بدأت التحولات والتغييرات في كافة المجالات في
خارطة الشرق الأوسط ومنها ما في السعودية بلد المقدسات التي فيها كعبة
الآمال وقبلة المسلمين والحرمين الشريفين، والتي منها منطلق الإسلام
ومهدها وفيها كل ذكريات عهد القوة والازدهار العلمي والاقتصادي للإسلام
وكل ما ينطبع فيها وينتشر محسوب على المسلمين ككل بحكمها الواجهة
الحاوية لقبلة المسلمين.
ففي الآونة الأخيرة شهدت السعودية مؤتمرات
تغييرية مكثفة تدعو الشعب خصوصاً جيل الشباب إلى الاعتدال وعدم تكفير
الآخرين وإلغاء الأطراف المقابلة والإشارة إلى مخاطر الانحراف الفكري
التي حدثت بسبب الجهل بأحكام الإسلام لدى بعض الشباب والتصدي للفتاوي
الفردية بالحجة الشرعية وذلك بالاتفاق على ميثاق عام بشأن الإفتاء،
ومنها دعوة رجال الفقه والقانون والسياسة في العالم إلى الاتفاق على
تعريف محدّد للإرهاب يتميز به المشروع منه عن غير المشروع، وتتنزل عليه
الأحكام والعقوبات ليتحقق الأمن وتقام موازين العدالة وتصان الحريات
المشروعة للناس جميعاً.
ومن الأخبار المضيئة بحق كما يُذكر – الإعلان عن
تأسيس مركز للحوار ومكافحة التطرف في المملكة العربية السعودية.
فالمركز سيفتح أبواب الحوار لكي يقطع دابر التعصب والإرهاب، ويتصدى
المشاركون فيه للنباتات الطفيلية والسامة قبل أن يشتد عودها وتفسد
المحصول، ولا ريب أن أكثر التركيز سيكون على مناهضة الفكر التكفيري
المسلح الذي يرتدي أقنعة دينية براقة لجذب واستقطاب الشباب.
ومنها استكتاب أمانة المجمع الفقهي في مكة
المكرمة للعديد من الشخصيات الإسلامية المتخصصة في مجال معالجة الفكر
المنحرف والأفكار المغالية في شؤون العقيدة والشريعة الإسلامية السمحة،
مشيراً إلى أن الجهل وسوء الفهم وصدور الفتاوي من غير أهلها وما نتج
عنها من استغلال شعارات براقة ووضعها في غير موضعها الصحيح، كالجهاد
وإنكار المنكر، كل ذلك أدى إلى تسرّب الفكر المنحرف إلى بعض أبناء
الأمة المسلمة، وبالتالي نتج عنه أحداث أعمال الفساد في الأرض.
ومنها إقرار مجلس الشورى السعودي مشروع قرار
يشدد على أن الاعتدال هو جوهر الدين الإسلامي في المناهج الدراسية
ويدعو إلى تدريب الطلاب على أساليب الحوار.
ومنها ما قالته وكالة الأنباء السعودية أن بين
المئات من المثقفين السعوديين (51) سيدة قد دعوا مؤخراً إلى إجراء
إصلاحات جذرية في السعودية لوقف الإرهاب، في التماس قدّموه إلى ولي
العهد، يدينون فيه كافة أشكال العنف والإرهاب وضرورة البدء في تنفيذ
عملية الإصلاح الجذري الشامل، وأن التأخر لمدة طويلة في تبني الإصلاحات
الجذرية وتغييب المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار.. كانت من الأسباب
الرئيسة التي أسهمت في بلوغ البلد هذا المنعطف الخطير.
وأضافوا أن حرمان مكونات المجتمع.. من حقها
الطبيعي في التعبير عن آرائها قد أدى إلى سيطرة اتجاه محدّد عاجز بحكم
تكوينه عن الحوار مع الغير.
وتابعوا قائلين إن: هذا الاتجاه الذي لا يعبر عن
سماحة الإسلام ووسطيته ولا عن تياراته المستنيرة قد ساعد على نشوء
الفكر الإرهابي الذي لا تزال البلاد تصطلي بناره.
ومنها: شن الحملات والاعتقالات ضد المتشددين بعد
اتهامات غربية للنظام السعودي بأنه يغذي التطرف.
ونحن بحسن النية نذكر بأنه الإصلاحات لو أرادتها
الحكومة ودعمتها لكانت تمّت منذ زمن ولما وصل الأمر إلى ما وصل إليه.
والآن وإن كانت خطوة الإصلاحات متأخرة لكنها فعالة بشرط تطبيقها
باعتدال وتساوي دون تهميش أي طرف من الأطراف. وهي خطوة طموحة نحو الغد
الأفضل والتفكير الأعمق لتشمل الإصلاحات والتساهلات والحوارات حتى غير
السعوديين من بقية المسلمين.
وأخيراً هل الفضل في التغييرات الإصلاحية راجع
لضغوط أمريكا أم ماذا؟ |