إن أتعس نوع من المعاقين هم أولئك الذين فقدوا
جزءً من الجسم بعد أن كانوا يملكونه.
عالم المعوقين يكاد أن يكون منسياً أمام
التداولات الإنسانية الواسعة وخاصة في ظل الظروف السياسية الدولية
الراهنة التي تبالغ في توجهاتها من أجل حقوق الإنسان حيث أن الجدية لم
تصل بعد جانب المعوقين بصورة فاعلة ورغم أن بعض الاستراتيجيات
الاجتماعية المبتناة من قبل بعض الحكومات بهذا المجال مصرح بها إلا أن
حجم المشاركة الفعلية من أجل تقديم خدمات إنسانية أكبر للمعوقين مازالت
مسألة تتراوح (بين بين) كما يقال.
وجدير ذكره أن مؤتمر بكين الأخير الذي كان
تظاهرة عالمية تثبت حقوق المعوقين بعد أن أجريت فيه مناقشات شاملة حول
استراتيجية القرن الحادي والعشرين هذا حيث طالب المعاقون وممثلوهم
تحقيق مبدأ المساواة بين المعاقين والأصحاء في مجالات عديدة ولعل أهم
ما جاء في مقررات المؤتمر هو الإعلان لضرورة التأكيد على إقرار ميثاق
دولي يحمي كل المعاقين من أي تجاوز ومهما كان نوعه بما في ذلك التعويض
الإنساني عن حالة الإهمال العائلي على اعتبار أن كل فرد في المجتمع
ومنهم المعاقين أن يؤمن على حفظ كرامتهم بعد أن أبدى المؤتمرون أن
مسؤولية أخلاقية تقع على البشرية من أجل مساعدة المعاقين على حياة أفضل
فمن أجل (600) مليون شخص معاق يعانون من التهميش ومجهولية المصير يفضل
أن يتم النظر إلى شريحة المعوقين والانتباه للمساهمة في تأهيل كل فرد
فيهم يستطيع أن يساهم بعمل ما يحفظ كرامته الشخصية وعلى قدر امكاناته
الملائمة لنوع أو درجة إعاقته.
ومما لا يمكن نكرانه أن جموع غفيرة من المعوقين
تلقوا مساعدات جزئية من العديد من هيئات ومؤسسات الأمم المتحدة.
إن الناس الطيبين في العالم يعبرون عن مدى القلق
من تفاقم أوضاع النساء والفتيات المعاقات حيث يعانين من الإبعاد
الاجتماعي والتجاهل بما يجعل حياتهن في مهب التعقيد أكثر من النظرة
إليهن وبذا فإن كل المعاقات يحتجن إلى تضامن إنساني أكثر وبالذات داخل
جدران مؤسسة البيت العائلي ويمكن لو أن تنسيقاً أكبر قد تم بين
المنظمات الدولية العاملة في حقول الرعاية الاجتماعية لكان الحال أفضل
بالنسبة لشريحة المعوقين الذين يتطلعون إلى عطف ورعاية كاملة وذات
ديمومة بسبب قلة الفرص في استحصال الرزق لديهم مع تهيئات أمور التعليم
لهم وضمان المشاركة في مسؤوليات الوظائف والأعمال الملائمة لهم خصوصاً
وأن من بينهم موهوبين يمكن أن يقدموا خدمات جليلة لمجتمعاتهم قبل
أنفسهم.
والحكومات المخلصة لمجتمعاتها تحرص على كشف
الحقائق والتصدي لكل أنواع الإعاقة للإنسان إينما تواجد في بلدها الذي
تحكمه فهي تقتحم كل مجال من أجل أن لا يكون هناك ظلم لأحد وبالذات
المعاقين الذين يعانون في أحيان ليست قليلة من الشعور بالنقص إلا أن
الأمل عند المعوقين الذين قرؤا كثيراً عن العولمة بأن انفتاح سياساتها
ستكون في صالحهم.
طبيعي أن هناك أنواع من الإعاقات كالإعاقة
النفسية وإعاقة الصدمة النفسية أو الإعاقة الناتجة عن آثار المرض
النفسي والى آخر تلك الإعاقات ومن الأمراض النفسية التي تلاقي صعوبة في
العلاج وتأخر بالشفاء منها هي تلك الأمراض التي يمتنع المرضى النفسيين
من البوح بأسرارهم فيبقى مرضهم يتفاعل سلباً في نفوسهم وثم ينعكس ذلك
على عموم علاقاتهم العائلية والاجتماعية.
وهناك نوع مفارق من المعوقين أي أن هناك من لا
يعتبرهم كذلك كالأشخاص السمان بصورة مفرطة ولعل البدانة الفائقة عن
الحد الطبيعي سبب رئيسي في العجز عن التحرك بأريحية داخل المجتمع،
وربما اعتبر مضى (الصرع) معوقين مؤمنين فإن إصابتهم بنوبة صرع بشكل
مفاجئ قد تؤدي بحياتهم إذا ما صادفت وقوعها بتوقيت مكان غير مناسب مثل
الإصابة بالصرع المفاجئ عند عبور الشارع وقدوم سيارة مسرعة لن يستطيع
سائقها ملافاة الموقف قبل أن يدهس المصروع الذي يكون في تلق اللحظة في
غيبوبة فقدان الوعي.
هذا وكشف تقرير مصري أن للعوامل البيئية دوراً
في الإصابة بالإعاقة بكل أنواها وأشكالها ويزيد أثرها بزيادة عدد
المصانع ووسائل النقل وينتج عن ذلك تلوث الهواء والماء.. والضوضاء التي
تؤثر على السمع وتزيد خطورتها في الأماكن المزدحمة وأثارت الدراسة التي
أجراها خبراء المجالس القومية المتخصصة في مصر أن العدد التقريبي
للمعاقين في مصر يناهز (6) ملايين شخص 68% منهم ذكور و(32%) إناث،
وهؤلاء المعاقين يعانون بطريقة و أخرى من سياسات التمييز العائلي
والاجتماعي لهذا فقد اختاروا طريق التقوقع على أنفسهم.
ومن مصائب ومصاعب الحياة عند المعوقين أولئك
الذين فقد الذراعين معاً أو الساقين، وتحدي الإعاقة في كل الأحوال
يحتاج إلى إرادة قوية قاهرة.
إلا جانباً آخر مثيراً للجدل حول المعاقين ومدى
أحقية استمرارهم في الحياة وهل يجوز قتل الأطفال المعاقين مثلاً قد دعا
إلى تنفيذه البروفيسور (بيتر سينجر) وهو أستاذ العلوم الأخلاقية بجامعة
(برينستون) في أستراليا حيث دعا إلى قتل الأطفال المعاقين لهذا أثارت
آرائه ردود فعل متباينة فالبعض رأي أن من حق أي أستاذ أن لا يُمنع من
الجهر بآرائه أيا كانت درجة اختلافها مع الآخرين إلا أن البعض الآخر
أثار التساؤل حول أسباب اختيار الجامعة وإعطائها مقعداً لأستاذ من دعاة
قتل الرحم وقتل المعاقين في وقت من المفترض أن تكون فيه الجامعة منارة
للقيم الإنسانية الرحيمة؟!! |