بدأ دبيب إفلاس العقليات المريضة والجاهلة
المحسوبة على صف الشعب العربي ظلماً وبهتاناً يأخذ مداه المؤثر في عموم
المنعطفات العربية ويعود ذلك لفضل كل مَنْ دافع إعلامياً عن أحقيات
الشعب العراقي أمام ماكنة بعض الإعلاميات الإقليمية وأطروحاتها
اللامسؤولة التي ما زال بعضها القليل العدد يحاول خلط أوراق حق
العراقيين بباطل حكم صدام الفاشي وفريقه السياسي المشبوه.
قضية العراق قبيل سقوط بغداد في نيسان 2003م
الماضي وبعيد ذلك وحتى الآن مازال يكتنفها الكثير من المواضيع خصوصاً
وأن ذلك قد تزامن ليس في انتصار جهة على جهة بل وتعدى الواقع إلى إلغاء
الدولة السابقة بكل مؤسساتهها العسكرية والمدنية والذي كان له أبلغ
الأثر في ضرورة العمل لتدارك العديد من الأمور التي تخص مجالات مثل
الاقتصاد والأمن وغيرهما حيث عاش المجتمع العراقي بين نار الحكم
الصدامي الفاشي وباقيا عناصره الإجرامية التي لم تمس مصائرها تماماً
والوضع الجديد الذي احتاج إلى مداراة العراقيين له بطريقة وبأخرى على
اعتباره وضعاً قد زال الكابوس الإرهابي الأكبر من صدور الناس وهو الأهم
الذي تتمثل به المصالح العراقية ولو بحد أدنى.
وكانت المفاجأة اللامحسوبة أن صداميين جُدد قد
وفدوا إلى الداخل العراقي من خارج الحدود ضمن مؤامرة كبرى ليزيدوا
الطين بلة فهؤلاء المجاميع التي تقدر بعض المصادر الصحفية أن أعدادهم
يزيد على (26) ألف شخص قد تم إيوائهم على الغالب من قبل أفراد عصابة
النظام السابق وإلا لكان أمر كشفهم يسيراً جداً وحول هذه النقطة لعب
الإعلام الإقليمي دوراً سلبياً حين أجاز في بثه وأطلق على هؤلاء اسم...
المقاومة.. العراقية، وكان المفروض ومن باب الدقة أن يسموهم
بـ(المقاومة الوافدة) على أقل تعبير إذ ما زال أولئك الإرهابيون
يمارسون عمليات التفجير بصورة عشوائية واستهدافهم الأكثر هو إنزال
الموت بالعراقيين – دون تمييز بين طفل أو امرأة أو كبير سن – كما كان
يفعل نظام رمزهم المشبوه صدام – وعلى نظرية (تعددت الأسباب والموت واحد).
وحيثما بدا أن سيادة العراق قد تعرضت إلى
التلاشي نتيجة وقوع احتلال البلاد المباشر من قبل القوى الانكلو –
أمريكية العسكرية بعد أن كانت تلك السيادة إبان الحكم الصدامي البائد
مباعة بالسر للأجنبي فقد استغل بعض مرتزقة الإعلام الفضائي والجاهلون
بمعرفة الأمور فحاولوا أن يصوروا العراق قد فقد سيادته وكأن النظام
البائد كانت له سيادة، وعلى أساس من هذا فبقدر ما كانت مسألة فقدان
العراق لسيادته هي لعبة سياسية لا يستند كل متقّول بها إلا بما يراه من
ظاهر ويجهل ما خفي من هذه اللعبة منذ سنة 1968م حين وصل فريق الانقلاب
المشبوه في 17 تموز من تلك السنة إلى دست الحكم، لذلك حاول بعض
الإعلاميين الساقطين الضمير للنيل من غمرة فرحة الشعب العراقي بسقوط
نظام ذلك الانقلاب الرامز لكل شرور السياسة، وذلك عبر تعيير الشعب بأنه
يؤيد المحتلين وهذا الكلام الغوغائي بقدر ضبابيته لكن كان بمثابة نص
لإيصال رسالة خبيثة إلى الشعب العراقي بأن الفريق السياسي السابق الذي
قاده صدام لصالح أعداء العراق يعدّ الخطط لاستعادة الأوضاع السياسية في
العراق لعصابة انقلاب 1968 المشبوه.
ومهما بدت خارطة العراق السياسية المفتقرة اليوم
إلى الأمان فإن كفة الصراع بين الإرهابيين الوافدين إلى العراق
بالتنسيق مع أفراد عصابة الحكم السابق من جهة والقوى العسكرية الانكلو
– أمريكية من جهة مقابلة لم تحسم بعد وهذا ما يخلق قلقاً ويوّلد
انطباعاً لدى شعب العراق من التحسب الحذر لما سيؤول إليه الوضع العراقي
وخصوصاً بعد الإعلان عن قرب تأسيس مؤسسات الدولة بشكل جديد خلال فترة
ستقترن بمناسبة إعلان سيادة العراقيين على بلدهم وتشكيل وزارتهم
الوطنية وفقاً للدستور العراقي الدائم الموعود المقرر إنجاز إصداره
والعمل به خلال فترة لا تتعدى حلول نهاية شهر حزيران 2004 القادم أي
بعد زهاء ستة شهور.
ولعل مثل هذه الجوانب المحيطة بالقضية العراقية
في مرحلتها الراهنة والحوارات والنقاشات التي رافقتها على مستوى
الإعلام العربي الإقليمي والإعلام الدولي الأجنبي الذي يتخاطب باللغة
العربية مع الرأي العام قد وفر أرضية حقيقية لتبيان الكثير من الحقائق
التي كانت خافية على الشارع العربي وبعض وجهاء السياسة العرب حيث شكل
ذلك ضغطاً معنوياً آل في أن ينقل الاتهام من الجانب العراقي المتهم
كذباً بقبول الاحتلال الأجنبي الانكلو – أمريكي على أرضه إلى تغيير أو
(تحييد) مواقف الكثير من الأشخاص والجهات التي كان أو مازال لها دور
إعلامي رسمي أو عادي.
ويمكن القول نتيجة لما تم بذله في صدد مواجهة
الطروحات الإعلانية الظالمة التي وقفت وساندت صدام وحكمه البائد فإن
الناس الذين اعتقدوا يوماً أن لصدام ما يبرره من مظالم اقترفها ضد شعبه!
قد بدأ العدّ التنازلي يسري في نفوسهم وأخذت حالة من اللاتأييد تأخذ
مساحات واسعة في الأرض العربية وعدد من المغرر بهم (فكرياً وإعلامياً)
حول محاولات إضافة هالة من البطولات المزيفة لشخص (صدام) رغم ما يحمله
من جبن وعداء ضد شعبه قد بدأت تسود وبذاك انتصرت تقريباً آلية حماية
الحقيقة التاريخية التي جسدها هذا الركون الإعلامي اليوم الذي يظهر من
فتور تناوله للزوايا الحادة التي كانت تسيء لمشاعر المجتمع العراقي
الذي كان وسيبقى رافضاً لأن يصرح أحد من خارج العراق بكيل المديح لصدام
وفريقه السياسي المشبوه أو يحاول أن يقنع العراقيين بشرعية تلك الفاشية
للنظام السابق التي انتهجها ضدهم. |