اعتبر مساعد وزير الخزانة الاميركي جون تايلور
ان الاقتصاد "بدأ بالنمو" في العراق بفضل العائدات النفطية والتجارة
الصغيرة.
وقال خلال مؤتمر عبر الفيديو من بغداد التي توقف
فيها بعد زيارة لافغانستان ان "الاقتصاد بدأ بالعمل وبالنمو".
واوضح تايلور المكلف العلاقات الدولية في وزارة
الخزانة بان قيمة الصادرات النفطية ستصل الى 13,5 مليار دولار هذا
العام اي اكثر ب1,5 مليار دولار مما كان متوقعا.
واشار الى ان العراق استورد منذ انتهاء الحرب
حوالى مليون سيارة وما لا يقل عن نصف مليون صحن لاقط. واوضح انه خارج
قطاع النفط بدأ انتاج الاسمنت والزفت ومعدات البناء يتحسن.
وقال ايضا "اذا نزلتهم الى الجادات والشوارع
ترون محلات مفتوحة. هناك كميات كبيرة من المواد التي تباع في الشارع.
ان التجارة تنمو فعلا". واوضح انه سيكون للعراق قريبا مصرفا مركزيا.
واثناء مؤتمر مدريد حصل العراق على وعود بالحصول
على 33 مليار دولار من القروض والهبات بينها 18,6 مليار دولار من
الولايات المتحدة. ويتبين ان هذا المبلغ غير كاف مقارنة بمبلغ ال56
مليار دولار الذي يقول البلد انه يحتاج اليها من الان وحتى 2007.
ويأمل الحافظ في تخصيص 3,5 مليارات دولار
لمشاريع اعادة الاعمار في العراق للسنة الحالية.
وهذا تمثل السلع المستوردة والمقاهي المنتشرة
بوادر لانتعاش العراق، ففي الشوارع القذرة لسوق جميلة يقوم تجار شيعة
بتفريغ أطنان من البضائع المستوردة بكميات غير مسبوقة، أكد غيث العيبي
بينما كان عمال يفرغون حاوية من الحلوى الايرانية في مستودعه باحد
احياء بغداد العشوائية ان الاقتصاد العراقي سيتحسن مهما حدث بعد صدام
حسين. وقال ان الرئيس المخلوع حرم الشعب من موارد بلاده.
ويعتبر سوق جميلة وهو مركز بيع المواد الغذائية
والاجهزة المنزلية نبض التجارة ومؤشر الاقتصاد. لم يتدخل فيه صدام وسمح
للشيعة الذين يهيمنون على التجارة العمل فيه بشيء من الحرية.
واستمر السوق مفتوحا اثناء غزو العراق بقيادة
الولايات المتحدة والاطاحة بصدام. كانت الشاحنات تحضر الطماطم (البندورة)
من البصرة وتباع أكياس القمح بينما الطائرات الامريكية تقصف أهدافا
قريبة.
وفتحت الحدود بعد الحرب وبدأ تدفق البضائع من كل
أرجاء العالم عن طريق ايران والخليج وسوريا والاردن. وتتنافس طماطم
البصرة الان مع طماطم سوريا.
وساعد في احياء التجارة رفع العقوبات التي
استمرت من 1990 الى 2003 والتي دمرت اقتصاد العراق ودمرت تقريبا الطبقة
المتوسطة.
وتفرغ نحو 50 مقطورة شحنات من المشروبات الخفيفة
في سوق جميلة يوميا بالمقارنة مع مقطورة أو مقطورتين قبل الحرب. وانخفض
ثمن علبة البيبسي كولا الى أكثر من النصف الى 20 سنتا.
وقال ان ايران أرسلت اليه حلوى قيمتها 50 ألف
دولار دون طلب مستندات. وأنهم كانوا يريدون موزعا بعد أن عرفوا ان
العراقيين بدأوا ينفقون.
ويقول مسؤولون أمريكيون ان الاقتصاد يشهد نموا
يشعله الاستهلاك وتحفزه زيادة المرتبات في القطاع العام وسقوط الصفوة
من رجال أعمال احتكروا موارد العراق وعرقلوا نمو التجارة الخاصة.
قال مسؤول في الادارة العراقية التي تهيمن عليها
الولايات المتحدة "القطاع الخاص ينتعش بعد الاعمال الحربية. اننا نضع
الاسس المنظمة حتى لا تتسلل ممارسات النظام القديم."
وارتفعت المرتبات كثيرا في ظل الاحتلال رغم
استمرار تفشي البطالة. ويبلغ اجر الكناس نحو ثلاثة دولارات يوميا اي ما
يعادل الاجر الشهري لعامل بالحكومة اثناء العقوبات.
وتتسع التجارة تدريجيا رغم غياب الامن ونظام
قضائي لتنفيذ العقود.
وقال نبيل مامو وهو جراح مشهور ان الطلب على
الرعاية الصحية بالقطاع الخاص يتزايد وانه قريبا سيعيد افتتاح مركز
العيون الذي تعرض للنهب أثناء الحرب.
قال "حتى الان لا توجد حماية من الدولة يمكن
الاعتماد عليها ولكن بالتأكيد الامور تغيرت الى الاحسن. أرى في مرضاي
واخرين رغبة في الانفاق."
وبجانب تزايد الانفاق في بغداد فان التشييد الذي
توقف أثناء الحرب بدأ يعمل مرة أخرى في حين تظهر أعمال جديدة خاصة
متاجر الهاتف المحمول وبدأت الاشتراكات في شبكة اقامتها مجموعة
أوراسكوم المصرية.
قال خليل خلف مدير شركة اتصالات بشارع السعدون
بينما كان عمال يضعون حواجز خرسانية أمام مقر الشركة الرئيسي لحمايته
من الانفجارات "فاق الطلب كل التوقعات."
وأضاف انهم اضطروا في فترة ما الى الاغلاق بسبب
الاقبال المنقطع النظير على الاشتراك في تلك الخدمة.
وترعى شركة اتصالات فريق الزوراء اقدم فريق كرة
قدم في العراق حيث تستخدم الشركات وسائل تسويق لم تكن معروفة في عهد
الحكومة البعثية السابقة.
وفي حي الزيونة شمال بغداد تنتشر مقاهي الانترنت
ومطاعم الوجبات السريعة.
كما تعود الحياة الى شوارع وسط بغداد التي تعود
الى العهد العثماني حيث توقفت التجارة خلال الثلاثة عشر عاما الماضية.
ويمتليء مقهى أم كلثوم في شارع الرشيد حيث
يسترخي الزبائن يرتشفون الحامض وهو مشروب الليمون المجفف المغلي أو
يتسامرون أو يلعبون الشطرنج.
قال زيد عباس صاحب المقهى "حتى الماء كان مرا في
عهد صدام. زالت ضغوط نفسية ثقيلة. كان الناس في طريقهم الى الجنون.
"اشترت شقيقتي برادا وجهاز تلفزيون من مرتبها.
كان هذا في الماضي يستغرقها عشرات السنين." من خالد
وتأتي هذه الارقام في وقت اعلنت وزارة التخطيط
والتعاون الانمائي العراقية نتائج المسح الاسري لحالة البطالة والتشغيل
في العراق الذي نفذه الجهاز المركزي للاحصاء. واشارت نتائج المسح الى
ان مستوى البطالة في العراق بلغ 38% فيما وصل معدل البطالة المقنعة
22%. وتشمل اؤلئك الذين لا يعملون 35 ساعة في الاسبوع او انهم لا
يمارسون اختصاصتهم ومهاراتهم. واظهرت النتائج ايضا ان اعلى معدلات
البطالة بلغ في محافظة الناصرية حيث بلغت 46% كنتيجة للبطالة الموسمية
في النشاط الزراعي ووجود عدد كبير من العسكريين المتطوعين في الجيش
العراقي المنحل تليها محافظة الانبار بمعدل 33% ومحافظة بغداد بمعدل
33% ايضا، في حين ظهر ان اقل معدلات البطالة كانت في محافظة كربلاء
14%. ويعود ذلك الى طبيعة الانشطة الاقتصادية ومنها السياحة الدينية
التي وفرت فرص عمل كانت عاملا في انخفاظ معدل البطالة فيها وبصدد
مؤشرات الاقتصاد العراقي، اوضح تقرير الوزارة ان نسبة الانفاق على
المواد الغذائية اقتربت من 50% خلال السبعينات الا انها شهدت ارتفاعا
كبيرا عام 1993 لكنها انخفضت الى 44% عام 2002 نتيجة تطبيق مذكرة
التفاهم ـ النفط مقابل الغذاء ـ في الوقت الذي يشكل انفاق الفرد في
الدول المتقدمة اقل من 20% على المواد الغذائية وينصرف الاهتمام على
السلع والخدمات الاخرى.
وفي حقل الارقام القياسية لاسعار المستهلك فان
زيادات كبيرة حصلت في هذا المجال وبلغت عام 1993، 549 في حين وصلت عام
2003 الى 6944، وبلغ معدل التضخم 75% عام 2002. وذكر ان الأرقام
القياسية لاسعار المستهلك الواحد للسلع والخدمات بلغت 100 دينار لسنة
1993 في حين ارتفع ذلك الى 6843,5 دينار عام 2003 وشهدت الارقام
القياسية زيادات مستمرة على مدى الشهور من فبراير (شباط) حتى ديسمبر (كانون
الاول) وخلاله لتصل الى 8079.2 دينار مما يعكس تحمل المستهلك عبء
زيادات متصاعدة في اسعار السلع والخدمات الاستهلاكية، واضاف ان هذه
المؤشرات كانت ممنوعة من التداول والنشر لادراجها ضمن الاجراءات
الامنية للنظام المباد وبغية عدم الاطلاع على الميزانية والاستيراد
والتصدير.
من جهته قال اندرو غولدزينوفسكي مسؤول التعاون
مع المانحين في سلطة الائتلاف الموقتة لوكالة فرانس برس ان "نشاطات
عديدة سيتم تنفيذها اذا اخذنا في الاعتبار الاموال التي تقدمها اليابان
والامم المتحدة والبنك الجولي وتلك التي ستصل من الولايات المتحدة".
وقد وعد الاميركيون بتقديم 18 مليار دولار في
حين تعهد باقي المانحين بتقديم مبلغ 13 مليارا. وسيكشف الاميركيون في
وقت قريب عن اعداد الوظائف التي سيتم ايجادها بفضل مساعداتهم.
وحول متى سيبدا العراقيون تلمس ذلك اجاب المسؤول
ان "مؤتمر مدريد يشير الى برنامج من اربعة اعوام لاعادة تاهيل العراق
لكن بالامكان رؤية التاثير الايجابي في البلد منذ الان".
وتوقع غولدزينوفسكي الذي تولى رئاسة المجلس
العراقي للتنسيق الدولي قبل ان يتخلى عنه لوزراة التخطيط في كانون
الاول/ديسمبر ان يصبح العراق الذي يملك ثاني اكبر احتياطي مؤكد من
النفط قدوة لدول المنطقة.
واوضح ان "الفكرة تكمن في ضخ الاموال بشكل سريع
لكي يشعر الناس بالافادة المباشرة وان الامن والاستقرار والديموقراطية
ستترسخ في البلاد".
وسيتم توجيه الاموال التي ستصل نحو قطاعات
يعتبرها مجلس الحكم الانتقالي وسلطة الائتلاف الموقتة من الاولويات.
واعتبارا من مطلع تموز/يوليو المقبل ستتولى الحكومة العراقية الاشراف
على هذه المسالة.
وقال "ستكون مهمة مجلس التنسيق العالمي" برئاسة
وزير التخطيط مهدي الحافظ وستعمل هذه المؤسسة المكونة من 23 سفيرا على
التاكد من استخدام الاموال في موقعها الصحيح. واضاف "سيشغل العراقيون
مقعد السائق".
وتحدد الوزارة القطاعات الحيوية بالبنى التحتية
المدمرة والتربية والصحة والكهرباء.
وقال دبلوماسي ياباني مقيم في بغداد ان بلاده
صرفت مبلغ 120 مليون دولار على اعادة الاعمار والمساعدات الانسانية من
اصل مبلغ 1,5 مليار دولار سيتم صرفها قبل اذار/مارس 2005. كما تدرس
طوكيو اقراض العراق مبلغ 3,5 مليار دولار حتى سنة 2007 المالية.
وهناك ايضا الاموال المودعة لدى شركتين ماليتين
قرر مؤتمر مدريد تاسيسهما واحدة تحت اشراف الامم المتحدة والاخرى
باشراف البنك الدولي.
وقال غولدزينوفسكي ان احداهما تامل في جمع مليار
دولار والثانية 600 مليون دولار.زينوي البنك الدولي وصندوق النقد
الدولي جلب مزيد من الاموال الى العراق من اجل مساعدة التجار
والمقاولين على الدخول في سوق تنافسية. وتابع المسؤول ان "المال هدفه
اعادة اطلاق القطاع الخاص وايجاد وظائف ثابتة".
لكن العديد من العراقيين الذين تدهور مستوى
معيشتهم منذ سقوط النظام يبدون شكوكا حيال الامر. وقال الطالب ياسر عبد
الكريم (25 عاما) "كل شيء تحول الى مشكلة مثل الكهرباء والماء رغم ان
اصلاحها ليس امرا صعبا".
المصدر: وكالات |