إذا ما تمعن المرء بكيفية إتقان خلق الكون
الواسع المترامي الأطراف وما يحويه من أسرار التكوين وطريقة عمل كل
جانب أو جزء فيه أحياناً حيث السماء وما فيها من تشكيلات الكواكب
والأرض وما عليها من ماء ويابسة وزرع وتضاريس لوقف مشدوهاً وهو يفكر
بعظمة الخالق سبحانه تبارك وتعالى.
ما أسهل الفرضيات الوضعية إذا ما أطلقها المرء
تعبيراً عن درجة علمه في مجال معين متخصص به وهذا ما يلجأ إليه العلماء
عادة ولكن الذي يثير بساط البحث حين تختلط الأمور العلمية وينجر بعض
الناس للدخول في تفاصيل حوارية لا جدوى أخيرة منها حين ينحصر الحديث عن
روعة الأداء لشيء في الكون ويتم إهمال المحرك لذاك الأداء فعلماء فروع
الفيزياء الحديثة من غير الآمنين بالله سبحانه عز وجل يعتقدون أن الكون
نشأ تحت تأثير عوامل طبيعية ولكنهم يهملون محرك تلك العوامل وكيف تتحرك
بانتظام لتحقيق غاية علمية ما. وسكوت الرأي العام العالمي عما يقوله
العلماء بشأن تخصصاتهم يبدو فيه الكثير من المهادنة والروح السلمية
متشائمين وينتابهم على الأغلب شعور المنتظر أمراً ما ليثبت أو ينفي أو
يطور ما يقوله هذا العالم أو ذاك بمجال تخصصه العلمي المحدود على أية
حال.
إن خلق الكون معقد جداً وما توصل إليه الإنسان
في فك بعض رموز أسراره لا يعدو أكثر من نسبة لا تساوي نقطة ماء في بحر
هائج إلا أن ما يمكن القول به أن حالة التخبط في نفي نظرية ما بواسطة
نظرية لاحقة يصدقها الناس كل في زمانها وبكل عفوية هي مسألة طبيعية
و(المؤمنون بالله) يؤيدون بعض نظريات أو أجزاء من نظريات الكون على
اعتبار أنها تتحدث عن الأداء وليس إلى محرك الأداء وفقاً للشروط
الفيزيائية أو الكيميائية أو شروط التجاذب بين المواد بما في ذلك ما
يتعلق بنظرية الجاذبية الأرضية التي أوضح أداءها (اسحق نيوتن).
إن في محاولة أعطاء تفسير أخير لنشأة الكون
مسألة مازالت عصيبة على الفكر العلمي لذا توجه بعض العلماء المعاصرون
لاستقراء مستقبل الكون عسى أن يجدوا في تخيلهم عما سيكون عليه
بالاستناد لما هو سائد في تحكمات نظرية معززة ببعض أو العديد من
الوقائع ما يشفي الغليل العلمي والسؤال الذي تداوله الأوساط العلمية
العالمية حالياً هو: ما هو مستقبل الكون؟ وكيف ستكون حياة الإنسان على
الأرض في نهاية القرن الحادي والعشرون هذا.
أكيد أن الكون في عيون العلماء عادة هو غير ما
في عيون الناس العاديين فالكون الواسع في انطباع الناس العاديين هو
مشاهد عظيمة يقف وراء تكوينها الخالق الأعظم الله – علت أسماؤه الحسنى
– لكن أنظار العلماء فيها متابعة مباشرة للتغييرات الجارية داخل المجرة
الكونية بواسطة أجهزة الرصد العلمية للكون وما فيه وما يحتمل أن يحويه
من مخلوقات في كواكب أخرى.
ففي تطور علمي حديث بقول علماء بأن هناك (مصدر
ما) هو الذي يزود هذا الكون بالماء منذ نشأته الأولى فبعد استخدام
الأشعة تحت الحمراء بواسطة التلسكوب الأوربي ISO والذي أثبت وجود كميات
كبيرة من الماء حول النجوم والكواكب وفي أماكن سحيقة من الكون وهي
المرة الأولى التي يؤكد فيها علماء الفضاء توفر عناصر مناسبة لوجود
حياة خارج كوكب الأرض.
وتعليقاً على هذه النتائج يقول روجر بونيه، مدير
هيئة الفضاء الأوربية صرح به منذ فترة من لندن: (إن وجود الماء على
السطح (تيتان) أكبر أقمار كوكب زحل، يؤكد توفر العناصر الأساسية التي
سادت على الأرض منذ (4.5 بليون سنة) قبل بزوغ أول مظاهر للحياة) وقال
البروفيسور دينهارد جينزل في مؤتمر صحفي، عقد في لندن أيضاً: (أن
الدهشة استحوذت على علماء الفضاء الأوربيين بسبب وجود هذه الكميات
الضخمة من المياه في مناخ شديد البرودة، إذ كان يجب أن تتجمد هذه
المياه في الفضاء طبقاً لمبادئ الفيزياء البسيطة والتي نعرفها منذ
الصغر).
وحول لغز الأشعة تحت الحمراء فيعتقد بعض العلماء
أنها ستعيد رسم خريطة الكون. هذا بوقت يتطلع المتابعون لتطورات العلم
أن يصبح الحلم حقيقة ويصل بنو البشر إلى النجوم ليعيشوا على سطحها لأي
فترة يرغبون حيث بدأ شعار (العالم بيتي) ينتشر أولاً لدى الذين يملكون
نظرة تفاؤل بالمنجزات العلمية المعاصرة التي جعلت من العالم مساحة
مكبوسة إعلامياً يستطيع المرء أن يلاحظ ما فيها تحت أحسن الظروف من
متابعات عمومية لشؤون البشرية وكونها أيضاً في جوانب ليست قليلة منها. |