ذكرت دراسة حديثة أن نحو ثلاثة من كل أربعة منازل يمتلكون واحدا أو أكثر من أجهزة الكمبيوتر الشخصية في سنغافورة البارعة في التكنولوجيا. وترتفع الارقام الواردة من هيئة تنمية إتصالات المعلومات بنسبة  68 في المئة عن عام 2002. وقالت الهيئة ان هناك وعيا كبيرا بين العائلات عن أهمية استخدام تكنولوجيا المعلومات وبرامج التعليم الوطني.. كما ساعدت الصفقات المالية الجذابة على تزايد دخول الانترنت إلى المنازل. وأسفرت خطط نظام الاشتراك الشهري لخدمة الانترنت الممكن تحملها إلى اشتراك  40 في المئة من المنازل التي جرى استطلاع آرائها في النظام العام الماضي 2003 مقارنة بنسبة  24 في المئة عام 2002.

 

إنَّ سكينةَ القلبِ تُوجبُ الاتزانَ في التفكيرِ، وهو بدورهِ يوجبُ التحرُّكَ الصحيحَ نحوَ الأهدافِ الرفيعةِ.

ايران في جولة ثانية: انكشاف اوراق اللعبة.. انتخاب السيئ لتفادي الاسوء
إغلاق صحف إيرانية جديدة بسبب إشكالات الانتخابات الأخيرة
استجواب صدام واعوانه تمهيدا للمحاكمة الكبرى
إنجاز 70 - 80% من صياغة الدستور العراقي الجديد
75 بالمائة من الفلسطينيين يؤيدون تخلي حماس عن العنف
ندوة الوثائق التاريخية للقدس محاولة عقلانية لإيقاف تهويدها
التغذية السليمة تضمن للانسان ذاكرة نشطة حتى سن التسعينات
 
 
 
 

 

قراءة في التركيبة السكانية لعراق خال من الاستبداد

نضير الخزرجي*

تعد «الإنتخابات» واحدة من المفردات الأكثر شفافية، كمفردة «الديمقراطية»، فمعظم الناس يتوق إلى الديمقراطية رغم تعدد التسميات وتنوعها وتوزعها ذات اليمين وذات الشمال، كما ان معظم الناس لا يرفض الإنتخابات في أي حقل من حقول الحياة العامة، لكن الإنتخابات كما هي قيمة معتبرة حقيقية فإن لها آليات ومقدمات لابد من توفرها لانجاحها وانجاز مرادها كقولنا ان الحج فرض على كل مسلم ولكن إنجاز حكم وجوب الحج يتطلب انجاز موضوع الحج نفسه من استطاعة مالية وصحية وأمنية، وإلا، لا يقع الوجوب اذا لم تتوفر مقدمات الحكم.

والإنتخابات المقترحة في العراق التي يفترض فيها ان تنتج مجلساً وحكومة منتخبين، ولكي تكون منجزة ومقبولة من عموم الشعب العراقي يفترض لإخراجها إلى الواقع بصورتها الناصعة ان يتم توفير مقدمات الإنتخابات نفسها وموضوعه، ولو بالقدر الأدنى، انسجاما مع رغبات عموم الشارع العراقي بكل أطيافه.

مقدمات الإنتخابات عدة من قبيل التوقيت وتعيين الدوائر الإنتخابية، والإحصاء السكاني العام، وضم الدوائر الإنتخابية في كردستان العراق إلى عموم الدوائر الإنتخابية، وحضور مراقبين دوليين، وغير ذلك.

لا مدعاة للاختلاف

وهنا محاولة لتلمس الواقع السكاني للعراق لأهمية ذلك على مستقبل العراق ولتلافي ما وقع من اخطاء جسيمة في العهدين الملكي والجمهوري وضمان عدم تكرارها ثانية.

يحاول البعض عن علم او جهل بواقع الخريطة السكانية العراقية، ان يقلب الحقائق الديمغرافية في العراق انطلاقا من مواقف مسبقة لا تتوافق مع الواقع الاجتماعي والسياسي للعراق، ولا تنسجم مع تطورات الحياة، فليس من الانصاف ان تفرض الاغلبية رأيها على الأقلية تحت مدعى الديمقراطية، وليس من العدل ان تفرض الاقلية رأيها على جمهور الاكثرية تحت مدعى الحكم للأقوى، فلا المنطق الاول راجح، والمنطق الثاني يحمل معه معاول هدمه، ان استطاع ان يتغلب في جولة سيخسر في جولات وربما بمنطق الحكم للأقوى نفسه!

ومن الامور الباعثة على التعجب أن تختلف الأقوال في المسألة السكانية في العراق رغم علم الجميع وقبل سقوط النظام في 9/4/2003، ان العراق يتوزع بين أكثرية عربية شيعية واقلية عربية سنية وأقلية كردية سنية وشيعية وأقلية تركمانية شيعية سنية وأقليات اخرى كالمسيحيين والصابئة وغيرهم، والعجب في الامر ان البعض يحاول البحث عن اثارات سكانية مبالغ فيها من وسط  الركام الذي خلفته عجلات قوات التحالف في بغداد.

ثم ان المسألة لا تتعلق بحجم الدائرة الإنتخابية من حيث المساحة التي تقوم عليها هذه الدائرة بل بقدر حجم الواقع السكاني فيها، فالإنتخابات معيارها الأول صوت الناخب، وليس حبات رمل الارض، والدائرة الإنتخابية يؤخذ فيها بعين الاعتبار وبالدرجة الاولى عدد الناخبين في الدائرة الإنتخابية لا مساحة الأرض، وهذا المعيار على سبيل المثال نجده أحد مطالب أهالي سامراء بعد انهيار نظام صدام حسين حيث قرأت وبخط عريض في اكثر من مكان عند تجوالي في المدينة بعد أيام من عيد الفطر المبارك الماضي لافتات يطالب الاهالي فيها بالاستقلال إداريا عن مدينة تكريت، ونقلها إداريا إلى مصاف لواء، وكانت تكريت وهي مسقط رأس الرئيس العراقي السابق صدام حسين قد حولت في عهده إلى محافظة بعد ان ضم اليها عددا من الاقضية ومنها مدينة سامراء التي هي اكبر حجما من مدينة تكريت نفسها التي زرتها اول ما زرتها العام 1978 في رحلة شملت مدن بلد وسامراء وتكريت.

أول إحصاء سكاني تحت الاحتلال

واذا كان البعض يخالف الواقع في هذا المجال، فإن البعض يحاول ان يرمي الكرة خارج الشباك لا على التعيين، بنفي وجود أي إحصاء سكاني عام في العراق، وهذا الكلام فيه مجانبة واضحة للحقيقة ولا يلحظ أن العراق شهد أكثر من إحصاء سكاني خلال القرن الماضي، واول إحصاء سكاني جرى العام 1919 تحت الاحتلال البريطاني «احتسب الإحصاء البريطاني الذي اجري العام 1919 عدد الشيعة بنحو 1.500.000 نسمة من مجموع 2.850.000 نسمة أي بنحو 53 بالمئة من السكان. وفي العام 1936 بلغ عددهم 1.612.533 نسمة من مجموع قدره 2.857.077 نسمة أي زهاء 56 بالمئة  ومعظمهم من العرب والى جانبهم نسبة ضئيلة من الإيرانيين والهنود والأكراد».(راجع: جاد الكريم الجباعي، الاحزاب والحركات والجماعات الإسلامية/ج2 ص285, المركز العربي للدراسات الاستراتيجية، دمشق، 2000).

وينقل الدكتور عبد الله النفيسي بعد ان يقرر في الصفحة 9  و167 من كتابه (دور الشيعة في تطور العراق السياسي الحديث) ان «نصف اهل العراق من الشيعة ان لم نقل غالبيتهم»، احصائية العام 1919  بشيء من التفصيل اذ: «بحسب إحصاء السكان الذي قام به الانكليز في سنة 1919 تبين ان عدد الشيعة بلغ 1.493.015 وعدد السنّة 992.285، وعدد اليهود 86.488، والنصارى 78.692، والطوائف الاخرى 42.302».(راجع عبد الله فهد النفيسي، دور الشيعة في تطور العراق السياسي الحديث، ص167)، علما ان الكاتب بدأ  منذ العام 1968 بالتحضير لكتابه وطبع العام 1973 في مطابع دار النهار للنشر في بيروت.

ماذا يقول المؤرخون الغربيون؟

ويلاحظ الزيادة السكانية ما بين الاحصائين (1919 -1936) مع ميل الكفة لصالح  الأغلبية الشيعية في العراق. بل ويذهب المؤرخ الفرنسي فيكتور بيرار الذي عاش في القرن التاسع عشر (1864-1931)، وزار العراق وكتب في العام 1907 حول رحلته كتابا بعنوان (السلطان، الإسلام والقوى: القسطنطينية _ مكة _ بغداد)، يذهب إلى تأكيد حقيقة كون الشيعة في العراق يشكلون الغالبية السكانية وذلك قبل ان تجري بريطانيا أي إحصاء سكاني في العراق حيث لم يكن العراق قد وقع بعد، تحت الاحتلال البريطاني، ما يعطي انطباعا عاما ان المسألة كانت بادية للعيان، وهذا ما نلحظه من خلال جولة بيرار في العراق وهو في الطريق من القسطنطينية إلى مكة حيث كتب يقول: «وكذلك في العراق ورغم استبداد الخليفة السني فإن اربعة اخماس السكان ما زالوا يبجلون الأئمة الاثني عشر».(راجع: قيس جواد العزاوي ونصيف الجبوري، دراسة بعنوان: كربلاء كما وصفها بعض المستشرقين الفرنسيين، من كتاب: دراسات حول كربلاء ودورها الحضاري، ص144، مركز كربلاء للبحوث والدراسات، لندن(.

اما بموجب إحصاء العام 1947 فإن التكوين العرقي والديني والمذهبي سجل نسبة  51.4 بالمئة من السكان للشيعة العرب إلى جانب 6.9 بالمئة من الشيعة الاكراد والتركمان، و 1.2 بالمئة من الشيعة الايرانيين، فيما كان السنة العرب يشكلون نسبة 19.7 بالمئة من العراقيين والسنة الأكراد نسبة 18.4 بالمئة، والسنة التركمان نسبة 1.1 بالمئة من العراقيين، اضافة إلى اقليات اخرى من مسيحيين ويهود ويزيديين وشبك وصابئة.(راجع: عبد الكريم الازري، مشكلة الحكم في العراق، ص273، لندن 1991).

لكن النسب التي نشرت العام 1951 يطرأ عليها تغيير غير مفهوم  بالمقارنة إلى إحصاء العام 1957، وهو تغيير اقل ما يقال عنه انه غير طبيعي، فمن غير المعقول ان تنخفض نسبة الاكراد إلى 12.7 بالمئة، وتقل نسبة الشيعة العرب إلى 44.9 بالمئة فيما ترتفع نسبة السنة العرب إلى 28.6 بالمئة قياسا مع السنة الأكراد وذلك خلال اربع سنوات، خصوصا وان معظم الارقام تسجل تقاربا في نسبة السنة الاكراد مع السنة العرب، وبعضها تزيد من نسبة السنة الاكراد على السنة العرب، واذا نزلنا عند هذه الارقام فإن الشيعة العرب ما زالوا يشكلون غالبية سكان العراق، ووفق هذه النسب شكل التركمان نسبة 4.3 بالمئة والفرس 3.3 بالمئة، واليهود 0.3 بالمئة، والمسيحيون 6.4 بالمئة، والصابئون 0.3 بالمئة، واليزيديون والشبك 0.1 بالمئة، من نفوس العراقيين.(راجع: د. ابراهيم فرهاد، الطائفية والسياسة في العالم العربي.. نموذج الشيعة في العراق، ص 290 و337، مكتبة مدبولي، القاهرة 1996).

ويعتبر الباحث حامد الحمداني أن إحصاء العام 1957 هو أدق إحصاء للتركيبة السكانية للعراق، اذ يقول: «وبالرجوع إلى الإحصاء العام للسكان، العام 1957، والذي يعتبر أدق إحصاء جرى حتى ذلك التاريخ، ظهر أن تعداد نفوس العراق كان آنذاك ستة ملايين ونصف المليون نسمة موزعة كما يلي:

1- القومية العربية، وقد بلغ مجموع نفوسها 5,018,262 نسمة، أي ما يعادل 80 بالمئة من السكان .

2- القومية الكردية، وقد بلغ مجموع نفوسها 1,042,774 نسمة أي ما يعادل 16بالمئة من السكان .

3- القومية التركمانية، وقد بلغ مجموع نفوسها 136,806 نسمة، أي ما يعادل 2 بالمئة من السكان.

4- القومية الآشورية، وقد بلغ مجموع نفوسها 100,000 نسمة، أي ما يعادل 1,5 بالمئة من السكان.

هذا ما يخص  التوزيع القومي للسكان ، أما بالنسبة لتوزيع الأديان فهي كما يلي:

1- المسلمون: وقد بلغ تعدادهم 6,057,493 نسمة (أي أغلبية السكان).

2- المسيحيون: وقد بلغ تعدادهم 202, 206 نسمة.

3- أقلية يهودية: وكانت تقدر بعشرات الآلاف العام 1947، غير أن الدولة أسقطت عنهم الجنسية العراقية العام 1948، وتم تسفيرهم إلى إسرائيل، ولم يبقَ منهم سوى 4906 نسمة.

4- أقلية يزيدية في منطقة الشيخان، وسنجار وبعض القرى التابعة للواء [محافظة] الموصل .

5- أقلية صابئة يسكن أغلبها لوائي العمارة وبغداد.

 أما التوزيع الطائفي في العراق فهو على الوجه التالي:

1- المسلمون الشيعة: ويمثلون 50 بالمئة من سكان العراق، ويسكنون المناطق الوسطى، والجنوبية.

2- المسلمون السنة، ويمثلون 35 بالمئة من سكان العراق، ويسكنون المنطقة الشمالية، وبغداد، والانبار.

3- المسيحيون، واليزيدية، والصابئة، واليهود، ويمثلون 15بالمئة من سكان العراق، علماً أن المسيحيين ينتمون إلى طوائف عدة منهم الكاثوليك والبروتستنت والأرثدوكس والكلدان. (راجع: زكي خيري، ملاحظات أولية في الاصلاح الزراعي، ص43، وانظر: حامد الحمداني، صفحات من تاريخ العراق الحديث، من موقع «صفحات» على شبكة الانترنت).

ولنا وقفة قليلة مع ما ورد حول نسبة اليهود العراقيين، فأغلب الإحصاءات لا تعطي نسبة معينة ثابتة وما ذكر من نسب في كتابات مختلفة قائمة على التخمين، لكن كتابا موثقاً مثل كتاب (النشاط الصهيوني في العراق) للكاتب حاييم كوهين نشرته الجامعة العبرية في القدس العام 1969 وترجمه مركز الابحاث الفلسطينية في بغداد يذكر فيه ان هجرات منظمة جرت ليهود من العراق إلى فلسطين منها :»«هجرة حوالي عشرة آلاف يهودي من العراق منذ العام 1919 وحتى قيام الدولة»(راجع المصدر: ص1) و: «حسب احصائيات قسم الهجرة هاجر، إلى اسرائيل خلال العامين 1950- 1951 نحو (121.541) يهودياً من مواليد العراق». (راجع المصدر: ص10)، وعموم من هاجر بين العامين 1949-1951 من يهود العراق هو (124.180) يهودياً. وهم يشكلون الغالبية العظمى من يهود العراق.(راجع المصدر: ص1و13).

واذا عرفنا ان المكتبة الصهيونية في القدس أشرفت على طبع الكتاب وأنه صادر عن «معهد دراسات اليهودية المعاصرة، قسم يهود آسيا وافريقيا» ، تتضح لنا أهمية الارقام المذكورة ودقتها، خصوصا وان الكاتب خلال توثيقه للهجرة يؤكد ان هجرة اليهود العراقيين تمت بتنسيق في عملية  اطلق عليها «عزرا ونحميا». (راجع المصدر: ص1).

ويؤكد الكاتب الروسي ل.ن. كوتلوف في كتابه (ثورة العشرين الوطنية التحررية في العراق) الذي ألفه العام 1958، ان الشيعة يشكلون الاغلبية في العراق. (راجع الكتاب: ص18، مكتبة النهضة، بغداد).

إحصاء حبيس السرية!

ومع ان الحكومة العراقية في العهد الجمهوري أجرت  اكثر من تعداد سكاني شهدت احدها، تطرق إلى كل تفاصيل المواطن العراقي، لكن التوزيع الديني والطائفي والعرقي ظل حبيس السرية، غير أن معظم الارقام تشير إلى ان نفوس الشيعة العرب يتراوح ما بين 60 و65 بالمئة من سكان العراق، وبعض الأرقام تزيد من هذا المعدل أو تنقص منه، ويشير تقرير لمركز ابن خلدون في القاهرة، صدر العام 1999 إلى ان الشيعة يمثلون 52 بالمئة من سكان العراق.

وجاء في تقرير اصدرته «لجنة مراقبة الشرق الأوسط لحقوق الإنسان» ومقرها نيويورك - وهي منظمة حقوقية غير حكومية- في تقريرها الدولي العام 1991، ان الشيعة يشكلون نسبة 50 إلى 55 بالمئة من نفوس العراق البالغ 16 مليون نسمة حسب تقديرات عام 1986 فيما يبلغ السنة العرب 20 بالمئة والاكراد بين 15 إلى 20 بالمئة من السكان حسب تقدير المؤرخة فيب مار.(انظر: التقرير الدولي عن حقوق الإنسان في العراق، مراجعة الدكتور صاحب الحكيم، مؤسسة المنار، لندن،1991).والمفيد ذكره ان نسبة خمسين بالمئة يذهب إليها عبد الله محمد الغريب في كتابه (وجاء دور المجوس)، حيث: (بلغت نسبة الشيعة في العراق خمسين بالمئة العام 1971).

وتقدرهم الموسوعة البريطانية بنحو 53 بالمئة، اذ جاء فيها تحت عنوان الدين في العراق ان: "اكثر من 80 بالمئة من العراقيين يتكلمون العربية وهي اللغة الرسمية، وتقريبا  15 بالمئة يتكلمون الكردية، والبقية هي للغات الاقليات كالتركية والتركمانية والاشورية. كما ان 53 بالمئة من شعب العراق هم من الشيعة وحوالي 42 بالمئة من السنة، والشيعة هم عرب مع قلة من التركمان، بينما السنة هم من العرب والترك والتركمان والكرد".انظر:

(The New Encyclopaedia Britannica,v21,p976,Robert Mchenry _General Editor- The University of CHICAGO,USA,1992).

مع انه يستحيل التحقق من صحة تصنيف إحصائي دقيق للسكان بسبب الأخطاء المحتملة في أحدث إحصاء رسمي للسكان (أجري العام 1997)، حسب وصف التقرير السنوي الذي اصدرته وزارة الخارجية الاميركية في 7/10/2002 حول الحريات الدينية في العالم، فإن التقرير يضيف وفق إحصاء العام 1997: «إن أفضل التقديرات تقول إن 97 بالمئة من سكان العراق البالغ عددهم 22 مليون نسمة مسلمون. ويشكل الشيعة (وغالبيتهم من العرب، وإن كان بينهم أيضاً تركمان وأكراد ومجموعات أخرى) ما بين ستين وخمسة وستين بالمئة من السكان. أما السنة فيشكلون ما بين 30 و37 بالمئة من السكان (حوالى 18-20 بالمئة منهم من الأكراد، و12-15 بالمئة من العرب، والبقية من التركمان السنة). أما الحوالى ثلاثة بالمئة المتبقية من مجموع عدد السكان فمسيحيون (آشوريون وكلدانيون وكاثوليك وأرمن)، ويزيديون ومندائيون بالإضافة إلى عدد ضئيل من اليهود».

ومن قبل اشار تقرير وزارة الخارحية الأميركية حول حقوق الإنسان في العراق الذي نشر في 4/3/2002 الى ان: "السكان الشيعة العراقيين الذين يقدر عددهم بـ 65 بالمئة من مجمل سكان العراق الذين يبلغ عددهم 22 مليونا".

وتكاد نسبة الـ (60) والـ (65) هي الاكثر ورودا في التقارير الدولية، فقد اشار إليها الكاتب البريطاني روبرت فيسك في مقالة له في صحيفة الاندبندت يوم 3/1/2004، حيث كتب يقول: «ويتوقع الشيعة الذين يشكلون 60 بالمئة من السكان الحصول على قوة مؤثرة في الإنتخابات العامة التي ستجري هذا العام». كما ورد نسبة 06 بالمئة في صحيفة الفاينانشال تايمز البريطانية ليوم 20/1/2004 وهي تعلق على التظاهرات التي عمت بغداد قبل يوم يطالب فيها سكان بغداد باجراء إنتخابات عامة، وكذلك في النشرة الخبرية المقروءة لاذاعة البي بي سي البريطانية المنشورة في شبكة الانترنت ليوم 21/1/2004، وهي تعلق على الحدث نفسه. وفي خطاب للرئيس الأميركي جورج بوش الثاني اذيع من محطة (أي بي أس) الاميركية خلال انعقاد مؤتمر المعارضة العراقية في لندن نهاية العام 2002، اشار إلى ان نفوس الشيعة بين 60 إلى 67 بالمئة، وفي تقرير اخباري من بغداد ذكرت الصحافية الاميركية لورا كينغ ان شيعة العرب يشكلون نسبة 60 بالمئة.(راجع: صحيفة الشرق الاوسط، عدد 9088 ليوم 16/10/2003).

والملاحظ في تقديرات الرئيس الأميركي بوش انها اعتمدت على أرقام بثتها من قبل وزارة الخارجية الأميركية بالاعتماد على تقارير خاصة بها، ففي تقرير لوزارة الخارجية الاميركية عن حقوق الإنسان في العراق للعام 2001 تحت عنوان:«الاساءات الخطيرة لحقوق الإنسان في العراق مستمرة»: جاءت فيه اشارة الى:«..السكان الشيعة العراقيين الذين يقدر عددهم بـ 65 بالمئة من مجمل سكان العراق الذين يبلغ عددهم 22 مليونا». وفي السنة التالية اصدرت شعبة الديمقراطية والحقوق الإنسانية والعمل التابعة لوزارة الخارجية الاميركية تقريرها السنوي في 7/10/2002 عن الحرية الدينية في أرجاء العالم المختلفة، وفيما يخص العراق جاء فيه: "الشيعة العرب هم اكبر مجموعة دينية"، و"طالما تعرض الشيعة العرب الذين يشكلون الأغلبية الدينية بين السكان للتمييز ضدهم اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا".

بغداد تتمدد بأحيائها

واذا كان الشيعة العرب يمثلون نحو 80 بالمئة من عرب العراق بتخريج الاكراد والتركمان كما يذهب إلى ذلك الوزير العراقي في العهد الملكي السيد عبد الكريم الازري (انظر: مشكلة الحكم في العراق، ص123 و281)، فإن باحثا آخر يعتقد ان بغداد وحدها تضم اكثر من هذا الرقم، يقول السامرائي:«ان معظم المناطق المختلطة مسكونة من أغلبية شيعية واضحة سيما العاصمة بغداد التي تشير آخر الاحصائيات التي اجراها فريق عمل اميركي وبناء على احصائيات الحكومة العراقية وبمساعدة موظفيه، وذلك في منتصف الثمانينيات، إلى ان نسبة الشيعة فيها هي 82 بالمئة».(راجع: سعيد السامرائي، الطائفية في العراق.. الواقع والحل، ص133، مؤسسة الفجر، لندن1993).

والسامرائي فيما ذكر انما يشير إلى التقرير الذي قدمه الفريق الاميركي العام 1988 بعد ان اجرى دراسة ميدانية للتركيبة السكانية العراقية بالتعاون مع السلطات المحلية في العراق حيث اجرى: «دراسة ميدانية لمنطقة السليمانية في كردستان العراق (5891 - 6891) ولمدينة بغداد (1986-1988) ثم وسع وقبل نهاية الحرب العراقية الايرانية دراسته لتشمل: الموصل، كركوك، أربيل، الحلة، كربلاء، الكوت، الناصرية، العمارة، بعقوبة، الرمادي، والبصرة».(راجع: وليد الحلي، العراق الواقع وآفاق المستقبل، ص313، دار الفرات، بيروت، 1992).انظر:

(Iraq-Demographic and ethnic.Distribution.U.S Government Data ME/oil/223-099-887)

وجاء في التقرير الاميركي ان: «عدد نفوس العراق في حزيران  - يونيو - 1987 يساوي 18.644.000 نسمة. ونفوس بغداد يساوي 4.2 مليون نسمة موزعون كما يلي:

82 بالمئة منهم من المسلمين العرب الشيعة و18 بالمئة من سكان بغداد من المسلمين السنة ونسبة من المسيحيين والاكراد. ونسب مجمل مناطق العراق الاحصائية ما يلي: العرب الشيعة 72 بالمئة، العرب السنة 8 بالمئة، الكرد السنة 18بالمئة، التركمان (مختلط) اقل من 2 بالمئة، البقية اقل من 1 بالمئة».(انظر: الحلي والتقرير الأميركي، المصدر السابق).

والنسبة السكانية في بغداد ذهب إليها تقرير شعبة الديمقراطية والحقوق الإنسانية والعمل التابعة لوزارة الخارجية الأميركية بخصوص الحريات الدينية الصادر في 7/10/2002، والذي جاء فيه: «ورغم أن الشيعة ينتشرون أكثر ما ينتشرون في الجنوب إلا أنهم يشكلون الغالبية أيضاً في بغداد ولهم جاليات في معظم أنحاء البلاد. أما السنة فيشكلون أغلبية السكان في وسط البلاد وفي الشمال». ويقول فاروق عباس عن بغداد: «يسكنها خليط سكاني من كل القوميات والأديان والمذاهب وتعتبر منطقة مختلطة ولكن الغالبية فيها من العرب المسلمين، وعدد نفوس الولاية يقدر بخمسة ملايين نسمة». (راجع: فاروق عباس، ازمة الحكم في العراق وحل المسألة الكردية،  ص148، دار الحكمة، لندن، 1995).

ويسود الاعتقاد أن الرقم اكبر من هذا اذا ما نظرنا إلى احياء كبيرة تحولت بمرور الزمن إلى مدن كبيرة مثل مدينة الثورة (مدينة صدام في عهد صدام حسين والصدر بعد سقوط النظام) التي تضم الملايين من العراقيين غالبيتهم العظمى من العرب الشيعة، اوصل البعض اعدادهم إلى اربعة ملايين كما ورد على لسان الشيخ محمد رضا النعماني احد وكلاء آية الله السيد كاظم الحائري (راجع حوار شاكر الجوهري مع الشيخ عدنان الشحماني ومحمد رضا النعماني في موقع «الصدر» الالكتروني).

ان اجراء إحصاء سكاني يكاد يكون امر لابد منه قبل اجراء أي إنتخابات ليس في داخل العراق فحسب، بل وخارجه خصوصا، فهناك الملايين من العراقيين هجروا العراق على مدار اربعة عقود وهؤلاء من حقهم الاشتراك في أي إنتخابات قادمة، والتطور العلمي في مجال الحاسوب يسهل من عملية الحصول على اعدادهم وخاصة في الدول الاوروبية والولايات المتحدة واوستراليا، كما ان بطاقة التموين المعمول بها في العراق منذ سنوات طويلة تذلل الكثير من الصعوبات في مجال التعداد السكاني، ولدى الحكومتين المحليتين في أربيل والسليمانية كامل الأرقام عن سكان كردستان العراق.

كما انه ليس من الصحيح ابدا اعفاء ما اطلقت عليه الصحافة الغربية  جزافا بالمثلث السني من أي إحصاء سكاني أو تأجيل الإنتخابات فيها بحجة العمليات المسلحة، لان مثل هذا المنحى ربما يضفي طابعا طائفيا على أي إنتخابات قادمة ليس في مصلحة العراق، علما ان هذه المدن يشملها نظام بطاقة التموين فيسهل عندها معرفة عدد السكان ولو بشكل تقريبي حتى وان تعسر اجراء إحصاء سكاني عام.

* باحث وكاتب إسلامي

alrayalakhar@hotmail.com

شبكة النبأ المعلوماتية - الأربعاء 25/2/2004 -  4/ محرم الحرام/1425