استعدت النساء في كافة انحاء العالم لاحياء يوم
المرأة العالمي يوم الاثنين وبينما تحتفل النساء في بعض البلدان
بالانجازات التي حققنها تنظم اخريات المسيرات للمطالبة بحقوقهن في
العديد من المجالات.
ففي المغرب تعتبر الحملة الجارية لاصلاح حقوق
المرأة استثناء نادرا في العالم الاسلامي الذي تمر فيه اية محاولة
للاصلاح بطريق صعب من تأييد المطالبين بالتحديث ومعارضة المحافظين
المسلمين المتشددين.
وفي شباط/فبراير الماضي اقرت الحكومة المغربية
قانونا للاحوال الشخصية يقدم للمرأة العديد من الحقوق. فقد فرض القانون
الجديد قيودا صارمة على تعدد الزوجات ووضع الاسرة المغربية "تحت
المسؤولية المشتركة للزوجين" ملغيا بالتالي مبدأ "طاعة الزوجة لزوجها".
كما رفع القانون سن الزواج للمرأة من 15 الى 18 عاما.
اما في ايطاليا فقد حققت النساء نصرا طفيفا ولكن
هاما في كفاحهن من اجل حقهن في الحصول على التخدير لتخفيف الام الوضع
الفظيعة. الا ان معركتهن لا تزال في بدايتها.
فقد وافق البرلمان الايطالي بالاجماع الاربعاء
على مشروع قرار يهدف الى توفير التخدير النصفي للسيدات اثناء الوضع في
بلد يعتبر فيه التخدير اثناء الولادة امرا نادرا.
ولا تتعدى نسبة النساء اللواتي يمنحن الخيار بين
تلقي التخدير او الولادة بشكل طبيعي 4 بالمئة. ويرجع ذلك الى ان معظم
المستشفيات العامة تفتقر الى المختصين المؤهلين للقيام بذلك.
اما في البرتغال فأستعدت النساء لاحياء يوم
المرأة العالمي الاثنين بتنظيم مسيرات احتجاج في الشارع ضد القيود
الصارمة التي تفرضها الدولة على الاجهاض.
وتاتي هذه الاحتجاجات بعد اقل من اسبوع على
استخدام حكومة اليمين الوسط اغلبيتها الضئيلة في البرلمان للتصويت ضد
مشاريع قوانين طرحتها الاحزاب اليسارية تسمح بالاجهاض حتى الاسبوع ال12
من الحمل عند الطلب وحتى الاسبوع ال24 في الظروف الاستثنائية.
كما رفض الائتلاف الحاكم مقترحا لاجراء استفتاء
حول قانون الاجهاض في البلاد التي لا يسمح بالاجهاض فيها الا حتى
الاسبوع ال12 في حالات الاغتصاب او في حالة الكشف عن ان الجنين مشوه او
اذا كانت المرأة تتعرض لمخاطر صحية كبيرة.
وتعتبر هذه القوانين الاكثر صرامة في اوروبا
باستثناء بولندا وايرلندا اللتين يدين معظم سكانهما بالمسيحية
الكاثوليكية مثل البرتغال.
وكذلك تنظم النساء في بولندا احتجاجات الاحد ضد
عدم المساواة لمواجهة ما ترين انه عجز الحكومة عن مواجهة الكنيسة
الكاثوليكية المتشددة وادخال اصلاحات حقيقية.
ورغم ان المساواة بين الجنسين موجودة على الورق
في بولندا الا ان هناك هوة بين ما هو على الورق وما هو على ارض الواقع.
واظهر استطلاع اجري مؤخرا ان 67 بالمئة من
البولنديين يعتقدون ان عدم خروج النساء الى العمل ورعاية الاسرة هو "من
طبيعة المرأة". كما يعتقد ثلاثة من اربعة بولنديين ان الرجل هو الذي
يجب ان يوفر حاجات الاسرة.
وتقول احدى مدرسات الجامعة من الناشطات في مجال
حوق المرأة ان نتائج الاستطلاع جاءت على ذلك النحو "بسبب التقاليد
الكاثوليكية والدور الذي تلعبه الكنيسة في الحياة السياسية والعامة
والاجتماعية في البلاد". وقانون الاجهاض في بولندا هو من بين اكثر
القوانين صرامة في اوروبا بسبب ضغط الكنيسة.
وفي العاصمة الفرنسية تظاهرت الاف النساء السبت
وسط انقسام عميق حول ارتداء الحجاب الاسلامي. فقد خرجت الى شوارع باريس
مجموعة من النساء المحجبات وعدد من اعضاء منظمة "لا مومس ولا أمة" التي
تعارض العنف وفرض ارتداء الحجاب.
وقالت الشرطة ان حوالي 7000 شخص شاركوا في
التظاهرة التي نظمت بمناسبة يوم المرأة العالمي الذي صادف الاثنين.
وتشن منظمة "لا مومس ولا أمة" حملة ضد ما تعتبره
محاولات من الشبان المتحدرين من اصل عربي للسيطرة على النساء في ضواحي
العاصمة الكبيرة. وسارت ما بين الفين و3 الاف امرأة تحت راية المنظمة.
وفي بلدان اخرى حتى تلك التي تعتبر متقدمة منها
لا تزال النساء يسعين الى الحصول على ابسط حقوقهن ودرء الظلم عن انفسهن.
ففي فنلندا البلد المتقدم تكنولوجيا الذي يتمتع
بسجل قوي للمساواة بين الجنسين بلغت نسبة النساء اللواتي يتعرضن للعنف
المنزلي اعلى نسبة في اوروبا طبقا لما اظهرته احدى الدراسات.
وكشفت الدراسة عن ان حوالي 22 بالمئة من كافة
النساء المتزوجات او اللواتي يعشن مع شريك يتعرضن للعنف وسوء المعاملة
على يد ازواجهن او شركائهن. وقد تعرضت ما نسبته 9 بالمئة من النساء
للعنف في الاشهر ال12 المنصرمة وحدها.
وربما يعود ذلك الى الحروب الكثيرة التي خاضتها
البلاد وتاخرها في ان تصبح دولة صناعية والتحرر السريع للمرأة
الفنلندية اضافة الى ارتفاع معلادت البطالة وتناول الكحول لدرجة السكر.
وفي المانيا بينما يوجد عدد كبير من النساء في
مجال السياسة الا انه لا توجد امرأة واحدة في اي مجلس ادارة في الشركات
الثلاثين الكبرى في البلاد.
ولا تتعدى نسبة النساء اللواتي يتولين مناصب
ادارية في الشركات 19 بالمئة طبقا لدراسة اجريت حديثا وهذه من ادنى
النسب في اوروبا.
الا انه وفي مجال السياسة فالصورة تختلف تماما
اذ ان ثلث اعضاء البرلمان من النساء كما ان ستا من بين الوزراء ال14 في
الحكومة الالمانية من النساء.
من جهتها ذكّرت حملة دولية اطلقتها منظمة العفو
الدولية الجمعة تحت شعار "اوقفوا العنف ضد النساء" بكل ما تتعرض له
النساء في جميع انحاء العالم. ففي حين "يقتلن باسم الشرف" في الشرق
الاوسط واسيا ويخضعن للختان في افريقيا تتعرض النساء ايضا للعنف في
الدول الغنية كالدول الاوروبية حيث يمثل العنف المنزلي سبب الوفاة
والاعاقة الرئيسي بين النساء اللواتي تتراوح اعمارهن بين 16 و44 سنة.
وافاد مكتب العمل الدولي ان المرأة تبقى معرضة
اكثر من الرجل للبطالة وشروط العمل غير الثابتة والفقر والتفاوت في
الاجور.
وتم الاحتفال بيوم المرأة العالمي للمرة الاولى
في 19 اذار/مارس 1911 في النمسا والدنمارك والمانيا وسويسرا.
وثمة تفسيران يتقابلان لتبرير اختيار هذا
التاريخ اولهما يشير الى اضراب لعاملات قطاع النسيج في نيويورك عام
1857 والثاني يعيد هذا التاريخ الى تظاهرة قامت بها عاملات في بتروغراد
(سان بطرسبورغ) عام 1917.
وقد اختارت الجمعية العامة للامم المتحدة عام
1977 تاريخ الثامن من اذار/مارس للاحتفال ب"اليوم العالمي لحقوق المرأة
والسلام".
وفي فرنسا ستهيمن مسألة حظر الحجاب في المدارس
العامة على هذا الحدث في ظل صدور قانون بهذا الصدد يدخل حيز التنفيذ
بعد ستة اشهر.
وقدم هذا القانون على انه يعيد تأكيد العلمانية
في النظام التربوي الفرنسي غير انه يثير مواقف متضاربة داخل الحركة
النسائية كما قسم الرأي العام هذا البلد الذي يحوي اكبر مجموعة اسلامية
في اوروبا يتراوح عدد افرادها بين اربعة وخمسة ملايين نسمة. وفي باريس
سارت النساء السبت تحت شعارات مختلفة كشفت عن اولويات مختلفة تتصدرها
الشؤون الاجتماعية بنظر البعض ومسألة العلمانية بنظر البعض الاخر.
من جهته افاد مكتب العمل الدولي في تقرير نشر
بمناسبة اليوم العالمي للمرأة انه ان كان عدد النساء العاملات سجل رقما
قياسيا الا ان المرأة تبقى معرضة اكثر من الرجل للبطالة وشروط العمل
غير الثابتة والفقر والتفاوت في الاجور.
وذكر التقرير الصادر بعنوان "التوجهات العالمية
لعمل المرأة" ان النساء اصبحن يشكلن اكثر من 40% من اليد العاملة
العالمية.
وجاء فيه "النساء لم يعرفن من قبل هذا النشاط
الاقتصادي (..) غير ان التفاوت بين الرجل والمرأة لا ينذر بالتراجع في
اي منطقة من العالم" مشيرا الى ان "المساواة الحقيقية في ميدان العمل
تبقى بعيدة المنال".
وتبقى النساء عرضة للبطالة اكثر من الرجال (6,4%
مقابل 6,1% على التوالي) باستثناء دول الشرق الاقصى وافريقيا جنوب
الصحراء. وتطاول البطالة بصورة خاصة الشابات منهن. وثمة حوالى 35,8
مليون امرأة في العالم تتراوح اعمارهن بين 15 و24 عاما يبحثن عن وظيفة
ما يقارب نصف مجموع النساء العاطلات عن العمل (77,8 مليونا).
ولخص مكتب العمل الدولي الوضع قائلا "ان النساء
الشابات قد يتعرضن لتمييز مزدوج" موضحا ان "النساء الشابات يواجهن
المزيد من الصعوبات في دخول سوق العمل والحفاظ على وظيفتهن في فترة
تباطؤ النشاط الاقتصادي".
كما ان الوظائف التي تعين فيها نساء تكون اقل
ثباتا. وكشف التقرير انه "في حين يحظى الرجال بفرص اكبر للعمل في
نشاطات منتظمة وافضل اجرا يتم توظيف عدد متزايد من النساء في اعمال
ثانوية غير ثابتة ومنخفضة الاجر مثل الاعمال المنزلية والوظائف الموقتة.
وتتميز هذه الوظائف باجور منخفضة جدا وغير ثابتة
وضمانات ضئيلة او منعدمة في البقاء في الوظيفة او تقاضي الاجر وعدم
تأمين حماية اجتماعية".
والنتيجة ان النساء يمثلن 60% (330 مليونا) من "العمال
الفقراء" الذين يتقاضون اقل من دولار في اليوم.
كما ان ذلك يجعل النساء "يتقاضين في كل انحاء
العالم اجرا اكثر انخفاضا من الرجال" حيث تصل اجورهن في افضل الظروف
الى 90% من اجور زملائهن من الرجال. ولفت التقرير الى ان هذا التفاوت
في الاجور يبقى كبيرا حتى في مجال الوظائف "النسائية بامتياز" واوردت
في هذا السياق مثل سنغافورة حيث يتقاضى المدرس 6% اكثر من المدرسة
والممرض 21% اكثر من الممرضة مشيرا الى ان هذا الوضع لا يسجل اي تحسن.
ويظهر توزيع الوظائف بحسب القطاعات ان عدد
النساء يتجاوز عدد الرجال في القطاع الزراعي في الدول النامية غير انهن
اقل عددا في القطاع الصناعي. اما في مجال الخدمات فيبقى نشاطهن محصورا
في القطاعات الاجتماعية فيما يهيمن الرجال على القطاعات الافضل مردودية
مثل القطاعين المالي والعقاري.
المصدر: وكالات |