دعت مؤسسة الامام الشيرازي العالمية – مقرها
واشنطن – في بيان لها بمناسبة الذكرى السنوية الثانية لرحيل المجدد
الثاني الامام السيد محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره) ‘– دعت فيه
المسلمين الى احياء منهجية الراحل في الفكر و العمل ، بما يساهم في
تمكين الامة على مواجهة التحديات التي تواجهها .
ادناه نص البيان:
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله العظيم ( يرفع الله الذين امنوا منكم و
الذين اوتوا العلم درجات).
تمر علينا هذه الايام الذكرى السنوية الثانية
لرحيل واحد من ابرز مراجع الدين و علماء المسلمين‘ الا وهوالمجدد
الثاني الامام السيد محمد الحسيني الشيرازي ( رضوان الله تعالى عليه )
الذي صرف عمره الشريف في العلم و العمل والجهاد في سبيل الله تعالى ‘ و
في تأصيل القيم الحضارية الاسلامية ضمن اطار مدرسة فكرية متميزة امتدت
على مدى اكثر من نصف قرن من الزمن .
لقد ترك الامام الراحل‘ موسوعة ضخمة من المؤلفات
الفقهية و العلمية القيمة التي تصلح لتشييد بناء حضاري متكامل ‘ سواء
على الصعيد الاجتماعي و الاقتصادي ام على الصعيد الحركي و السياسي ام
على سائر الاصعدة.
و بمطالعة دقيقة لتراث الامام الراحل ‘ يتضح ان
مدرسته الحضارية تميزت بخصوصيات فكرية ومنهجية قل نظيرها ‘ يمكن
اجمالها بما يلي:
اولا: الخصوصية الفكرية و الثقافية الشمولية ‘
التي اصلت للعديد من القضايا الحساسة و الهامة المسكوت عنها في الفكر
الاسلامي ‘ مستوحيا خطها العام من القران الكريم و مدرسة ائمة اهل
البيت ( عليهم السلام )‘ في اجتهاد فقهي مشهود.
ثانيا: الخصوصية العلمية و البحثية ‘ و هو ما
اعطى لنتاج الامام الراحل عمقا علميا و قيمة بحثية عالية .
ثالثا: الخصوصية الاخلاقية والتربوية و الروحية
‘ التي تميزت بها سيرة و نتاج الامام الراحل .
رابعا: الخصوصية العملية ‘ فلقد اقترنت نظريات
الراحل بكم هائل من المؤسسات و المشاريع العملية‘ والتي سعت ولا تزال
الى تحويل نظرياته وأفكاره النهضوية إلى مشاريع عمل حقيقية و واقعية
‘وذلك ما عرف عنه بدعوته المستمرة لمأسسة المشاريع والاعمال لتضرب
بجذورها في ارض الواقع ‘ لتحصينها من الزوال فلا تنتهي بموت العامل او
تتوقف برحيل الشخص او الاشخاص القائمين عليها .
خامسا: الخصوصية الجهادية و التغييرية ‘ التي
صبغت منهجية الامام الراحل بشكل واضح ‘ فلقد كان من دعاة التغيير
الجذري الايجابي الشامل ليس لاوضاع الامة الاسلامية فحسب و انما لاوضاع
كل البشرية ‘ كون الاسلام دين الله تعالى الى الناس كافة.
الى جانب هذه الخصوصيات ‘ فقد تميزالامام الراحل
كذلك باهتمامات أساسية أوفريدة منها:
1 – البعد السياسي و الدولي في فكره الشمولي .
2 – تبليغ رسالة الاسلام العالمية الى بلاد
الغرب والى الناس كافة .
3 – اهتمامه بتوجيه خطابه وبيانه الى مختلف
شرائح المجتمع‘ فلم يكن بيانه للنخب خاصة‘ او لفئة دون اخرى‘ و لذلك
نجح في التاثير على مختلف الشرائح الاجتماعية ‘ كما تبنت فكره مختلف
طبقات المجتمع .
كما سعى الامام الراحل الى التاسيس لاثارات
فكرية تجديدية تتميز بالاصالة و تواكب العصر ‘ من خلال تقديم الاسلام
كفكرشمولي يستوعب كل جوانب الحياة.
اضافة الى انه تميز بالنتاج الفكري والابداع
الثقافي الذي اقتحم به مناطق الفراغ الحساسة ‘ كالسياسة والقانون
والحقوق والسلطة و البيئة و الاجتماع والاسرة والمرأة و غير ذلك ‘ فأصل
لها و شرعن مسائلها المتجددة بما يتلائم مع الواقع الانساني المتطور‘
من دون التجاوز على الاصول ‘ و لذلك فقد جاء نتاجه الفكري اصوليا
تجديديا ‘ و ثابتا متغيراعلى حسب مساحتي الثابت والمتغير في الشريعة ‘
سعى الى ان يجيب على كل ما تطرحه العولمة الحديثة من اسئلة و استفسارات
و قضايا مستحدثة ‘ بل سعى كذلك الى ان يثيرالكثير من الاسئلة و الحاجات
المستقبلية المفترضة ليجيب عليها‘ سابقا بذلك الزمن والحاجة الانية .
لقد فقد المسلمون برحيل المجدد الثاني الامام
الشيرازي (قدس سره) مرجعا دينيا شموليا متنورا نجح في تطوير و تأصيل
الفكرالاسلامي بما يتلائم و حاجات العصر و الأمة الإسلامية ألان أحوج
الى احياء و تنشيط منهجهه الفكري والعملي في هذه الظروف الحساسة و
المنعطفات المصيرية التي تمر بها اليوم ‘ و هي مشغولة بتحديات البناء
الحضاري وا لنهوض المدني و المواجهة الفكرية و العولمة ‘بالاضافة الى
خطر العنف والارهاب و التشويه الذي يتعرض له الاسلام والمسلمون في
العالم ‘ خاصة و ان الامام الراحل يعد المنظر الاول للاعنف خلال النصف
الاخيرمن القرن الماضي .
نسأل الله عزوجل ‘ للفقيد الراحل العظيم علو
الدرجات و عظيم الاجر والمثوبة‘ و للمسلمين مزيد التوفيق و التسديد و
للبشرية الامن و السعادة.
انه سميع مجيب واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.
|