أمور كثيرة بدأت تعاد إلى نكهتها الطبيعية التي
عرفها العراقيون أو التي طمحوا إليها في لحظة فنتازيا بعد زوال كابوس
النظام البائد في نيسان 2003م الماضي، وكل شيء نشاز في العراق بدأ يلغى
ليحل محله كل ما هو طبيعي وهذا ما يزرع الأمل بأن مواطني العراق
سيعيشون معززين مكرمين في وطنهم الجميل.
وبحسب تصريح الدكتور موفق الربيعي لوكالة فرانس
بريس قبل أسبوع أن مجلس الحكم الانتقالي الذي يشغل عضويته: (أن المجلس
شكل لجنة تتألف من عدة أعضاء لبحث ثلاثة أمور رئيسية الأول تغير شعار
العراق الذي يرمز له بـ(النسر.. والنشيد الوطني العراقي والعلم)..
وفي التفصيل الأولية فإن شعار العراق سيصار على
الأغلب إلى إعادة اعتماد الشعار الذي كان يستخدم في عهد الزعيم عبد
الكريم قاسم الذي كان يتألف من دائرة شعاعية وعجلة وسنبلة وسيفان عربي
وكردي. وهي خطوة نحو توثيق كل الأشياء التي فيها إشارة عن التعبير
الأصيل للتراث العراقي وضمن خطة التخلص من كل ما يذكر بالنظام السابق
المنحل. أما فيما يتعلق بالنشيد الوطني العراقي فإنه سيصار على الأرجح
إلى إعادة النشيد العراقي القديم الذي يبدأ مطلعه بـ(موطني موطني) حيث
يشير هذا النشيد إلى الانتماء الحقيقي للوطن العراقي. وبخصوص علم
العراق فهناك عدة اقتراحات يبث بدراستها حالياً منها مقترح للإبقاء على
ألوان العلم العراقي التي كان يتألف منها وهي الأسود والأحمر والأخضر
والأبيض الذي كان صدام الكافر قد وضع عليه وبخط يده الأثيمة عبارة (الله
أكبر) والله منه براء.
ولأن التنفس بأنسام الحرية (ولو الجزئية منها)
أصبح مسموحاً لكل العراقيين فقد اتفق اتحاد الصحفيين العرب والاتحاد
الدولي للصحافيين على تشكيل وفد مشترك لزيارة العراق وتقصي أوضاع
الصحافة والصحافيين في ظل الاحتلال وإجراء حوار مع جميع الصحافيين
العراقيين. وقال مصدر في اتحاد الصحافيين العرب الذي مقره في القاهرة
بأن الاتحاد ومعه الاتحاد الدولي للصحافيين ومقره في بروكسل (يؤكدان
على اهتمام الاتحادين العربي والدولي على مساعدة الصحافيين العراقيين
في تخطي مشاكلهم الراهنة وإعادة توحيدهم من دون تفرقة سياسية أو عرقية
أو طائفية في نقابة واحدة، وتأتي مهمة الوفد في إطار برنامج التعاون
والتنسيق المشترك بين الاتحادين العربي والدولي المعروف باسم (إعلان
الرباط) الموقع بينهما في نيسان 2003م الماضي.
ومع أن الحيوية قد أعيدت إلى المقاهي في المدن
العراقية إلا أن للمقهى البغدادية ميزة فريدة من نوعها إذ يمكن
اعتبارها برلمان مصغر للرواد داخل المحلة الواحدة وتاريخ المقاهي في
البلاد يمتد إلى حقبة العهود العباسية حيث كانت مقرات المقاهي داخل
الخانات لكن حلول شهر رمضان المبارك هذه السنة قد جعل الذاكرة العراقية
تزداد حنيناً لإجراء لعبة المحيبس التي يرافقها عادة توزيع البقلاوة
والزلابية الفاخرة، أما الأخوة المسيحيون في العراق بطوائفهم الثلاث
هناك فقد عقدوا مؤتمراً سياسياً تحت شعار (وحدتنا وحقوقنا) وقد أسفر عن
تأسيس مجلس كنائسي مستقل يكون كفيلاً بأسماع صوتهم على اعتبار أن
المسيحيين في العراق يؤلفون جزءاً لا يتجزأ من الشعب العراقي.
وفي الشمال حيث الأكراد العراقيون فقد تم
ومبادرة من برلمان الطفل العالمي وحضور مندوبين عن أطفال المحافظات
العراقية الذين ارتدوا زياً موحداً في دلالة واضحة على وحدة العراقيين
في ظل العراق الجديد، حيث أفتتح قبل أيام في مدينة السليمانية أول
برلمان للطفل في الشرق الأوسط، ودشن أطفال العراق خلال مراسم الافتتاح
مستقبل بلادهم في ظل الديمقراطية والتعددية.
وعن أداء خدمات دفع قوائم الكهرباء أو الماء أو
الهاتف بواسطة الكمبيوتر من دون مراجعة الدائرة المختصة وهي عملية تصب
في خدمة الفرد والمجتمع فقد أعلن الدكتور رشاد مندان عمر وزير العلوم
والتكنولوجيا العراقي في مؤتمر صحافي عقده ببغداد قبل أيام: (إن
الوزارة بدأت بخطوات لإقامة نظام (القرية الذكية) التي ستكفل في
المواضيع الآنفة: بالاعتماد على الكمبيوتر.
وفي جنوب العراق تبرز إشراقات عراقية أخرى ومن
نوع ممتاز فبعد طول انتظار بدأ السكان المحليون في مناطق الأهوار
يأخذون على عاتقهم بمحاولة إعادة الحياة إلى الأهوار وإعادة غمر
الأراضي بالماء تدريجياً وبحسب ما نشرته مجلة (نيو ساينست) الشهيرة
بتقرير لها نشر في عدد جديد لها: (أن فريقاً دولياً من خبراء
المستنقعات تدعمهم وزارة الخارجية الأمريكية يخططون لإعادة الماء إلى
الأهواء في العراق) ومعلوم أن الأهوار ظلت تعيل سكانها طيلة (5000 سنة)
لكن إنشاء 32 مشروع سد على مجرى النهرين دجلة والفرات وتعمد تجفيف
الأرض تدريجياً من قبل نظام صدام المعادي للشعب قلص حجم الأهوار إلى
زهاء (5%) فقط من حجمها السابق.
هذا وكان يوم الجمعة الماضي 12 رمضان الموافق 9
تشرين الثاني 2003م قد شهد مهرجاناً أقامه أطفال العراق في منتزه
الزوراء ببغداد حيث طيرّوا فيه مئات الطائرات الورقية الملونة في سماء
المنتزه تعبيراً عن فرحتهم بعودة الحرية الجزئية لهم وقد اعترى كل منهم
الأمل للظفر القريب المحتم بحريتهم الكاملة والمسؤولة، حرية
الديمقراطية الحقة لكل العراقيين. |