تتجه الأنظار نحو المملكة العربية السعودية
وخطواتها الإصلاحية، وخاصة ما يتعلق في موضوع إصلاح البيت العربي،
فأمام صناع القرار في السعودية حزمة
استحقاقات داخلية متقاطعة مع متغيرات إقليمية – دولية تحتم التعامل
معها بكل جرأة ونقد.. واعتراف وخاصة بما يتعلق بقضايا تهم الإسلام
والمسلمين – الغلو – التطرف الرأي الآخر – ولعل اعتراف الأمير سعود
الفيصل وزير الخارجية المملكة بأننا نعيش أزمة تضرب في أسس كياننا
ونعتقد أن هذا الاعتراف هو خطوة جديرة بالانتباه والاهتمام إلى التوقف
عن مسألة ما العمل لتجاوز هذه الأزمة التي تعصف بالمنطقة العربية وفق
رؤية الأمير فيصل في قراءة تفسير الأسباب الأزمة الراهنة يراها منا من
يؤمن بأن جذور الأزمة تعود إلى الاستعمار الأجنبي لمناطق واسعة من
العالمين العربي والإسلامي باعتبارها الأساس في كل ما أصاب الأمة وبعض
الأحداث الفاصلة التي تعرضت لها الأمة في تاريخها الحديث مثل الصراع
العربي الإسرائيلي – ومثل مأساة غزو الكويت في عام 1990 ومثل كارثة 11
أيلول 2001، وما رافقها وأعقبها من أحادية قطبية وحرب على الإرهاب،
ومنا ما يعزو الأزمة إلى بعض العوامل الهيكلية ذات الطابع الاقتصادي أو
الاجتماعي بل أحياناً الفكري والثقافي التي وقفت حجر عثرة في طريق قدرة
العالم العربي على حل مشكلاته وتجاوز معاناته، باختصار وبحسب رؤيته لقد
تعاظم خطب الأمة حتى كاد أن يبلغ أقصاه لقد تكاثرت الخطوب على أمتنا
حتى تكسرت النصال على النصال وخبا أكثر من شعاع علقنا عليه الآمال في
فترة أو أخرى.
وزاد بيننا الإحساس بالإحباط ولا أقول اليأس
وتعددت الأفكار حول الحلول الممكنة والمخارج العملية من الأزمة التي
قادتنا إلى هذا المآل وأوصلتنا إلى هذا الحال، ويذهب الأمير فيصل
مباشرة إلى الأسباب الداخلية للأزمة في لغة ومضمون جديدين تماماً في
الخطاب المملكة السعودية والعربية رسمياً عموماً، يقول أن غياب
المشاركة السياسية الفاعلة هو المفضي إلى توالي الأزمات وهو المؤدي إلى
تعميق التشوهات، وهو المسبب في فقدان القدرة على مواجهة التحديات،
وبدون تطوير فعلي للمشاركة سيبقى العالم العربي يعيش في الماضي
والتاريخ، وستخسر الأجيال القادمة رهان المشاركة في صنع المستقبل مضيفاً:
إن كل إصلاح حقيقي هو إصلاح سياسي تحديداً وفي أن هذا الإصلاح هو إصلاح
للذات أولاً، إصلاح ذاتي وبمضمون محدد هو عدم تطوير المشاركة السياسية
ذلك هو الغائب في الأنظمة القائمة، وهو ما قاد إلى الضعف المتمادي،
والى البؤس الفاشي في أحوال أمتنا.
ويرى الفيصل فإنه بعض من جذور غياب المشاركة
السياسية الفعلية إنما يقوم في نسيجنا الاجتماعي والتاريخي حيث يقوم
صراع تاريخ ممتد بين قيم البادية الراحلة غير المستقرة في إطار جغرافي
محدد وغير الخاضعة لسلطة سياسية مستقرة من جهة وبين قيم الحواجز
المتباعدة المتناثرة في الصحارى الشاسعة والمعرضة باستمرار للغزو
والاضمحلال الأمر الذي حدا بمفكرنا الكبير عبد الرحمن بن خلدون أن يلحظ
في مقدمته إن الأوطان الكثيرة القبائل والعصائب قل أن تستحكم فيها دولة،
وأن العرب أبعد الأمم عن سياسة الملك، ويتقدم الوزير فيصل في القراءة
الوضعية للأزمة وجذورها فيقول أما المجموعة الثانية من العوامل المؤثر
في ضعف المكون السياسي العربي فتتعلق بوجود روابط قوية تتجاوز الانتماء
السياسي المباشر، وتفوق أهميته من الناحيتين النظرية والتطبيقية، فرابط
الأمة الإسلامية يعلو نظرياً على مستوى الدولة السياسي، في حين نجد
روابط العصبيات المحلية المجزأة أهم عملياً من روابط الممارسة السياسية
على مستوى الدولة، ملخصاً وعلى هذا الأساس لم تكن الدول في المجتمع
العربي محور تكوين العلاقات الاجتماعي وبرؤية الوزير الفيصل يجب أن
تكون المشاركة السياسية في إطار إصلاحي شامل وحقيقي لا مجرد تغيير شكلي
لا يعتد به، لذلك يجب أن تقترن بالتنوير السياسي والتثقيف السياسي،
والتنشئة السياسية والمآسة السياسية بحيث تتعمق الوطنية وتترسخ معانيها،
وأن نملك الجرأة اللازمة لممارسة النقد الذاتي وإعادة النظر في ثقافتنا
السياسية السائدة مضيفاً: لا بد أن يدرك الجميع أن الاستناد القديم إلى
مجموعات صغرى تراوح بين القبيلة والعائلة والطائفة لتدبير شؤون الحياة
لم يعد يصلح لمتطلبات العصر الحديث ومستجداته وظروفه. |