أسمى ما جاءت به الرياضة للبشرية أن جعلت
المنافسة فيها ترجح الفوز للأفضل دون أن تترك أثراً سلبياً على نفسية
الخاسر حتى غدت المقولة الشهيرة التي عبر عنها الرياضيون التليدون: (بروح
رياضية) على كل لسان يطمح إلى إفشاء السلام بين الإنسان وأخوه الإنسان.
توحي كلمة (الرياضة) لسامعيها معنى يرادف (الحياد)
الذي يتطلع له الناس كمبدأ مطلوب دوماً سواء في العلاقات الشخصية أو
العامة، وبذاك فكلمة الرياضة لم تعد محصورة تحت مفهوم النشاط البدني
والمشاركة في المباريات الفردية كـ(الجري) أو المباريات الجماعية كلعبة
(كرة السلة) مثلاً.
والنظر إلى الشخص الرياضي يوحي تماماً أنه قد
كسب قدراً كافياً من اللياقة البدنية ويتمتع بجسم خالٍ من الأمراض وهذا
ما ساعده على إجادة تقنيات فنون لعبته التي تخصص بها أو يمارسها.
والمجتمع الرياضي (أي الناس الرياضيين) عالم خاص
يختلف اهتمام أفراده عن كثير من الشرائح الاجتماعية الأخرى وفي المفهوم
الحديث يعزو بعض المفكرين الحاذقين إلى اعتبار (الرياضة نوع من الثقافة)
التي تعرّف الآخرين بنوعها.. فبعض اللاعبين الاستثنائيين في العالم
الذين أحرزوا أرقام قياسية في (لعباتهم الفردية) أو سجلوا (أهدافاً
مميزة) ضد فرق الخصوم بمباريات مثل كرة القدم و غيرها يعدو بمثابة
سفراء لبلدانهم ويبدو ذلك ظاهراً من التكريم الرسمي الذي ينالونه من
قادة حكوماتهم ومؤسسات الرياضة فيها.
وأفضل أنواع الرياضة هي تلك الرياضة التي
يمارسها الرياضيين والشعور المسيطر على أنفسهم هو ممارسة ألعابهم بصفة
(الهواية) أي أن كل رياضي يعتبر نفسه هاوياً أو مازال كذلك مهما وصل من
درجة الرقي في لعبته ومثل هذا النفس المتواضع يجعل تقييم النقاد
الرياضيين له ويشاركهم بذلك التقييم عند المعجبين بكفاءته في اللعب
وحسن أخلاقه..
ولكل لاعب تجربته الشخصية سواء من الناحية
الفنية داخل الملاعب أو عبر ما تمليه عليه روح الغيرية من أجل صقل كل
مواهبه لتحقيق نجاحه الشخصي من الأداء الميداني فإذا استطاع أن يوظف
قابليته البدنية على أفضل ما تكون عليه الجاهزية في المطاولة مع
الاحتفاء بمستوى طيب من الأداء الرياضي فيكون بذاك قد أدى واجبه سواء
كان لاعباً لأحد الألعاب الفردية أو مشاركاً بنوع من الألعاب الجماعية
التي تقضي تظافر جهود جميع اللاعبين وصهر أدائهم الممكن لمسه على ارض
الملعب إذ أن أي خطأ أو تقصير لأي لاعب سيكون بائناً للجمهور بصورة لا
تقبل التأويل كثيراً.
وبذا فإن وقاية اللاعب ليست مقتصرة على أن يكون
مهتماً بنوع غذائه فقط بل بتهئية أفضل ظروف الحالة النفسية له فبعض
اللاعبين له من النفسية الحساسة ما يجعل أحدهم يفقد الاستطاعة على
التحكم بأدائه الرياضي داخل الملعب إذ أسمعه مدربه أو مسؤول فريقه كلمة
غير مطلوبة حتى وأن كانت عادية لو قيلت متزامنة له قبيل بدء المباراة.
من هنا فقد نشأ (علم النفس الرياضي) الذين يرشد القائمين على مسؤولية
إدارة الشأن الرياضي لأي لاعب أو فريق أن يأخذ الحالة النفسية للاعبين
بكل احترام حتى لا يمنى اللاعب بأي نكسة رياضية في لعبته جراء المؤثر
النفسي.
والرأي السائد عند الناس أن بعض الرياضيين أن لم
يقال أغلبهم يتمتعون بقلوب قوية تضمن لهم عمراً أطول وصحة أسلم، وبعض
الهاوين لمشاهدة المباريات الرياضية يعتقدون أن للشخص الرياضي أوقات
فراغ غير متوفرة لغيره وهذا غير صحيح تماماً.. فممارسة الرياضة عند
الطلبة مثلاً هي مسألة ثانوية قياساً لضرورة اجتيازهم مرحلة دراسية تلو
الأخرى حيث تتطلب مواكبة التحضير للدروس وقتاً غير قليل من أجل ضمان
مستقبل أفضل لهم ولعل الاستثناء الأكثر لمساً بهذا المجال هو الرياضيون
المتفرغون لألعابهم.
أن الرياضة اليوم باحتسابها الظاهرة الأكثر
حضارية في علاقة وواقع حال ما تترجمه المباريات المنظمة بين الأفراد
الرياضيين تضمن للعديد من اللاعبين الأكثر نجاحاً بالإجادة في لعباتهم
مستوىً من التمتع بالصحة الجسدية ورغد العيش وشهرة اجتماعية..
والرياضيون في كل بلدان الدنيا يعدون كنجوم مثل نجوم الفن ومن هنا فإن
الرياضة فن لا يمكن لأي شخص أن يبرز فيه ما لم يكون متأهل لها وجدير أن
يمثلها على أخير وجه، لذلك فإن نقد الجمهور الرياضي للرياضيين تتحكم به
العواطف أكثر من روح النقد العلمية وكم تناقلت الأخبار أن زيجات قد
فشلت بين العوائل نتيجة لاهتمام أحد الزوجين والمواظبة على مشاهدات
مباريات كأس العالم لكرة القدم المستمرة لعدة أيام كان الزوج أو الزوجة
فيها قد أهمل أو أهملت شؤون بيتها ومثل هذا النوع من الاهتمام عند عشاق
الرياضة نوع من الفلسفة وسمة دخول إلى سعادة ولكن من نوع آخر هي (سعادة
الرياضة!). |