لم ينتهي الحوار والسجال والدهشة التي أعادت
الصحوة لزميل لي مهتم ومتطوع في إحدى لجان حقوق الإنسان في عالمنا
العربي الواسع فبعد أن قدم لي جرد بالموضوعات الخلافية التي تعصف في
فرع منظمات حقوق الإنسان من هذه ميول فرنسية وتلك لندنية وأخرى
دانماركية وأنا منذ سنين منسحب لأسباب منطقية من كل ما يتعلق بالنشاط
السياسي الذي يتجاوز عتبة الدار وخاصة أن زوجتي المهندسة ذو الأصول
الريفية والتي اختصت بالهندسة الميكانيكية واختارت السيارة حصراً
لفرعها والذي دائماً أستفزها بقولي: كنتم تعتبرون السيارة هي أخر مرحلة
تطور ستشهدها البشرية.. فتجيبني: يا معشر الرجال والله لو كان اختصاصنا
فضائيات نسبة إلى القمر العربي المنوي تحقيقه لما سلمنا من ألسنتكم
الحضارية، فأرد عليها غامزاً عندما أرى في عيون الناس كل الناس ما يشير
إلى حقيقة علمية تؤسس عليها أحزاب ومدارس فكرية وشعراء وفلاسفة وساسة (المتغير
الوحيد في هذه الحياة الفانية هي الثابت) ستصلح أحوال الأمة، ونعود إلى
صديقي المؤسس لنشاط حقوق الإنسان العربي مذكراً لي: عند أول نشاط لنا
في حقلنا العتيد والتي تشرف على نشاطه الأمم المتحدة لم أتذكر سواك
لمناقشة وضعك الخاص والعام، أغمضت عيناي اللهم لتمر هذه بالسلامة)
وانتظر مني ما يبارك فعلته.. وخاصة أنني من باب التواضع والذكاء
المرتبط بالحذر والصبر أفرشت بين يديه مجمل المتغيرات التي حصلت في
حياتي منذ فترة ليست طويلة. سأبدا بالأهم والمهم، هل سمعت بنظرية
اللاعنف... وهل تعلم أن العنف الذي يحصد العالم كل دقيقة بأرقام لا
تصدق مخلفاً العاهات الجسدية والنفسية والعقلية أصبحت بالنسبة لي غاية
وهدفاً ومشروعاً إنسانياً، وأن التريلونات من الدولارات التي تبذر من
أجل وقف العنف ليست سوى لحظة استراحة يطلبها حكم أمام متصارعين هما
الفقر والعوز والحاجة وأصحاب الحقوق المشروعة وبين غول الحضارات
والتقدم وهل تعلم يا صديقي أن العنف المعمم المنشور على سطح البسيطة لا
يحتاج لاجتثاث جذوره سوى الإيمان الحقيقي بالله وبالصبر والدعوة الحسنة
وتشريع نظرية اللاعنف تراثاً من قبل غاندي مروراً بسماحة الإمام الراحل
محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره) أرعبني العدد 9179 من جريدة الشرق
الأوسط بتاريخ 15 يناير 23 ذو القعدة 1424هـ تتصدر كامل صفحات العدد
ومحتوياته رمز العنف والقهر والاستبداد الشرقي صور المخلوع صدام حسين)
وصورة ريم الرياشي أول أم فلسطينية تفجر نفسها في جنود الإسرائيليين)
تركت رسالة حب لطفليها ترى هل اللاعنف وجد لها لحظة في حياتها..
ونعود إلى الشرق الأوسط ثمة خبر في زاوية الصفحة
الداخلية للأخيرة بعنوان تحالف دولي لمنع العنف بين الأفراد؟!! ولو لم
استنفر كل قدراتي وطاقاتي وخبرتي المهنية لما تكحلت عيناي بهذا الخبر
الذي يقول: أعلن المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية بالقاهرة عن
نجاح اجتماعات وزارة الصحة من مختلف أنحاء العالم في اجتماعهم (الأخير)؟!!
بمدينة جنيف في وضع بداية لتشكيل تحالف دولي لمنع العنف بين الأفراد
ويأتي تكوين هذا التحالف بعد 15 شهراً من إطلاق التقرير العالمي لمنظمة
الصحة العالمية عن حالات العنف في العالم وما ينجم عنه من آثار صحية
سيئة والذي أشار إلى وقوع 1.6 مليون حالة وفاة سنوياً بسبب العنف. وكان
الدكتور لي يونع ودك المدير العام لمنظمة الصحة قد صرح أن الإحصاءات
التي ترد للمنظمة تشير إلى وفاة 1400 شخص كل يوم بسبب العنف بين
الأفراد كما يتسبب في إصابات ومعاناة لا حصر لها، انتهى الخبر خرجت
وأنا أتسأل هل وصلت رسالتي إلى صديقي إن التعددية والشورى واحترام
الرأي الآخر واللاعنف هي مدماك الحضارة الإنسانية رحماك سماحة الإمام
الشيرازي (قدس سره) وهل ستكتشف الأمم المتحدة أهمية عناصر موضوعاتك قبل
الآخرين والسؤال الأهم هل سينقطع الحوار مع صديقي الحقوقي في المستقبل؟!! |