ظاهرة توالي عمليات التفجير داخل العراق غير
العادية بعد كل ما قامت به من عمليات تخريب وما أحدثته من قتل وإبادة
لأرواح المواطنين العراقيين الأبرياء قد قطع الحجة باليقين من أن تلك
العمليات لا تستهدف الأشخاص العسكريين من قوى الاحتلال الأنكلو –
أمريكي وأن ما يصيب أولئك العسكريون هو جانب عرضي بيد أن أرقام ضحايا
العراقيين من تلك العمليات المشبوهة يفوق عدد العسكريين الأجانب بما لا
يقبل الشك.
جمهرات الناس داخل العراق واعون تماماً أن
مرتزقة العمليات الإرهابية المتكررة الحادثة بصورة عشوائية والتي لا
تميز أهل العراق من مواطنين مدنيين وبين العسكريين الأجانب تستهدف
إشعال فتنة في العراق لكن علماء الدين الإسلامي من شيعة وسنة وقادة
سياسيون من مختلف المشارب الأيديولوجية في العراق واثقون تماماً أن تلك
العمليات هي في طور الانتهاء وذلك بسبب إفلاس أصحاب الإرهاب أمام شعب
العراق الذي اتخذ موقف المستنكر من الإرهاب مهما كان شكله.
وإذا بدأ أن عمليات قوى الاحتلال. التحالف
الأنكلو – أمريكية تستهدف السيطرة على العمليات التفجيرية التي تقوم
بها عصابات الإرهاب في العراق وتلقي القبض أحياناً على أفراد منها فإن
ارتياح العراقيين حول ذلك نابع ليس من باب تأييد قوى الاحتلال لصفتها
الاحتلالية للعراق بل للكراهية التي يكونوها ضد قوى الظلام الصدامية
التي أوصلت اللعبة السياسية في العراق إلى هذا المستوى الذي أصبح فيه
غالبية العراقيون إبان حقبة صدام راضون من حيث المبدأ أن يتسلط عليهم
حكم آخر مهما كانت هويته إذا ضمن إزاحة صدام وفريقه السياسي المشبوه عن
دست الحكم في العراق وهذا الذي حدث في العراق نتيجة لممارسات الحكم
السابق الذي أذاق العراقيين ما لم يتصوره عقل طبيعي. ومن المعلوم أن
الانتصار العسكري الذي وقع لصالح القوى البريطانية والأمريكية وما تبعه
في إزالة الحكم الصدامي في 9 نيسان 2003م الماضي عن الوجود لم يكن فيه
شيء ما يثير حساسية الواعون بالعراق بمن فيهم القوى السياسية المعارضة
لحكم صدام بعد أن تيقنت تلك القوى (قيادات وكوادر) أنها غير قادرة (فعلاً)
على القضاء على الحكم الصدامي الذي ارتكز آنذاك في الساحة العراقية على
أكثر من (4) ملايين من العراقيين الذين تعرضوا لعمليات (مسخ الضمير)
وارتضوا بالوقوف لصف إجرام السلطة البائدة وضد شعبهم العراقي.
وهكذا إذ أقيمت علاقات تنسيق لمداراة الأمر
السياسي الواقع الجديد في العراق الذي أنهى حكم عصابة صدام وفريقه
السياسي الذي باع سيادة العراق بالسر، وأنهى أي معنى لاستقلال حقيقي
للبلاد فقد شجع ذلك بعض الموالون (الصداميون العارفون أو اللاعارفون)
بشبهة للنظام البائد لإبداء مواقف سموها بلا أي حياء بـ(المقاومة) التي
هي ليست مقاومة على أية حال لافتقارها إلى الحد الأدنى من شرف الوطنية،
ولعل نظرة حيادية على ما تقوم به عصابات الإرهاب الصدامي المستورد إلى
العراق والمطعم بخبث رموز فريق صدام السياسي مؤكداً قد طال تفجير
المساجد والحسينيات وتفجير أنابيب مياه الشرب وخط أنابيب النفط والغاز
وتسميم المياه وإجراء عمليات الاغتيال دون تمييز بين المواطنين
العراقيين والأجانب ولعل مثل هذه الحقائق قد دعت القوى السياسية
المؤتلفة داخل مجلس الحكم الانتقالي بالعراق وعلى لسان (هوشيار زيباري)
وزير الخارجية العراقي إلى: (أن الحفاظ على الاستقرار يتطلب تسليم
الأمن للعراقيين) ويأتي هذا التصريح بمثابة الدعوة لخطوة عملية ممكن أ،
تساهم في التصرف على عناصر الإرهاب المستورد إلى العراق وتلك مهمة لن
تستطيع القيام بها قوى التحالف – الاحتلال مهما أوتيت من حنكة لأن
العراقيين هم الذين يستطيعون أن يميزوا اللهجة العربية لأولئك المرتزقة
من العربان الجهلة الذين تتبرأ منهم أبسط مبادئ الشعب العربي وأواصر
العروبة الحقة.
إن فريق صدام السياسي بأعضائه المتمردين على كل
ما هو حق ثابت للشعب العراقي لا يمكن أن يكونوا يوماً في صالح شعبهم
العراقي الذي تنكروا له ونكلوا به طيلة فترة زهاء (35) سنة لذلك فإن
تنسيقهم مع قوى الإرهاب العروبي المزيف هو نوع من أخذ الحذر لتأجيل
تشكيل حكومة عراقية عادية لأكثر فترة ممكنة إذ أن تشكيل تلك الحكومة
المرتقبة سيكون منها تنظيم العمل الفوري المسائلة كل العناصر المسيئة
للشعب التي سبق وساندت إرهاب الدولة الصدامية المنهارة ولكن كل الآمال
المحاولة إعاقة انبثاق الحكومة القادمة للعراق ستبوء بالفشل فالحكومة
المستقرة والشرعية مقبلة إلى حكم العراق وإن تفليت أي من الإرهابيين من
الحساب القانوني أمر لا يتوقعه أحد لذلك فحتى تحويل (فدائيو صدام)
الذين تحولت منظمتهم فيه إلى اسم المجاهدين (في سبيل الله) فسوف لن
تنطلي على الحكومة العراقية.. القادمة في شيء فعمليات الإندساس إلى
صفوف الحكم الحالي وامتداده من قبل العناصر الصدامية أصبحت تحت الرصد.
والعراقيون الذين رحبوا بسقوط صدام ويستنكروا
اليوم العمليات الإرهابية في العراق ليسوا بعيدون عما يجري في العراق
وضد العراق، وتوقف العنف في البلاد لا بد منه وأن التظاهرات ضد الإرهاب
في بغداد ومدن عراقية أخرى التي بدأت مؤخراً أكبر دليل على إفلاس
مؤامرة العمليات الإرهابية في العراق. |