لن يتعظ الطاغية، الذي القي القبض عليه اليوم في
العراق، صدام حسين، بمصيره، لأنه انتهى والى الأبد، إلا أن الذي يجب أن
يعتبر بمصيره ويتعظ بنهايته، هم كل طغاة العالم، ومن هم في طريقهم إلى
الطغيان، فلكل طاغية اجل، إنها حقيقة يجب أن لا تغب عن بال العاقل أبدا.
نتمنى أن يعيد طغاة العالم النظر في أمرهم،
ويبادروا فورا إلى الاعتذار من ضحاياهم، ويقرروا حالا تصحيح مناهجهم،
أو التنازل عن السلطة، فمهما تجبروا وتفرعنوا، فسيأتي اليوم الذي يفرون
فيه من أنفسهم وجرائمهم ومما عملت أيديهم واقترفت بحق الناس، فيتركوا
قصورهم الفارهة وجواريهم الحسان وكل الخدم والحشم، ليختبؤا كالجرذان
المرعوبة في بالوعة عمقها سبعون قدما، قبل أن يسحلوا يوم يقوم الأشهاد
بسلسلة طولها سبعون ذراعا، يوم ينادي ألمناد، وقفوهم إنهم مسؤولون.
العراقيون، ومعهم كل الذين يحبون الحرية ويعشقون
الكرامة ويكرهون الاستبداد ويبغضون الديكتاتورية، فرحوا لاعتقال
الطاغية، وبهذه الطريقة المأساوية والمزرية والذليلة.
من كان يصدق أن ـ سيف العرب ـ سيلقى عليه القبض
في بالوعة مجهولة؟.
من كان يتصور أن ـ القائد الضرورة ـ سيعتقل بهذه
الطريقة البشعة؟.
قلبي على زملائه الطغاة، وهم يشاهدون صوره
الموحشة والمرعبة لحظة اعتقاله، وكيف انه يفتح فاه كالبقرة أمام الطبيب
المختص، ليجري عليه الفحص الطبي اللازم.
هل تصور الطاغية الذليل انه سيعيش يوما ما، كما
عاش ضحاياه الذين غيبهم سنين طويلة قي قعر السجون المظلمة، وطوامير
المعتقلات؟
على مدى 35 عاما، ملأ الطاغية الذليل الدنيا،
فأقامها بجرائمه ولم يقعدها، ليجد نفسه في لحظة تاريخية، يستخرج من
بالوعة.
لقد ظن وقتها، أن الفلك سوف لن يدور أبدا بعد
الآن، وان الساعة لن تأت أبدا، وان الله لن يبعث من في البالوعة
والقبور، ظنا منه انه ملك ناصية الدنيا والى الأبد، ناسيا أو متناسيا
أن العزيز الجبار للظالمين بالمرصاد، وصدق رسول الله ـ ص ـ الذي قال
وهو الصادق المصدق ـ إن يوم المظلوم على الظالم، اشد من يوم الظالم على
المظلوم،فاعتبروا يااولي الألباب، فصدام حسين ليس عبرة من التاريخ حتى
تشكوا في روايته، انه حي يرزق، و... يعظ.
نتمنى أن نتعلم ـ نحن العراقيون أولا وقبل أي
إنسان آخر ـ من نهاية الطاغية الذليل، حتى لا تتكرر ظاهرته مرة أخرى،
ونحن على أبواب صياغة معالم عراق جديد، عراق الحرية والكرامة والعزة،
لان صدام ظاهرة وليس شخص، قابلة للتكرار إذا لم ننتبه إلى عوامل
صناعتها
إن الطاغية لا ينتج نفسه، وإنما ينتجه الناس
بسكوتهم عن أخطائه، وتجاوزهم على جرائمه الصغيرة والحقيرة، حتى تكبر
لتملأ البلاد بالمقابر الجماعية.
اقترح أن يصنع من آخر صورة التقطت للطاغية لحظة
اعتقاله ـ بشعره الأغبر ولحيته التي عبث بها الزمان فاغرا فاه ـ تمثالا
عظيما ينصب في بغداد، لنتذكر دائما كيف صنعنا صدام حسين، حتى لا
نستنسخه مرة أخرى في عراقنا الحبيب والجميل، والله هو المسدد، وهو الذي
يهلك ملوكا ويستخلف آخرين، وهو الذي يعز من يشاء ويذل من يشاء،
والعاقبة للمتقين، فهنيئا لكل ضحايا الطاغية يوم أذله الله، فهل من
متعظ؟.
NAZARHAIDAR@HOTMAIL.COM |