي تحتاج إلى فض وتنقيب فما المانع من استخدام آليات معرفية متوفرة بكثرة عند الآخرين؟ ما المانع من تطبيق مختلف مناهج التحليل الحديثة على البنى الفكرية لدينا، علماً أن بعض المثقفين العرب قاموا بذلك ونجحوا إلى حد بعيد ولكنه يبقى نجاحاً فردياً بينما نحن نريد أن يتحول ذلك إلى مشروع عمل جماعي غايته التقدم ووسيلته المعرفة الحرة المعقلنة، ألم يطلب منا طلب العلم ولو في الصين.

حسناً إن العلم اليوم هناك في الغرب فماذا يمنع من طلبه قد يقول قائل ولكن هناك الكثير من مثقفينا قد درسوا في الغرب ونهلوا من معارفه وعلومه فما رأيك؟

وأقول نعم هذا حدث ولكن هؤلاء – أغلبهم – قد درس في الغرب وجلب شهادته العليا في معارف مختلفة بل أحياناً في تخصصات دقيقة، ولكن دون أن يجلب آليات إنتاج ثقافة هذا التخصص.

فهو قد تخصص في صناعة الصواريخ أو الذرة، لكنه لم يجلب معه ثقافة مجتمع الذرة، وتخصص في البنيوية أو التفكيكية ولكن بشكل مقولات جامدة لا روح فيها وبالتالي لا حياة.

والحق أن هذا الأمر لا يستورد ولا يأتي في حقيبة سفر، هذا أمر يحتاج إلى أصحاب فكر حر، يؤمنون بأن الحقيقة مفيدة ونافعة لأنها حقيقة، وليست حقيقة لأنها مفيدة، أناس يحتكمون إلى العقل فما استحسنه العقل كان حسناً وما استقبحه كان قبيحاً بلغة المعتزلة، ثم يعلم – هؤلاء المفكرون الأحرار – أن غاية أملهم هي نثر البذار وتعهدها بالرعاية، شرط ألا يقيموا من أنفسهم أوصياء على نموها كي لا ندخل في متاهة جديدة.

نعم نحتاج إلى الإجابة على الأسئلة كثيرة وهذا بدوه يحتاج إلى مراجعة شاملة وعميقة، حقيقية وقاسية.

المهم أن ننتج وعياً مطابقاً بالواقع لا وعياً مفارقاً وليس المهم ما مصادره بل المهم أن يأتي لأن الأرض العطشى منذ ما يقارب الألف عام لا تزال تنتظر قيامة (تموزها) الذي نخشى أن ينقلب إلى (غودو) آخر.

شبكة النبأ المعلوماتية - الأحد 21/3/2004 - 29/ محرم الحرام/1425