عن النبي الأكرم المبعوث رحمة للعالمين أنه قال:
(مَنْ طلب الدنيا حلالاً، إستعفافاً عن المسئلة وسعياً على عياله
وتعطفاً على جاره، لَقِيَ الله ووجهه كالقمر ليلة البدر).
إن العيش الهنيء والحياة الكريمة تتطلب من
الإنسان أن يبذل جهده في الحصول على عمل يعتاش منه، ويؤمن مصاريف
عائلته، ويكفّ وجهه عن ذل السؤال واحتقار الناس.
والذي يعمل بجد ونشاط وهدفه أن يكون عضواً نافعاً
في المجتمع، ويحصل على المال عن طرقه المشروعة، ويسعى لكرامته بشرف من
غير احتياج إلى الناس، بل بعزة النفس فهو محترم عند الله تعالى وعند
الناس.
أما بالنسبة لحدود الكسب فيعيّنه الإمام الصادق
(عليه السلام) بالميزان المعتدل في قوله: (ليكن طلبك المعيشة فوق كسب
المُضَيّع ودون طلب الحريص الراضي بدنياه المطمئن إليها) حيث النشاط
الاقتصادي وكسب المال في حدوده المعقول موضع قبول وتشجيع الدين
الإسلامي، بل الكسل والبطالة مذمومة بشدة وموضع معارضة الأئمة (عليهم
السلام)
كما أنهم يرفضون اكتناز المال والبخل، ويحذرون
أتباعهم من ذلك، وبين هذين الأسلوبين الإفراط والتفريط، مدحوا الاعتدال
العاقل وأوجبوه على الناس.
ومن هنا يأتي اعتبار الشخصية أو سقوطها خصوصاً
للشباب. لأن مرحلة الشباب مرحلة تكوين الشخصية والاعتماد على النفس.
والشاب في هذه المرحلة يبحث ليجد عملاً ويفتح طريقاً لنشاطاته
الاقتصادية ليحصل على كسب مالي، يحسسه باستقلاله الذاتي وإبراز شخصيته
وبذلك تنتهي أحاسيس القلق ويطمئن قلبه، ويسير بفخر واعتزاز مرفوع الرأس
بين الناس، ويشعر بقرارة نفسه أنه أصبح عضواً نافعاً في المجتمع.
وبالعكس إذا لم يحصل على عمل، أو أنه لم يحدد
تخصصه الدراسي للحصول على عمل في المستقبل، ويكون قلقاً على مستقبله،
ويرى شخصيته ضعيفة، ومعنوياته مضطربة، وكلما طال هذا الوضع يزداد
اضطرابه النفسي، وفي هذه الحالات يصبح الشاب عنيفاً، ويعسر التفاهم معه،
ويكون ردود أفعاله عنيفة.
إذن سعي الآباء للأعمال المشروعة بغية تأمين
متطلبات أسرهم أمرٌ غير كافٍ، بل يجب عليهم أن يدفعوا أبنائهم الشبان
للسعي والعمل. ويتشاوروا معاً في انتخاب العمل وهذا العمل بحدّ ذاته من
شروط التفاهم والانسجام في محيط العائلة.
وفي الحديث روي عن النبي (ص) يا علي: حق الولد
على والده أن يُحسِنَ اسمه وأدبه ويضعه موضعاً صالحاً..) |