شبكة النبأ المعلوماتية /
من نوال اليوسف:
اصدر سماحة الشيخ محمد اليعقوبي بيانا عن الجرائم التي ارتكبت
في كربلاء والكاظمية ومدينة كويتا الباكستانية يوم عاشوراء
جاء فيه:
اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم.
بسم الله الرحمن الرحيم
مرة أخرى تحلّ بشعبنا نكبة كبرى نتيجة التقصير
المتعمد لقوات الاحتلال التي تفكر بأمن نفسها فقط وليحصل بالشعب ما
يحصل بل إنها تعمل بشكل وبآخر على إدامة هذا الوضع المأساوي وتهيئ له
أجوائه وتعرقل كل محاولة وطنية وشعبية صادقة لضبط الأمن والاستقرار من
أجل أن تُبقي المبررات الواهية لبقاء الاحتلال ولالهاء الشعب عن قضاياه
المصيرية وزرع الفتنة بين ابنائه وهذا ليس غريباً منهم وهم عبدة
المصالح واتباع الهوى الانانيون لكن العجب لا ينقضي من اولئك المتعصبين
المتحجرين الذين لبسوا الاسلام بالمقلوب فلم يميزوا بين اخوانهم
واعدائهم فراحوا يخدمون أهداف المستكبرين وينفذونها لهم بجهلهم
وحماقتهم مجاناً وبلا ثمن الا خزي الدنيا وعذاب الآخرة وبئس الورد
المورود، فهلا راجعوا نفسهم لحظة وتأملوا في اعمالهم وعرضوها على
مقاييس الشريعة ليروا بأي ذنبٍ قتلوا هؤلاء المؤمنين وبأي جريرة أخذوهم
وقد اجتمعوا ليجددّوا عقد البيعة والولاء مع رسول الله (ص) وذريته
الطيبة الطاهرة ويبرهنوا للعالم أنهم ماضون على طريق رفض الظلم
والاستبداد والاستكبار والانانية والحقد والكراهة والاستئثار وأنهم
ينشدون السلام والحب والحرية والعدالة والمساواة والتسامح والرحمة
والايثار فلماذا كل هذا الحقد عليهم ولماذا لا توجه هذه الايدي الآثمة
اسلحتها إلى الاعداء الحقيقيين الذي يملأون اراضيهم ويهيمنون على
قرارات بلدانهم ويتحكمون في ثرواتها وجاءوا إلى العراق الجريح المظلوم
المضطهد الذي لم يضمد جراحه النازفة التي ادماها صدام الملعون ومتى
يفيق هؤلاء من تعصبهم الأعمى وحماقتهم الرعناء ويرحموا انفسهم قبل
الآخرين فلماذا يضيّعون الدنيا والآخرة وماذا ينفعهم الندم حين يقدمون
على رسول الله (ص) تجرُّهم زبانية جهنم بما اعتدوا على ذريته ومواليه.
إن كلمات الشجب والاستنكار غير كافية بل هي سلاح
العاجز في مثل هذه المواقف بل لا بد من خطوات عملية كان على الجميع
القيام بها قبل الآن حتى لا نفقد هذا العدد الكبير من اعزائنا واحبائنا
فالكيِّس من اتعظ بغيره وحسب للأمر قبل وقوعه ولا يحتاج إلى هذه
المعاناة الطويلة لكي يصحو فعلى الشعب ان يتمسك بالاسلام العظيم وعدم
التفريط به واتباع تعاليمه بحيث تُبنى حياتنا بكل تفاصيلها على اساس
الاسلام وان يحافظ على وحدتنا الوطنية والدينية وسد الطريق امام كل باغٍ
يريد ان يحدث الشقة بين الاخوان.
وعلى اعضاء مجلس الحكم ان يكونوا شجعاناً وواعين
وحازمين ومتجردين عن انانيتهم ومراعين لمصلحة شعبهم فيعملون بكل ما
اوتوا من قوة على تقوية جهاز الشرطة وتزويده باحدث التقنيات ورفده
بالعناصر الملتزمة النزيهة المخلصة من غير مجاملة او محسوبية او مصلحة
شخصية وان يطالبوا باعادة تشكيل وزارة الدفاع فوراً فان الجيش سور
الوطن والدولة بلا جيش كالبيت بلا سور يطمع فيه كل غادي ورائح خصوصاً
وان جيشنا العراقي يمتلك تاريخاً وأصالة وابداعاً ولا نحتاج إلى جلب
ضباط من الاردن ليدربوا هذا الجيش العريق وهم قد رتعوا في عطايا صدام
وأشربت قلوبهم حبَّه ولم تُعرف عنهم شجاعة ولا مشاركة حقيقية في معارك
الأمة بل المعروف عكس ذلك. فليس من المعقول يا اعضاء مجلس الحكم ان
يجري كل ذلك وانتم ساكتون بل الاعجب من ذلك ان يخلو قانون ادارة العراق
للمرحلة الانتقالية الذي سيُعمل به سنتين على الأقل من فقرة تشير إلى
تشكيل وزارة الدفاع فهل يبقى العراق طيلة هذه المدة نهباً للأعداء
والغرباء الجهلة والمتحجرين القساة. وإني وجميع الشعب مستعد للمساعدة
في بناء هذه الوزارة لاننا نعرف الكثير من الضباط الملتزمين الاحرار
الذين لم يبيعوا ضمائرهم للطواغيت وتحملوا في سبيل ذلك صنوف العذاب
وعرض كثير منهم استعدادهم للعمل عليَّ والمساهمة في تشكيل الوزارة
واقدّم هذا العرض بين يدي المرجعيات الدينية والسياسية ليكون حجة عليهم
أمام الله تبارك وتعالى.
وعلى قوات الاحتلال والمستكبرين جميعاً أن تفهم
أن هذه الاعمال تعّمق حالة الرفض لهم وتقرب حالة الانفجار فليثوبوا إلى
رشدهم وليتركوا هذا الشعب يبني نفسه ويقرّر مصيره كما يريد فاذا ارادوا
الحرية والسلام لشعوبهم فليعملوا على ان تعيش شعوب العالم بحرية وسلام
فان العالم كله اليوم (قرية صغيرة) لا يمكن التفكيك بين اجزائها فاما
ان تعيش كلها في خير ووئام او تغرق كلها في فوضى وانتقام.
وعلى العلماء والمرجعيات الدينية والنخب المثقفة
ان يربوا الناس على حب الخير والسلام والرحمة للعالمين جميعاً وليس على
العصبية والتطرف وان يضعوا لهم الموازين الصحيحة لسلوكهم حتى لا
يتصرفوا من غير بصيرة وتختلط عليهم الأمور فيسمّون الجريمة وقتل
الابرياء وتدمير المؤسسات الوطنية (مقاومة) (إن هذا لهو الضلال المبين).
ان الدماء التي جرت على الثرى الطاهر في كربلاء
والكاظمية وفي مدينة كويتا الباكستانية وإن عز علينا وآلمنا واضاف
الينا حزناً وغماً الا اننا نردد في هذا الموقف وكل موقف ما قاله صاحب
الذكرى الامام الحسين بن علي (ع) : (إنه
هوّنَ ما نزل بي انه بعين الله) و(يا الهي إن كان هذا يرضيك فخذ حتى
ترضى لك العتبى يا ربِّ) وقد لمسنا بركة هذا الدماء باصرار المؤمنين
على اداء شعائرهم وتضاعف اعدادهم وكلهم شوق للشهادة والالتحاق بالرفيق
الاعلى ويتمسحون بالمصابين تبركاً بهم وغبطة لهم أنهم حضوا بشرف
التضحية من اجل ان يبقى نور الله تبارك وتعالى حتى يظهره على الدين كله
ولو كره المشركون والكافرون والجهلة المتعصبون.
وأسأل الله تعالى ان يتغمد الشهداء برحمته
ويلحقهم باوليائهم الطاهرين ويمنَّ بالشفاء والسلامة للجرحى والمصابين
وان يدخلنا في زمرتهم لاننا ممن أحب عملهم وبادر إلى نصرتهم باليسير
حين تبرعنا بالدم للمصابين ودعائي لذويهم بالصبر وحسن الجزاء وان
يخلفهم الله تبارك وتعالى بما يقرُّ عيونهم ويُسرُّ قلوبهم وطلبي
للمؤمنين ان لا يقصروا في تشييع الشهداء بالشكل الذي يرد كيد الاعداء
إلى نحورهم ويظهر لهم أننا جميعاً مشاريع استشهاد لنصرة هذا الدين
العظيم حتى يرث الارض ومن عليها عبادُ الله الصالحون وتسعد البشرية
بدولة العدل الالهي بقيادة الامام المهدي (عج) وان غداً لناظره قريب.
محمد اليعقوبي
10 محرم 1425 |