تحقيق\ عباس سرحان

قبيل سقوط سلطة الإرهاب والأمية أطلق العراقيون العنان لأحلامهم وطموحاتهم.. مدارس ورياض أطفال وجامعات على أنقاض السجون والمعتقلات السرية... معامل ومصانع وورش عمل متنوعة بدل معسكرات الجيش وفدائيي صدام وقوات الطوارئ.. بيوت تقي الفقراء برد الشتاء وحر الصيف وذل التشرد...

وما أن تلاشت السلطة البائدة حتى شد العراقيون أحزمتهم لبناء بلد جديد قدر المستطاع، عشرات المراكز الإعلامية والفكرية والحضارية الحرة.. تجمعات ثقافية وعلمية..نشاطات مختلفة تحاول صياغة القيم في مجتمع حاول الدخلاء أن يميتوه .. همة تعكس شوق العراقيين للحياة رغم ما يحيط بهم من صعاب ومخاطر..فالغلاة والإرهابيون يحاولون محاصرة التجربة وإعادة العملاق العراقي إلى قمقم الخوف بعد أن ترجل على طريق صنع الحياة الكريمة..

*صرح علمي في كربلاء..

أردنا معرفة المزيد، فكيف نشأت الفكرة؟....متى وأين ؟ وهل جامعة أهل البيت العالمية مدرسة للعلوم الدينية كما يوحي أسمها؟وتوجهنا إلى بناية الجامعة في كربلاء على أمل أن نبدأ تحقيقنا من السيد رئيس الجامعة الأستاذ (عباس الحميري) الحاصل على الدكتوراه من إحدى الجامعات الأمريكية ، وله خبرة طويلة في المجال الإداري حيث شغل منصب العمادة في كلية الإدارة والاقتصاد في جامعة كربلاء لعد سنوات ، فضلاً عن شغله مسؤولية رئاسة جامعة كربلاء لفترة من الزمن..ولكننا لم نجده فقد خرج قبل وصولنا...أجواء الجامعات وحي من كتاب وفكر وقلم.. وكان هذا ما يرسم معالم الجامعة بدءا من بوابتها الرئيسة وحتى أروقتها ومقاعدها وسجالات الطلبة فيها..

السيد( صادق جعفر حسين ) الأستاذ في كلية الشريعة الإسلامية، هو أول من أرشدونا للقاء به فتحدث قائلاً: هي جامعة أكاديمية بحتة تدرس العلوم المختلفة وفيها كليات إسلامية إلى جانب الكليات العلمية، بداية تأسيسها كان على شبكة الانترنيت.، وهي أول جامعة عربية إسلامية على الانترنيت أسست عام 2000ومركزها في لندن أسسها نخبة من الأساتذة العراقيين( الذين لهم الكثير من المؤلفات والمنشورات، وهم من ذوي الخبرة في التدريس في الجامعات العالمية ومنهم الدكتور محمود البستاني والدكتور فاضل الميلاني)..

بينما يقول الدكتور محسن القزويني عن البداية: ( مشروعنا هو الأول من نوعه فلم يسبقنا أحد ويؤسس جامعة تعطي علومها عن طريق الانترنيت) ــ ويضيف ــ كلفنا إحدى الشركات لتعطينا تصورها لهذا المشروع، وبعد فترة أعطتنا تصورها له وبدأنا بالفعل، ولدينا الآن الكثير من الطلبة يأخذون دروسهم من خلال الانترنيت ).

بعد سقوط النظام دأب الدكتور محسن القزويني على تأسيس صرح علمي على الأرض فلم يعد الإنترنت كافياً لتحقيق كل الآمال ..مشروع لا يخلو من ( المغامرة) فمن الصعب أن تؤسس صرحاً كهذا في ظل ظروف الفوضى والخراب التي أشاعها النظام البائد على مدى سنوات حكمه ، سيما وأن الفترة الزمنية كانت قصيرة جداً حين يؤخذ بنظر الاعتبار الرغبة في الانطلاق مع العام الدراسي العراقي الذي يبدأ عادة في شهر تشرين الأول .. جهود تظافرت من جامعة كربلاء وآخرين لإنجاز مقدمات هذا العمل..

يقول الدكتور محسن: (مع مرور الزمن اكتشفنا ضرورة وجود جامعة على الأرض سيما ونحن ننتمي لبلاد الشرق التي لا يميل الناس فيها للدراسة عن بعد لظروف شخصية وموضوعية ، فلا بد إذن أن ننقل عملنا إلى الأرض ).

عمل احتاج إلى جهد جهيد وحركة دؤوب ولكن طموح الإنسان لا يقف عند حد ،فنهضت الجامعة، واستمر العمل.. والطموح الآن يشمل إقامة مؤسسات علمية تابعة لها كإذاعة ومجلة ودار خاص بالانترنيت ، بعد أن تتم عملية استكمال المنشآت العلمية الخاصة بالتدريس والدراسة الأكاديمية،

لماذا (جامعة أهل البيت(ع))؟ *

ربما يتصور القارئ أن جامعة حملت هذه الاسم هي حتما جامعة دينية،لما لأهل البيت عليهم السلام من دور التاريخ الإسلامي و في حفظ الدين وانتصاره، ولكن الأستاذ صادق جعفر يقول: (أهل البيت اسم مشّرف.. كثير من الجامعات في العالم تحمل أسماء المبدعين والرجال الذين لهم أثر في الصروح العلمية،فشرف لنا أن نحمل هذه التسمية( أهل البيت).. والجامعة لا تختص بالعلوم الدينية كما يوحي اسمها بل فيها القانون وفيها الآداب والاقتصاد والمحاسبة والسياحة ومستقبلاً العلوم الإنسانية الأخرى كالعلوم الطبية والصيدلة).

*طموح بالتوسع

الجامعات الأهلية غير التجارية المعبرة عن مشاريع ثقافية بعيدة المدى تعطي الفرصة لمن لم يسعفه الحظ في إكمال دراسته الأكاديمية... ولكن ليس كل هؤلاء قادرين على المجيء إلى كربلاء، ولا جامعة كربلاء بقادرة على ضم كل من يأتيها ؟!

ويجيب الأستاذ صادق جعفر بالقول: ( سنفتح كليات أخرى في محافظات أخرى فهدف الجامعة هو إعطاء العلم والتوسع والانتشار في شتى أرجاء المعمورة)..

القبول في جامعة أهل البيت العالمية خاضع لشروط تضعها رئاسة الجامعة ، مع أنها قد اعترف بها من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتقع تحت إشراف هذه الوزارة،ولكن القبول يتحدد على ضوء الشروط التي ترتئيها رئاسة الجامعة مع بداية كل عام.. وهي مع ذلك( أبوابها مفتوحة لكل من يريد أن يطلب العلم)حسبما أكد الأستاذ صادق جعفر حسين ..