عن البشير النذير والسراج المنير الذي أرسل رحمة
للعالمين محمد (صلى الله عليه وآله) (الحياء لا يأتي إلا بخير..).
في ذروة التقدم المدني المادي بلغت الحاجة إلى
المعنويات أكثر، بل يمكن تسمية المرحلة القادمة بعصر الروحانيات. إذ لا
يخفى الاختلاجات النفسية والروحية وانعكاساتها على جسم الإنسان وربما
في أحيان كثيرة العلاج النفسي والروحي أصعب ومدتها أطول.
ومن الانفعالات النفسية هو الحياء فهو إن صح
التعبير ظاهرة تعبّر عن الخوف من الظهور بمظاهر النقص. فهو مكمل
للنقائص في شخصية الإنسان ويعوده على الأفعال اللائقة به حسب مقامه
وبروزه في مجتمعه، بل هو سبب للخير.
فهناك نماذج من البشر، منهم من يستحي ويخجل عند
انزلاق بنطلونه ويصفه نفس الكاتب بالحرج الشديد أمام الناس، وهناك من
يفتخر ببلوغ أمنيته الرائعة وأحلامه الوردية بالتجوال من شرق البلاد
إلى غربها عارياً، بل يشيد بإصراره وتحمّله للمضايقات والسجن مرات
عديدة إلى أن وصل إلى النهاية وكأنه نذر على رقبته.
وكذلك بالنسبة للنساء في حين كانت الحشمة
والوقار والحياء زينة المرأة وإذا بها تتسابق إلى العري التدريجي، حيث
راجت ثقافة العري وما يوحيها من نزعات جنسية أو شاذة، بل مقرفة وتشمئز
النفس الإنساني منها – في ذهنية أصحابها المروجين لها.
وهناك كتّاب يحاولون جعلها إنفتاحاص وتقدماً،
ويدعون الناس إلى الطبيعة الإنسانية العارية كما كانت من قبل، فهل هذه
دعوة للعودة إلى الجاهلية الأولى أم أصبح المنكر معروفاً والمعروف
منكراً؟
وعلى كل الحياء في الطبيعة الإنسانية يدعونا إلى
الحشمة والوقار وفعل ما يلائم الطبيعة الخيرّة التي هي مقومات الشخصية
الاجتماعية الرزينة والقوية، وعدم فعل كل ما يجلب النقص ويظهر العيب
والخدش في الشخصية.
ورمز الحشمة والوقار في النساء هو الحجاب
الحقيقي المتمثل بالعفة والحياء والاتزان السلوكي والنفسي للمرأة وما
يلائم طبيعتها الأنثوية الرقيقة والشفافة.
وما يجري في الدول الغربية من سنّ قوانين حظر
الحجاب كما في فرنسا وألمانيا وغيرها فهي قوانين جائرة وضعت على فئة
معينة من المجتمع وإذا عممت على كل الرموز الدينية كالقلنسوة اليهودية
والصليب المسيحي والعمامة الهندوسية وكذلك على إطلاق اللحى فهذه أيضاً
مخدشة في الصرح العلماني ومطالب الحريات الدينية.
فالحل هو ببذل جهود أكبر وتفكر أعمق بمشاركة
جميع شرائح المجتمع وجميع الطوائف بأديانها المختلفة ووضع حلول عادلة
وسليمة.
لأن القلنسوة لا تؤدي إلى حل بل تزيد الطين بلّة
والمشكلات سوءاً ولا تعجز تلك الدول عن إيجاد الحلول المرضية لجميع
الأطراف إن أرادت ذلك دون استجابة لضغوط القوى السياسية والعواصف
المصلحية.
وذلك بأن يتقدم الكل بخطوط متوازية لا تصادم
فيها ويمنح الحرية للجميع بممارسة شعائرهم وترك الناس وما يختارون حسب
قناعاتهم طبعاً الأجدر والأرقى هو المرشح للاختيار. |