عن الإمام علي (عليه السلام) (إنك إن صبرت جرت
عليك المقادير وأنت مأجور وإنك إن جزعت جرت عليك المقادير وأنت مأزور..).
المشاكل والأزمات في الحياة موجودة ولا يخلو
منها زمان ولا مكان، لا رجل ولا أنثى، لا صغير ولا كبير لكن تختلف هذه
المعضلات من شخص لآخر ومن زمان لآخر.
وفي هذا الزمان وما أنتجته المدنية المعاصرة من
التفوق المادي على حساب الروح وما حصل من جراء ذلك من خواء روحي رهيب
تكاد تبيد مجتمعات بأكملها إذا ما لم يتم التفكير بشأن الحلول ومن
أهمها الاكتئاب والأنكى من ذلك الاكتئاب بين الأطفال.
لاستبعاد العلماء فيما مضى أن يصاب الأطفال قبل
المراهقة بالاكتئاب، لأن إحساسهم بذواتهم وبالمستقبل مبتسر غير ناضج
تماماً حتى يصابوا بأعراض الاكتئاب.
لأنه شاعت في هذا المجال أن الطفولة أسعد فترات
العمر، فمعظم الأطفال يتمتعون بالحماية عن طريق والديهم، ولا ترهقهم
مسؤوليات الرشد.
ولكن الأبحاث خلال العقدين الأخيرين بينت أن
الأطفال قبل المراهقة يطورون فعلاً الأعراض التي تشكل زملة الاكتئاب.
والمؤكد أن انتشار الاكتئاب الأساسي في الطفولة
أقل من نظيره لدى الراشدين، فقد حددت معظم الدراسات معدل انتشار أقل من
(3%) في الجمهور العام للأطفال، ولكن معدل الانتشار يتزايد في المراهقة
بطريقة حادة إلى ما يقرب من ضعف معدله في الطفولة وكشفت البحوث الحديثة
عن تشابهات واختلافات في أعراض الاكتئاب الأساسي عند الأطفال والراشدين،
فيشبه الأطفال والمراهقون من سن السابعة إلى السابعة عشر، الراشدين في
كل من: المزاج المكتئب، وفقد القدرة على الاستمتاع والسرور، والتعب،
ومشكلات تركيز الانتباه، والتفكير في الانتحار.
أما الأعراض التي تختلف عند الأطفال عن الراشدين
فهي: المعدلات المرتفعة من محاولات الانتحار، والإحساس بالذنب لدى
الأطفال والمراهقين، في حين أن الأعراض الشائعة لدى الراشدين كما يلي:
الأرق في نهاية فترة النوم أي الاستيقاظ المبكر
في الصباح قبل أخذ الفرد كفايته منه، وفقد الشهية وفقد الوزن،
والاكتئاب في الصباح الباكر.
وتؤكد البحوث العالمية العلاقة الوثيقة بين
اكتئاب الطفولة والمراهقة من جهة وضعف التحصيل الدراسي من جهة أخرى،
كما أتضح أن اضطراب الاكتئاب عند الأطفال يميل إلى أن يستمر مدة طويلة
نسبياً، وعلى الرغم من أن الأعراض تتحسن عادة عبر الزمن، فإن فُرص عودة
الاضطراب مرتفعة.
فعلى الآباء والأمهات أن يتماشوا مع هذه المرحلة
بوعي عميق لأن أي خطأ ربما أدى إلى عواقب وخيمة للأطفال وأن يصبروا
ويحلّو مشاكلهم بعيداً عن الأولاد وهذا القول من الإمام علي (عليه
السلام) بأن المشاكل والبلاء نازل على الإنسان شاء أم أبى فالأفضل له
الصبر ليحصل الجزاء.
فيقول عليه السلام (إنك إن صبرت جرت عليك
المقادير وأنت مأجور وإنك إن جزعت جرت عليك المقادير وأنت مأزور...)
فمعرفة مشاكل الطفل أو المراهق وإيجاد الحلول له
بل إنقاذه لحق واجب على الوالدين وفيه أجر كبير. |