أشارت دراسة لتاريخ الولايات المتحدة الأمريكية
ودور تيودور روزفلت في بداية القرن وذلك في محادثات السلام في فرساي
والدور الأمريكي في الحرب العالمية الأولى مع قوى التحالف، لتكرس بروز
الولايات المحتدة كقوة عالمية رغم أن الدبلوماسية الأوربية كانت تنظر
للدور الأمريكي كعامل ثانوي في ميزان القوى، إلا أن تاريخ عزلتها
الجغرافية بدأ في عام 1860 وكان أساس القوة الأمريكية الجديدة هو
الاقتصاد، فقد استطاعت أمريكا إنجاز درجة متقدمة من التصنيع الثقيل
الواسع أتاح لها الدخول إلى نادي الدول العظمى وفي عام 1914 كانت
أمريكا هي أعظم دولة صناعية إنتاجاً مترافقة مع مصادر طبيعية هائلة
وعدد من السكان يتزايد بدرجة كبيرة وخاصة ارتفاع معدلات الهجرة إليها
من أوربا، كما أنها تميزت باختراقاتها العلمية والتكنولوجية المدهشة مع
استخدام أحدث الأساليب العلمية والتكنولوجية في الزراعة التي كان يعمل
بها حوالي ثلث السكان سنة 1910.
ورغم تباهي الساسة الأمريكيين بنظامهم الجمهوري
والديمقراطي والمختلف كثيراً عن أوروبا، إلا أن المناخ الاستعماري
والمنافسة الإمبريالية في القرن التاسع عشر دفع إلى توسيع مطالبها
الإقليمية ونفوذها السياسي، وخاصة في منطقتي الكاريبي والمحيط الهندي،
وكان استيلاؤها على هاواي نموذجاً للتوسع الاستعماري فقد عقدت مع هاواي
– الجزر البدائية ذات السيادة – معاهدة تجارية سنة 1875 أتاحت لها
إنشاء قاعدة بحرية في بيرل هاربور سنة 1887 والقفز بعد ذلك إلى قرار
نهائي بضم مجموعة الجزر سنة 1898 بعد طرد ملكها وإقامة جمهورية موالية
لأمريكا.
وفي العام 1898خاضت الولايات المتحدة حرباً ضد
أسبانيا، أفقر وأتعس الإمبراطوريات الأوربية الشامخة والمتهالكة
وانتصرت عليها بسهولة وأصبحت بعد ذلك قوة ذات مصالح واسعة وراء البحار،
فاستولت على جزيرة غوام والفيلبين في المحيط الهادي وفرضت الحماية
الأمريكية على بورتوريكا وكوبا واضطرت فرنسا وبريطانيا، الدولتان
الأمبرياليتان الأهم في الكاريبي إلى التسليم بإعطاء أمريكا حرية مطلقة
في المنطقة.
وبدأت الإمبريالية الأمريكية الجديدة تحدث نفسها
بمزيد من الفتوحات والتفكير جدياً بتحويل آسيا كلها إلى منطقة نفوذ
أمريكية، رضخت اليابان بالضغوط الأمريكية أمام التأثيرات الغربية،
وبدأت خطوات تحويل منغوليا والصين إلى منطقة نفوذ أمريكي يصول فيها
رجال الأعمال السياسيون الأمريكيون. وتم بالفعل تدشين سياسة الباب
المفتوح في الصين أمام المصالح الأمريكية، وكان هذا الحال هو السائد
تماماً في كل أرجاء أمريكا اللاتينية، التي كانت تعتبرها منطقة تابعة
لها وفي سنة 1903 قامت أمريكا بإجبار كولومبيا على التخلي بالمطالبة
بباناما، والتي تحولت إلى محمية أمريكية بالفعل وبدئ على الفور بشق
القناة التي وصلت بين مصالح أمريكا في المحيطين الأطلنطي والهادي والتي
تم العمل بها سنة 1949، وتوجت أمريكا دورها العالمي بقرار دخول الحرب
العالمية الأولى سنة 1917، ومنذ اتخاذ هذا القرار تتابعت التدخلات
الأمريكية في القضايا العالمية وزاد نفوذها الثقافي والاقتصادي بدرجة
طاغية بعد نهاية الحرب ففي مؤتمر واشنطن 1921 و1922 وضع أساس نظام جديد
لتوازن القوى البحرية في العالم وكان لأمريكا دور مهم في قضية
التعويضات والديون التي أعقبت الحرب، وأصبحت نيويورك العاصمة
الاقتصادية العالمية الجديدة بعد أن تجاوزت لندن وباريس العاصمتين
السابقتين للإمبريالية القديمة.
وخلصت الدراسة إلى أن الرأي العام في أمريكا
وبعض اتجاهاته الانعزالية فرض عليها الابتعاد الرسمي عن الالتزامات
العالمية إلا أن تأثير الحياة الأمريكية الحديثة – موسيقى الجاز
والسينما والسيارات كانت تغزو العالم وتحفر في مخيلة الملايين ما يسمى
بالحلم الأمريكي وكان هذا في السابق أما اليوم فالولايات المتحدة
الأمريكية تحاول في شرق الأرض ومغربها شمالها وجنوبها في محاولة منها
للسيادة المطلقة للعالم. |